شهود عيان يروون تفاصيل حرب الشوارع بين الأهالى والشرطة
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
عبدالعال طلعت وحسام الهندى وعاطف بدر
| المصدر :
today.almasryalyoum.com
تصوير- نمير جلال
الاوضاع هدأت أمس بعد ليلة دامية
من قتيل واحد إلى خمسة، ومن طلقة فى الهواء إلى مئات الطلقات المتبادلة بين قوات الأمن والأهالى، هكذا تحولت منطقة الشارع الجديد بقسم شرطة شبرا الخيمة ثان، خلال ساعات قليلة، مساء أمس الأول.
بعض الغاضبين خرج احتجاجاً على مقتل شاب على أيدى ضابط بالقسم، لكن الأمن يقول إن هذا القتل كان بطريق الخطأ. وفى ذروة الأحداث حاول البعض تهريب مساجين من القسم، وانتهت المعركة فجر أمس بمحاولة بعض الأشقياء الهجوم على مبنى تابع لحى شبرا الخيمة وسرقته.
بدأت الحكاية كما يقصها شهود العيان «الحاج س.م»، أحد أهالى المنطقة يقول بعد صلاة العشاء تقريباً: كنت أجلس فى مقهى مطل على شارع ١٥ مايو، وسمعنا أصوات إطلاق نار فاتجهنا إلى مكان الحدث فرأينا ضابطاً ويدعى «م. أ» يركب توك توك وينطلق به. دخلنا إلى الشارع فوجدنا شابا ملقى فى الشارع و«دمه سايح» وكان مازال على قيد الحياة، حمله أحد الأشخاص لمحاولة نقله إلى المستشفى، لكنه بعدها شعر بموت الشاب حيث أصبح جسده بارداً وثقيلاً.
وأضاف الشاهد: عرفنا أن الضابط وهو معروف لأهالى المنطقة دخل إلى شارع فرعى للقبض على شخص مسجل، وعندما حاول أهالى المسجل اعتراض الضابط دفع أخته فوقعت أرضاً، ثم تعالت صرخات، فخرج الناس وأطلق الضابط الرصاص فى الهواء فوقع الشاب.
وأكد شاهد العيان أن الأهالى اختلفوا حول مكان الشاب المقتول، هل كان فى بلكونة أم كان فى الشارع.
وقال «ا. ع»، أحد أهالى المنطقة ويعرف جيداً الضابط الذى أطلق الرصاص: الضابط المتهم بدين جسدياً، ولم يكن يطارد أحداً فى الشارع لأنه لا يستطيع الجرى أساساً، وسبق أن قام من قبل بأمور مشابهة، حيث أطلق الأعيرة النارية فى منطقة عزبة رستم منذ شهر تقريباً، ولولا أن بعض الأهالى أخرجوه فى حمايتهم، كان سيتم الفتك به كما أطلق أيضا النار بشكل عشوائى فى منطقة بهتيم القريبة من الطريق الدائرى، وأصيب أحد الأشخاص.
وأضاف شاهد العيان أن الضابط كان يستقل «التوك توك» كوسيلة للانتقال بدلاً من «البوكس» وقام منذ شهر تقريباً بالقبض على أخو المسجل الذى حاول القبض عليه قبل قتل الشاب، وأشار إلى أن أهالى المنطقة شاهدوا الواقعة، وأنه لم يكن هناك إطلاق نار متبادل، وأن المسجل خرج مع الضابط دون الاعتداء عليه، وجميعهم سيشهدون على ذلك حتى لا تحاول الداخلية تلفيقها لأحد غير الضابط.
من جانبه قال «م. ع» وهو واحد من أهم شهود العيان، إنه بمقتل الشاب لم تكن الأزمة تفاقمت وكان يمكن حلها، لكن الأمر تحول إلى حرب بعدما تحرك وفد من بعض العقلاء وكان من بينهم الشيخ محمود عبدالمرضى، عضو مجلس الشعب المنحل عن حزب النور، وكنت أنا من بينهم، ذهبنا إلى قسم شبرا الخيمة ثان ولم يكن هناك تجمهر كبير حول القسم فمعظم الأهالى كانوا مشغولين بالشاب القتيل ونقله إلى المستشفى، وبعد دخولنا القسم مع بعض العقلاء، وكان هناك عدد كبير من الرتب، حاولنا أن نطالبهم بالتحفظ على الضابط وإعلان ذلك فى الإعلام لتهدئة الأهالى بحسب طلب الشيخ عبدالمرضى.
وقال شاهد العيان: كانت هناك عدة أمور قلبت الموازين أولها أن مأمور القسم قال للوفد وكان بينهم بعض شباب المنطقة المندفع «اللى مات كان هيموت كده أو كده وربنا يرحمه»، والأمر الثانى أننا رأينا الضابط قاتل الشاب يقف فى محيط القسم ومعه مسدس، الأمر الثالث أنه لم يكن هناك رد فعل سريع من الداخلية، فكان رد فعل الناس سيئاً.
