مرسي و السيسي
مرسى صرخ فى الوسيط: أنا الرئيس الشرعى وسوف يأتى الشعب لمناصرتى!
طائرة الرئاسة كانت جاهزة للإقلاع إلى قطر أو تركيا أو ألمانيا
عملت القيادة العسكرية على تخفيف حدة الصراع الناشب بين مؤيدى الرئيس محمد مرسى من جماعة الإخوان وبعض تيارات الإسلام السياسى، ومعارضيه من بقية تيارات وطوائف الشعب، وعرضت عليه خروجا آمنا، وأن يغادر البلاد إلى أى مكان يشاء، لكن الرئيس مرسى رفض وقال: أنا الرئيس الشرعى، وكل الشعب معى ويناصرنى ولن يسمح بسقوط الشرعية الدستورية.
وقد قدمت القوات المسلحة هذا العرض الأخير لوأد الفتنة، بعد أن حددت مع التيارات السياسية فى المجتمع بحضور شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس، خريطة الطريق التى ستمضى عليها مصر للخروج من المأزق الراهن، وأرسلت وسيطا إلى الرئيس فى السابعة والنصف من مساء أول من أمس، عرض عليه مغادرة البلاد بنفس الطريقة التى غادر بها الملك فاروق مصر فى ٢٦ يوليو عام ١٩٥٢، بعد نجاح الجيش فى حركته والسيطرة على البلاد، وأن يخرج وسط حرس شرف ومراسم رسمية، وأن يحمل معه ما يشاء من أغراض ومتاع، وله أن يختار السفر إلى قطر أو تركيا، أو تختار له الحكومة المصرية مسكنا خاصا به وبأسرته، وتضمن له حماية ومعيشة لائقة لمدة سنتين يمكن أن يعود بعدهما إلى البلاد، لكن الرئيس رفض رفضا قاطعا، وقال بحدة: أنا الرئيس الشرعى، والشعب قادم من أجلى.
وكان الرئيس مرسى يتصور أن الخطاب الذى أُذيع له على الشعب فى وقت متأخر من مساء الثلاثاء سوف يحسم الخلاف لصالحه، ويجبر القوات مسلحة على التراجع عن موقفها.
وقد أثار هذا الخطاب عديدا من التساؤلات فى الشارع، أهمها: كيف سمحت القوات المسلحة بخطاب يحرّض على العنف ويشبه إعلان حرب أهلية بين المريدين والمعارضين؟!
كانت تقديرات القوات المسلحة أن الخطاب لن يصنع فاصلا، وقد استجابت لطلب الرئيس بمخاطبة الشعب باعتباره صاحب الحق الوحيد فى تقرير مصيره ووضع خاتمة لهذا الخلاف، واشترطت القيادة تسجيل خطاب فى دار الحرس الجمهورى، ثم يُذاع بعدها، وبعد التسجيل رجعت القيادة إليه فى بعض العبارات التى تؤجج الصراع وتحرّض على العنف، لكن الرئيس أصرّ عليها وأن تذاع كاملة، ودرست القيادة العسكرية الموقف، وانتهت إلى الموافقة على الإذاعة، ليكون الشعب هو الحَكَم الوحيد، وقد استشعرت أن الخطاب سوف يفجّر موجات هائلة من الغضب الشعبى العارم مثل الموجات التى فجّرها الخطاب الأخير للرئيس حسنى مبارك فى ثورة ٢٥ يناير.
وهو ما حدث..
وكان الرئيس مرسى قد سجل خطابا جديدا وطلب من أنصاره إذاعته أمس على شبكة الإنترنت يكرر فيه مبادرته وتمسكه بالشرعية، وأذاعته قناة «الجزيرة» منفردة قبل إعلان الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع خريطة الطريق بساعة ونصف الساعة.
كما كان الرئيس محمد مرسى يعتمد اعتمادا كليًّا على موقف الولايات المتحدة، وكان يتصور استحالة أن تتخلى عنه وتسمح للقوات مسلحة بعزله، خصوصا أن الولايات المتحدة تستثمر فى جماعة الإخوان منذ عام ٢٠٠٥، وسوف تدافع عن ذلك، وأنها ستستجيب لدعوة مستشاره للشؤون الخارجية بالتدخل حتى لو كان عسكريا!
وبالفعل مارست الإدارة الأمريكية ضغوطا هائلة على القيادة العسكرية لقبول مبادرة الرئيس بتشكيل حكومة ائتلاف وطنى وتغيير النائب العام وعمل لجنة للتعديلات الدستورية ولجنة للمصالحة الوطنية، فردَّت المؤسسة العسكرية بأن مطلب الشعب هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولن تغادر الملايين من المتظاهرين الميادين إلا بعد تحقيق هذا المطلب.
وبعد العرض ورفض الرئيس مرسى قررت القيادة العسكرية وضعه تحت التحفظ، وضاعت عليه فرصة الخروج الآمن، كجزء من إدارة جماعة الإخوان الكارثية للأزمة التى أحاطت بها وبالرئيس.