عز المرأة في أحضان الإسلام

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : د. سعد بن عبدالله الحميد | المصدر : www.almofakira.org

http://www.marebpress.net/userimages/mshalfi2/women_in_islam.jpg

لقد كانت كثيراً من الأمم تستعبدُ المرأة وتذلها، ومنهم العرب في الجاهلية، فكانت المرأة إذا توفي عنها زوجها تعتد حولاً كاملاً، وتحتدُّ عليه شرَّ حداد، وتلبسُ شرَّ ملابس، وتسكن في أخبث المساكن، ومسكنها يُسمى الجفش، وهو حجرةٌ صغيرةٌ مظلمة داخل البيت، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمسُّ ماءً ولا تُقلِّم ظفراً، ولا تزيل شعراً، ولا تظهرُ للناس في مجتمعهم مدة عامٍ كامل، فإذا انقضى العام خرجت بأقبحِ منظر، وأنتن رائحة، فتؤتى بدابة ( حمار أو طير)، وتمسح به قبلها، ثم تنتظرُ مرور كلبٍ لترمي عليه بعرة، احقتاراً لهذه المدة التي قضتها، وتعظيما لحق الزوج عليها، ففي الصحيحين:

"قَالَتْ ‏ ‏زَيْنَبُ ‏وَسَمِعْتُ ‏‏أُمَّ سَلَمَةَ ‏ َقُولُ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَتَكْحُلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثلاثاً كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ ‏إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ ‏فَقَالَتْ ‏زَيْنَبُ: ‏ ‏كَانَتْ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا دَخَلَتْ ‏ ‏حِفْشًا ‏ ‏وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ فَتَفْتَضُّ بِهِ فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ إِلا مَاتَ ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى ‏ ‏بَعَرَةً فَتَرْمِي بها ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ، ‏ ‏سُئِلَ ‏ ‏مَالِكٌ ‏ ‏مَا تَفْتَضُّ بِهِ قَالَ: ‏ ‏تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا"

 