وأضاف: عقب انتهاء الحوار بين مجموعة التفاوض وقيادات القسم تجمع العشرات من الأهالى أمام القسم وعلى طول الشارع بين منطقة الحادث والقسم، وتبعد حوالى ٢ كيلو متر، وبدأ الأهالى فى إشعال النيران فى المخلفات و«الكاوتش» على جانب الطريق وأطلقوا أعيرة نارية. وعقب ذلك أغلق الأهالى الشارع ومنعوا مرور السيارات وقرروا الذهاب إلى القسم للقبض على الضابط. وتجمع العشرات فأرسلت مديرية أمن القليوبية التابع لها القسم عدداً من المدرعات، كما شارك معسكر قوات الأمن الملاصق للقسم فى فرض ما يشبه حالة حظر تجوال فى المنطقة.
وتابع الشاهد أن الأهالى التزموا فى بداية الاحتجاج برمى الحجارة، ولكن مع إطلاق النار بشكل عشوائى انضم للأهالى بعض حاملى الأسلحة والمولوتوف، وتبادلوا إطلاق النار مع القسم لأكثر من ١٠ ساعات واتبعوا فيها سياسة حرب الشوارع حيث اعتلوا أسطح العمارات القريبة من القسم، واستخدموا قطع أرض فضاء للهجوم والفر وإلقاء المولوتوف من بعيد للتغطية على تقدمهم. واستخدمت قوات الأمن المدرعات لمطاردة المهاجمين للقسم وأطلقت المئات من قنابل الغاز لتفريق التجمعات الممتدة على طول الشارع كما أطلقوا الخرطوش فى الهواء والرصاص بشكل سريع، واستخدمت الشرطة أمام القسم غازاً قريباً بشكل كبير من غاز الذى كان يستخدم فى أحداث محمد محمود الأولى.
وانتشرت عربات الإسعاف على طول الطريق من بيت القتيل إلى القسم أيضا، وكانت تنقل بعض الحالات إلى مستشفى ناصر، والبعض الآخر لمستشفى بهتيم العام.
أحد المخبرين داخل قسم ثان شبرا الخيمة والذى توصلت «المصرى اليوم» للحديث معه عن طريق الهاتف المحمول، قال إن هناك أعداداً كبيرة من الضباط والسلاح وصلت للقسم عقب محاصرته، وأن القسم قرر أن يرد أى طلقة تضرب عليه بـ١٠٠ طلقة.
وأكد المخبر أن بعض المحبوسين داخل القسم حاولوا إثارة الشغب ولكن الضباط استطاعوا السيطرة على الموقف، وأشار إلى أنهم لا يعرفون إن كان المهاجمين للقسم يحاولون تهريب المساجين أم اقتحامه للانتقام من الضابط، خاصة أن مكان الحجز ليس له مدخل معين، وهو قريب من البوابة الرئيسية التى يحاول البعض اقتحامها.
وأضاف إن الأمر استمر كما هو إلى أن وصلت الساعة إلى الثانية فجراً، حيث قام بعض الأشقياء باستغلال حالة الغياب الأمنى وهجموا على أحد المبانى التابعة لحى شرق شبرا الخيمة ويعرف بالجراج عند منطقة «الملف» وهو يبعد عن بيت القتيل مسافة ١٥٠ متراً فقط، واستولوا على بعض الموتوسيكلات و«التكاتك» والتى كان الحى والشرطة يتحفظ عليها لأنها بدون رخصة أو تسير عكس الطريق. وعرف بعض أهالى المنطقة فنزل عدد منهم لتشكيل لجان شعبية حول منازلهم إلى أن حضرت مدرعة تابعة للشرطة والعشرات من الضباط والجنود سيراً على الأقدام.
وتابع المخبر: بمجرد اقتراب المدرعة من المنطقة استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع فى مطاردة المقتحمين لمبنى الحى، وانتشرت المدرعات التابعة لقوات الأمن فى محيط المبنى لتأمينه. لكن أحد الضباط أصر على مطاردة المتجمهرين فأطلق الأعيرة النارية والخرطوش والقنابل المسيلة ليدخل بعدها إلى محيط المنطقة التى وقعت فيها الحادثة فخرج أهالى المنطقة مرة أخرى، وتبادلوا مع قوات الأمن إطلاق الأعيرة النارية مما دفعهم للعودة مرة أخرى لتأمين المبنى.
وقال محمود حسن، أحد سكان المنطقة: إن البلطجية الذين قاموا بإطلاق النيران على القسم رجال محمد عودة.
فى نهاية الأحداث الدموية، عاد الهدوء لمحيط القسم ومبنى الحى، ولكنه هدوء يشوبه الحذر من رد فعل أهالى القتلى الجدد.