الأساس النفسي والمعرفي لبناء المنهج

الناقل : Asma saeed

الأساس النفسي والمعرفي في بناء المنهج

يبدأ تكوين شخصية الفرد وبناءه من المدرسة، ليكون عضوا فاعلا في مجتمعه، وعنصراً نافعاً لنفسه ولغيره، ويكون ذلك من خلال عملية تربوية متكاملة، تبدأ بإعداد المنهج على أسس سليمة، بحيث يكون قادرا على مواكبة حاجات المتعلم ومتطلباته واتجاهاته ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.

يعرف المنهج بمفهومه الحديث على أنه مجموعة من الأنشطة التربوية التي تعدها المدرسة للمتعلم سواء داخل الصف الدراسي أو خارجه بغرض مساعدتهم في تحقيق نمو متناسق في مختلف جوانب الشخصية.

وببساطة، يمكن القول أن المنهج الحديث يجعل من المناهج الدراسية وسيلة تساعد المتعلمين على تحقيق النمو الشامل والمتكامل.

إن المنهج الذي لا يقوم على أسس سليمة سوف يكون محكوم عليه بالفشل وبالتالي ضياع الأجيال الناشئة التي تمثل مستقبل الأمم والشعوب وثروتها القومية التي تعمل على تنميتها وحمايتها وتوجيهها نحو المستقبل وفق نظريات علمية وتربوية متينة.

ولتحقيق هذه الغاية فقد تم تحديد أربعة أسس يقوم عليها المنهج عند بناءه لكي يكون قادرا على مراعاة كل جوانب شخصية المتعلم ومراعيا للمراحل العمرية المختلفة ودون إغفال للفروق الفردية بين المتعلمين

فالأسس التي يبنى عليها المنهج المدرسي هي الأسس الفلسفية والأسس النفسية والأسس المعرفية والأسس الاجتماعية

وسوف نكتفي في هذا المقال بتناول الأساس النفسي والمعرفي في بناء المنهج.

الأساس النفسي للمنهج التربوي يعني المبادئ التي توصلت إليها البحوث والدراسات النفسية والمتعلقة بطبيعة المتعلم ومراحل نموه وخصائص كل مرحلة والميول والقدرات والاستعدادات لديه، كما يراعي المنهج طبيعة العملية التعليمية في أثناء وضع المنهج وفي مرحلة التنفيذ.

ويعتمد الأساس النفسي للمنهج على ركيزتين أساسيتين هما: نمو المتعلم وعلاقته بالمنهج والتعليم وعلاقة ذلك بالمنهج، وكذا ميول المتعلم وعلاقته بالمنهج.

يمر المتعلم بمراحل نمو ينبغي أن يتم مراعاتها أثناء بناء المنهج بحيث تراعي كل مرحلة عمرية وأن تربط بين ما قبل وما بعد بحيث تسير في اتساق ووئام كما تراعي الانتقال بشكل تدريجي للمرحلة التالية وليس بصورة مفاجئة.

ولأن كل فرد له معدل نمو يختلف عن الآخر في مختلف جوانب نمو الشخصية سواء في الجانب العقلي أو المعرفي أو الانفعالي أو الوجداني أو النفسي، فقد تجد شخص ينمو في الجانب العقلي أكثر من أقرانه، كما قد يسبق النمو الانفعالي لشخص ما أقرانه.

يجب أن يراعي المنهج مراحل النمو، ففي جانب النمو الجسمي يجب على المنهج أن يقدم للمتعلمين ألعاب تتناسب مع كل مرحلة نمو ويراعي الفروق الفردية بينهم، أما في مرحلة النمو المعرفي فينبغي أن يتضمن المنهج مواضيع متنوعة من حيث درجة الصعوبة ومستويات الحفظ والفهم والتطبيق والتحليل والتركيب)، وفي مرحلة النمو الوجدانية يجب أن يراعي التعامل مع الانفعالات الوجدانية المرافقة لكل مرحلة عمرية، فسلوكيات الفرد ونمو انفعالاته لا يمكن التحكم بهاـ، فهي مرتبطة بمجموعة من العوامل والخبرات والمواقف السابقة.

