كتب رئيس التحرير د.ناصر اللحام - رغم انهيار التجربة الماركسية المتطرفة في عدة دول بينها كمبوديا، وفشل التجربة الشيوعية في روسيا وانهيار الاتحاد السوفييتي وسقوط حكم أكنيسة في اوروبا واستسلام الممالك الغربية لصالح حكم الاتحادات الجمهورية. لا يزال بعض العرب يعتقدون ان بإمكانهم الحكم بطريقة العصور الوسطى ما ادى الى اندلاع الربيع العربي في العام 2011. والدكتاتور هو نفسه الدكتاتور مهما كانت مشاربه الفكرية والثقافية. وقد كان لنا تجربة عشرات السنين مع دكتاتوريات "قومية" افسدوا بلدانهم وقهروا شعوبهم وحطموا العلماء والادباء؛ كما ان هناك دكتاتوريات مسيحية وأخرى ملحدة وأخرى مثقفة او جاهلة وهناك دكتاتور ثوري ودكتاتور عميل ودكتاتور فقير وأخر غنيودكتاتور صغير واخر كبير لكنهم جميعا دكتاتوريات لا تثق بالآخرين وتستمتع وهي توهم نفسها بانتصارات وهمية تعشعش في عقولهم المريضة؛ فيصبح الدكتاتور أعمى وأطرش ولكنه يرفع عقيرته فترى صوته مرتفع ودائم الشك بالآخرين ولا يكف عن القول انه مستهدف من اعداء في الداخل والخارج. بل ان مشيته تصبح مشية دكتاتور فتراه يضع يده في جيبه حين يمشي مع تصلب اليد الى صدره وينظر الى السقف بينما يتحدث معه الاخرون وهو دائم التهكم على خصومه وبالتأكيد ان الدكتاتور لا يعرف انه مريض وبحاجة الى علاج فوري ولذلك جاء الربيع العربي. وقد كان انتقام الجمهور من الدكتاتوريات القومية شديدا؛ ورغم ان جميعهم صرخوا انهم ابطال ويحبون فلسطين ويحاربون العدو الصهيوني وإسرائيل إلا ان الجماهير ضربت صورهم بالنعال. وفاز الاخوان بعد ثورات الربيع العربي فوزا فاجأهم واربكهم ؛ ولكنهم لم يفهموا اصول اللعبة ابدا واستحوذوا لأنفسهم على كل الحكم وتدخلوا في شؤون العامة وحاولوا فرض ثقافتهم ولباسهم وأشكالهم وهوسهم على العامة فاختنق الناس منهم وكرهوا حكمهم. في مصر حصل مرسي على 5 مليون صوت في الجولة الاولى من الانتخابات ؛ ولولا مناكفات اليسار القومي ودعم جماعة حمدين صباحي لمرسي امام شفيق لما فاز مرسي ابدا. ولم يفهم الاخوان ان حجمهم الطبيعي في مصر 5% فقط وظنوا انهم قوة عظمى كاسحة فوقعوا في الخطيئة وكان خطابهم مغرور لدرجة افقدتهم التواضع والبصيرة وظلوا يحكمون مصر بعقلية الجماعة وليس بعقلية ألمجتمع. ان حجم الاخوان المسلمين في كل العالم العربي لا يصل الى 10% ومع ذلك اخذوا فرصة 90% وأهدروها وأضاعوها . ولن تتاح لهم فرصة اخرى قبل 50 عاما ؛ وعليهم الان ان يتعلموا الدرس ويشاركوا في الحكومات بنسبتهم الطبيعية ويشكروا الله على ذلك. وان يعلموا انهم في الاردن وفلسطين وسوريا مثلهم مثل غيرهم من الاحزاب السياسية وعليهم ان يشاركوا ويتشاركوا الحكم حتى يوفق الله الجميع.