[فتح الباري بشرح صحيح البخاري].
وهذه إحدى صور العنتِ والشقاء الذي كانت تلاقيهِ المرأة، ولقد أعزها الإسلامُ ورفع عنها كل ذلك، وفي الوقت نفسه لم يرض الإسلام للمرأة أن تسلك مسالك الجاهلية في التبرج والاختلاط بالرجال، كما كان الحال في الجاهلية وفي كثيرٍ من العصور حتى هذا العصر الحديث، فلقد اتخذ الرجلُ المرأة سلعةً ولعبةً يلهُو بها، فإذا ملَّ منها رماها في سلة المهملات،ولقد استغل الغرب المرأة في كل شيءٍ ، وكل ما فعلوهُ أن نقلوا المرأة من استعباد إلى استعبـاد آخر .
فاستخدم الرجال المرأة مصيدةً لجمع المال، ومطيةً لتحصيل المتعة واللذة، تحت شعارهم المسمى (حرية المرأة) ، ولا تحظى بذلك سوى الجميلات فقط، ومن هنُّ تحت سنِ الخامسة والثلاثين، ومن تصل إلى سن الخامسة والأربعين تكون قد انتهى دورها، لهذا أخذت المرأةُ تُطالبُ بمنع استغلالها في الدعاية التجارية، حيث أصبحت المرأة تُستغلُ في الدعاية للمنتوجات والسلع المختلفة، حتى أن منتجي السيارات يستعينون بفتياتٍ شبه عاريات بقصد تنشيط الشراء.
وقد بدأت أفجر الممثلات في الغرب يشعرنَ بسقوط المرأة أمام أقدام الرجل ونفسيته الجشعة، فقد نشرت صحف العالم قبل مايقرب من عشر سنوات، أن ممثلةً فرنسية كانت تمثلُ مشهداً عارياً، وفجأة ثارت ثورةٌ عارمة، وصاحت في وجه الممثل والمخرج قائلة: "أيُّها الكلاب أنتم الرجال لاتريدون منَّا النساء إلاَّ الأجساد حتى تصبحوا من أصحاب الملايين على حسابنا"، ثم انفجرت باكية، والواقع أنَّ هذه المرأة استيقظت فطرتها في لحظةٍ واحدة، بالرغم من الحياة الفاسدة التي غرقت فيها.
وأعظم من ذلك قضية أشهر ممثلة في عالم الإغراء، والتي أحدثت قضيتها ضجةً في وقتها، حينما انتحرت وتركت رسالة، وعندما فتحها المحققُ وجدها مكتوبةً بخط هذه الممثلة، واسمها (مارلين مورو) ، وهي موجهة إلى فتاةٍ تطلبُ نصيحة مارلين مورو عن الطريق إلى التمثيل، فردت عليها مارلين في هذه الرسالة، ووجهتها إلى هذه الفتاة وإلى كل من ترغب في العمل في التمثيل قائلة: "احذري المجد، احذري كل من يخدعك بالأضواء، إنني أتعسُ امرأةً على هذه الأرض، لم أستطيع أن أكون أُماًً، إنِّي امرأةً أفضلُ البيت، والحياة العائلية الشريفة على كل شيء، إنَّ سعادة المرأةِ الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إنَّ هذه الحياةِ العائلية لهي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية، ثم تقول في نهايةِ الرسالة لقد ظلمني كل الناس، وإنَّ العمل في السينما يجعلُ من المرأة سلعةً رخيصةً تافهةً مهما نالت من المجد والشهرة الزائفة، إنِّي أنصحُ الفتيات بعدم العمل في السينما وفي التمثيل، وإن نهايتهنَّ إذا كنَّ عاقلاتٍ كنهايتي".
ويكاد يجمع كل من زار الغرب من المسلمين، على أنَّ المرأة هناك في وضعٍ مؤلمٍ لا تحسد عليه، لما تعانيه من الشقاء والابتذال في سبيل نيل لقمة العيش، أو رغبتها في أن تكونَ مثل الرجل تماماً، وقد استطاع الرجلُ الغربي أن يستغل ضعف المرأة في هذه الناحية، فسخرها إلى أقصى الحدود في سبيل منافعه المادية وشهواته الجنسية، وقليلٌ من النساء هناك يحتلن مراكز مرموقة، بينما تعيشُ ملايين النساءِ هناك حياةً شقيةً مضنية، أوقعتها في رقٍّ من نوعٍ جديد لم تعرفه المرأة في أي عصرٍ مضى، بل تعدَّى ذلك الشقاء إلى الأسر والعائلات، فلم يعد الزوج يطيق الحياة مع زوجته على تلك الحال، وبدأ الأزواج يهربون من حياتهم الزوجية، وقد أنشئت منذُ زمن هيئة في نيويورك، مهمتها البحث عن الزوجات أو الأزواج الهاربين من بيوتهم، وأعلنت هذه الهيئة أنَّهُ قد اتضح من العمليات التي قامت بها في عام 1952م، أنَّ في الولايات المتحدة سبعين ألف زوجٍ هارب من زوجته، مقابل 15زوجة فقط هاربات من أزواجهن، وأصبح الغرب الآن يرغبُ في الرجوع إلى حياة الأسرة الهادئة، فقد جاء في كتاب (فتاة الرقِّ في حضارة الغرب)، لمحمد جميل بيهم، قوله : "وجدير بالذكر الإشارة إلى أنَّهُ حتى النساءَ اللواتي قُضي عليهن بمغادرة المنزل وراء الكسب، غلب عليهنَّ الأسى والنياحة لهذا المصير، وأكبرُ دليلٍ على ذلك: الاستفتاء الذي قام به معهد غالوب في أمريكا، وهو معهد مهمتهُ الاستفتاءات العامة لتحديد اتجاهات الرأي العام، فقد قام هذا المعهد باستفتاءٍ عام، في جميع الأوساط في الولايات المتحدة، بصدد تعيين رأي النساء الكاسبات في صدد العمل، وإذا هو ينشرُ الخلاصة الآتية: إنَّ المرأة الآن متعبة، وتفضل 65% من نساءِ أمريكا العودة إلى منازلهن ، كانت المرأة تتوهم أنَّها بلغت أمنية العمل، أمَّا اليوم فقد أدمت عثرات الطريق قدمها، واستنزفت الجهود قواها، فإنَّها تودُّ الرجوعُ إلى عشها، والتفرغ لاحتضان فراخها".