مفهوم التدريس

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : د. علي عبد العظيم سلام | المصدر : www.almurabbi.com

 
 

ومن الفهم الخاطئ للتدريس الخلط بينه وبين التلقين؛ إذ يرى بعض الناس أن التدريس هو التلقين، وليس الأمر كذلك؛ فالتلقين ما هو إلا عملية بث معلومات لمتلقيين سلبيين يقتصر دورهم على الاستقبال دون أن يكون لهم دور في التفاعل مع مصدر البث، ودور الملقن لا يتعدى إلقاء المعلومات، وليس ذلك بتدريس.

 

 

ومن الفهم الخاطئ للتدريس كذلك النظر إلى طرق التدريس على أنها وسائل لنقل المعلومات إلى المتعلمين؛ أيّ أن التدريس ما هو إلا عملية نقل المعلومات من الكتب أو من عقل المعلم إلى عقول المتعلمين، وهذا التصور للتدريس يجعل عملية التعليم والتعلم مقصورة على نقل المعلومات، ويعريها من سائر أهدافها فضلاً عن أن التدريس - وفق هذا التصور - يؤدي إلى تجميد المعرفة البشرية، ويجعل المتعلم سلبيا لا عمل له إلى التلقي، ويهمل ما بين المتعلمين من فروق في الاستعدادات والقدرات والاهتمامات.

 

 

أمّا أمثل المخطئين طريقة في فهم التدريس، فيستخدمون كلمتي التدريس، والتعلم بمعنى واحد؛ حيث يطلقون التعلم ويقصدون التدريس، ويطلقون التدريس ويعنون به التعلم، وليس الأمر كذلك، فالتعلم - كما يعرفه علماء النفس -: "تغيّر مرغوب فيه، يحدث في أداء الفرد نتيجة مروره بخبرة مربيه، أو نتيجة ممارسة ما". والتعلم بهذا المعنى يمكن أن يحدث للفرد في أي موقف سواء أكان داخل المدرسة أم خارجها، فربما تعلمت الصدق دون معلم من خلال معايشتك بعض الصادقين، وربما تعلمت الأمانة من موقف لا صلة له بالمدرسة، وهكذا فالإنسان يتعلم كل يوم بعدد المواقف التي يمر بها.

 

 

وإنما قلنا في بداية الفقرة السابقة: إن من يفهمون التدريس خطأ على هذا النحو هم أمثلهم طريقة؛ لأن التعلم بالمعنى السابق إذا خطط له يُعد العائد المنتظر لعملية التدريس، ونخلص من ذلك إلى أن التدريس ليس هو التلقين، وليس مجرد نقل المعلومات، وليس هو التعلم.

 

 

إنما التدريس عملية تتضمن ثلاثة جوانب أساسية هي التخطيط والتنفيذ والتقويم، فأما التخطيط، فيبدأ عندما يجلس المعلم مع نفسه ويفكر فيما سوف يدرّسه، وكيف يدرّسه، ويتطلب التخطيط الجيد من المعلم أن يكون متمكناً من مادته، واعياً بخصائص تلاميذه واستعداداتهم وقدراتهم، قادرا على تحديد أهداف درسه وصياغتها صياغة واضحة دقيقة، قادرا على تحليل محتوى درسه، وتحديد أفضل تسلسل يمكن تقديمه فيه؛ حتى يخرج من كل هذا بتصور ذهني وخطة للدرس تفيده في مرحلة التنفيذ.

 

 

وتبدأ عملية تنفيذ الدرس عندما يلتقي المعلم بتلاميذه حيث يبدأ انجاز ما سبق أن خطط له، ويتطلب التنفيذ الجيد للدرس أن يكون المعلم قادراً على استخدام الطرق المناسبة للتدريس المعينات التعليمية بفاعلية، وإدارة التفاعل المثمر بينه وبين تلاميذه، واستثارة دافعيتهم للتعلم، وإدارة الفصل، وتكوين علاقات إنسانية مع التلاميذ وعرض الدرس وصياغة الأسئلة، وتعزيز استجابات التلاميذ، وذلك فضلاً عن تعديل الخطة أو بعض أجزائها وفقا لما يقتضيه الموقف التعليمي.

 

 
أمّا التقويم: فهو عملية مستمرة تبدأ مع التخطيط وتسير مع مراحل عملية التدريس خطوةً خطوة، وتأتي كذلك في النهاية شاملة جوانب الموقف التعليمي؛ لمعرفة ما تحقق من الأهداف التي وضعت من قبل