حوار في منتصف الليل .. قصة

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : أبو فريد | المصدر : redeagle.ahlamontada.com


http://girls.bnat.cc/images/14/01/images_yv6g.jpg

( في وقت متأخر من الليل ، يجلس الشاب الوسيم " القلب " في زاوية من البيت ، وعيناه تحملقان في سماء الغرفة وتتدافع دقاته كأنما أحد يطارده أو يخيفه ، شيء ما يجول في خاطره ، ودقات الساعة تتراقص مع طبول دقاته )

القلب ( بحزن وأسى ) : لقد قالها بملء فمه ، جاءني وطرق الباب وهتف بأنه يحبّني ، لكنني لم أستطع الجواب ، العقل بسطوته لجّمني وحرمني من لحظة كنت أنتظرها منذ زمن ، لكنه كعادته بقسوة وانتحار قال " لاءته " المجحفة في وجهي وفي وجه من وقف يناديني بالباب .

( العقل يتابع من بعيد صديقه القلب منزعجاً من صوت طبوله القادمة من هناك معلنة حالة الاستنفار ، يفكر في أمر صديقه المزعج ، ثم ينزل ليتابع عن كثب ما يدور في ساحته هناك )

( وصل العقل بيت القلب يحمل عكازه الخشبي بحكمة ووقار، ثم دق الباب )

القلب ( مرتبكاً ): من بالباب .

العقل ( بهدوء ) : أنا صديقك العقل ، افتح الباب .

القلب : ما الذي جاء بك إليّ في هذا الوقت المتأخر من الليل ، ألا يكفيك ما صنعته بالأمس .

العقل ( معاتبا ) : قل لي في البداية تفضّل ، ثم اسألني بعد ذلك عما تريد .

القلب (يتراجع) : أنا متأسف ، تفضل يا صديقي ، ولكني أستغرب قدومك ، أنا بحاجة إليك رغم أن حكمتك تتعبني أحياناً وتقسو عليّ .

العقل : لقد منعني سباق الطبول من النوم ، فجئت أعرف ما الخبر ؟!.

القلب ( مستغربا) : طبول !! أين هي ، ومن أين جاءت ؟

العقل : أقصد دقاتك التي كانت تتسابق مع دقات عقارب الساعة فمنعني ذلك من النوم .

القلب : معك حق ، لقد طار النوم من عيني ، وتشتّت أفكاري ، وكدت أنادي عليك ، بعدها وجدتك تقف بالباب .

العقل : نحن صديقان لا يفترقان أبداً ، ولهذا جئت إليك علّني أساعدك .

القلب : هذا صحيح .

العقل : والآن ، ماذا بك ؟ وما الذي يمنعك من النوم حتى هذه الساعة المتأخرة من الليل ؟ .

القلب : من أين أبدأ لك حكايتي ؟ .

العقل : ابدأ من حيث شئت .

القلب : لا أعرف بالضبط متى كانت البداية ، ولكنه شيء ما بدأ يغزوني منذ فترة والآن تملّكني وأصبحت أسيراً له .

العقل : إذن هو الحبٌ يا عزيزي .

القلب : نعم ، حبٌ يكاد يخلقني من جديد .

 

العقل : يا لك من قلبٍ ضعيف ، تفتح ذراعيك لأي نسمة تمر من أمامك ، ودائماً تحب أن تكتب بداياتك بعيداً عني وكأنني لست شريكك أو رفيق دربك ، وكأنني خصمك سأقاسمك هذا الحب .

القلب : لا تظلمني يا صديقي ، فأنت تعرف الحكاية ، وقد كتبت نهايتها بيدك قبل أن أعيش البداية .

العقل ( بلهفة ) : إذن أنت مجنون ، عن أي حب تتحدث ، هل نسيت جرحك القديم ؟

القلب : لكنه أسرني وعشعش في كل خلية في جسدي .

العقل : أنت مجنون حقاً ، ولن أدعك تمضي مرة أخرى في هذا الطريق ؟

القلب : وأنت قاسٍ جداً ولقد ذبحتنا سوياً يوم أن فجّرت في وجهي " لاءتك " الغبية .

العقل : ماذا تعرف عنه لتحبه كل هذا الحب ، ربما كان شيطاناً جاء يتلذذ بضعفك وهوانك !!

القلب : صدقني لو قلت لك بأنني أحس بأنه خلق معي وخلق لي ، أحس بأنني أعرفه منذ زمن بعيد !!

العقل : أنا شفقت بحالك وحسمت الأمر مبكراً لأنني أعرف تبعاته جيداً ، ولا أريدك أن تغرق في معمعان هذا البحر مرة أخرى .

القلب : لقد عاد مكسور الوجدان ، لملم كرامته التي تبعثرت عند بابي كأنما يجمع فتاتاً من زجاج ، ودم حار ينزف من يديه فملأ جنبات المكان .

العقل : لا عليك فغداً تنسى وهو ينسى كل شيء ، وبعدها تسير الأمور كأن شيئاً لم يكن .

القلب : لكنني أحبه ، أريدك أن تعي ذلك جيداً ، أنا بحق أحبه .

العقل : مرة أخرى تحدّثني عن الحب ، قلت لك أنا مثل الخيل ، أفرد جناحاتي في السماء وأطير فيها مثل الحمام ، لا أحب أن يروّضني أحد أو أن يشدّ وثاقي ويلجّمني .

القلب : لكنك لا تعرف الحب يا عزيزي ، الحب يخلق أكواناً لا نعرفها فنحلّق فيها حيث لا زمان ولا مكان .

العقل : دائماً تتعبني بضعفك وتأخذني مرغماً لساحة أهزم فيها .

القلب : وهل ستأتي معي هذه المرة !!

العقل : لقد قلت كلمتي ، وانتهى كل شيء .

القلب : بالعكس ، إنها البداية يا عزيزي ، وغداً إن جاء مرة أخرى فسأقول هذه المرة كلمتي ، ولن أنصاع لأوامرك أبداً .

العقل ( لوّح بعكازه مهدداً ) : أعرف أنك لا تجرؤ أن تفعل ذلك ، وأنك لا تستطيع أن تعيش بدوني ، ولكنني سأمنحك فرصة للتفكير ، وبعدها ستتحمّل أنت وحدك مسئولية الاختيار .

القلب : رغم قسوتك وجبروتك إلا أنك تحمل قلب عاشق مثلي .

العقل : أنا وأنت نبحر معاً في مركب واحدة وإن غرقت المركب غرقنا معاً لذلك ألوّح لك بعكازي .

القلب : ولكنك قلت قبل قليل بأنك ستمنحني فرصة جديدة وستتنازل عن لاءتك المتسرعة .

العقل : ليس كذلك بالضبط ، كل ما في الأمر أنني رأفتُ بحالك ولن أدعك تعذّب روحك أكثر من ذلك .

القلب : أنا سعيد بك ، وسعيد بحكمتك ، وغداً إذا جاء فإنني سأقول له .

" ماذا أقول له لو جاء يسألني إن كنت أهواه أو كنت أهواه . . " *

إني ألف أهواه

إني ألف أهواه

إني ألف أهواه

تصالح الاثنان واتفقا ، ترك العقل المكان ، وغط القلب في نوم عميق تاركاً لأحلامه العنان لترسم خيالات اللقاء القادم .++