وفي جانب الميول فلا بد أن يأخذ المنهج بعين الاعتبار اتجاهات المتعلم المرغوب فيه وأثره عليهم بحيث تكون النشاطات متنوعة لتحقيق الأهداف التربوية، وتعديل السلوكيات الخاطئة التي تظهر بين المتعلمين في كل مرحلة عمرية.

فدراسة الميول تساهم في جعل المواد الجامدة متحركة وسعيدة، كما تساهم في التنبؤ بتصرفات الأفراد وأداءهم، وتساهم في تنسيق العمل داخل الصف المدرسي.

أما الأساس المعرفي: فهو يتعلق بتوفير المعلومات الكافية للمفاضلة بين موضوعات المنهج إلى جانب ما تتضمنه من دقه المعلومات التي يحتويها المنهج.

إن طبيعة المعرفة تقوم على معرفة طرق التعليم والتعلم وما تتضمنه من معرفه، والمتمثلة في مجموعة المعتقدات والمفاهيم والمعلومات والأحكام والحقائق أثناء محاولات المتعلم لفهم وتفسير الظواهر التي تحيط به.

اعتبار المعرفة غاية لا يساويها غاية في الأهمية حيث تتم توظيف كل الخبرات والإمكانيات والجهود لإيصال المعلومات إلى عقول المتعلم لم تعد مقبولة في نظريات بناء المناهج الحديثة، فالمناهج الحديثة تبنى على أساس معرفي يجعل من المتعلمين محور بناء المنهج، فتكون بذلك خبرات المتعلم السابقة واتجاهاته وميوله أساس لاختيار المحتوى المعرفي للمنهج وطريقة تنظيمه وعرضة في موضوعات تكون مرتبة بطريقة تساعد في تحقيق الغاية منها.

ينبغي أن تتضمن المناهج الدراسية في الجوانب المعرفية ما يلي:

-       المعرفة الدينية المتعلقة بعلاقة الإنسان بخالقه وإيمانه بما جاء به الأنبياء والرسل.

-       المعرفة الحدسية القائمة على استنارة البصيرة

-       المعرفة العقلية التي تتكون نتيجة لاستخدام العقل وبطريقة منطقية.

-       المعرفة الحسية والمتمثلة في الحواس الخمس.

-       المعرفة التجريبية التي تتكون بفعل التجارب والأحداث التي يمر بها المتعلم.

-       المعرفة النقلية والتي تنتقل من جيل لآخر.

كما تعد خصائص نمو المتعلم وطبيعته أساسا في البناء المعرفي للمنهج وهي كما يلي:

-       النمو عملية عقلية: وهذا ما يحتم ضرورة أن يتضمن المنهج المدرسي موضوعات متنوعة ومتدرجة تراعي كل مرحلة عمرية.

-       النمو عملية متواصلة ومستمرة: فحالة المتعلم الحالية هي نتاج لما كان عليه في المرحلة السابقة، كما أنها تساهم بصورة كبيرة في تشكيل حالة المتعلم في المستقبل، فالتغيرات متدرجة وتؤثر كل مرحلة في المرحلة اللاحقة كما تأثرت هي بالمرحلة السابقة.

-       النمو يتضمن جميع جوانب الشخصية.

وبقدر مراعاة المنهج أثناء بنائه للأسس المختلفة فإنه سيكون مناسبا للمتعلمين، ويساعد في تلبية حاجات المتعلمين وتنمية مهاراتهم واتجاهاتهم، وتعزيز دافعيتهم للتعلم واكتساب المعرفة بما يتناسب مع ميولهم واتجاهاتهم.

 

 

 

 

المراجع:

-       حجازي، محمد أحمد ، الأسس النفسية ( التلاميذ والمناهج) 6مايو، 2014م

-       حسن، عبده على محمد، رؤية مستقبلية للمناهج المدرسية، مجلة العلوم التربوية والنفسية، كلية التربية، جامعة البحرين، 2001م.

-       الحسين، د. أحمد محمد، صناعة الكتاب المدرسي منتج محكم عمليا يشمل عمليات تفصيلية للتخطيط والتنفيذ والتقويم، مركز الحسين للاستشارات والبحوث والتدريب، الرياض، 1438ه.

-       الخليفة، حسن جعفر، المنهج المدرسي المعاصر، مكتبة الرشد، الرياض، 2005م.