المتسكّع

الناقل : mahmoud | الكاتب الأصلى : عبد الستار العبروقي | المصدر : www.arabicpoems.com


لانَّ   المدينةَ موصدةُُ
و الدروب شظايا فصول من الإنكسارِ
تسكَّعت بحثا عن الذَّات ِ
او ربَّما ،لانْتِشالِ الخُطى
من شِعَابِ الكذبْ

تسكّعتُ أكثر منْ جثَّتي
من يتامَى القبيلةِ
من بائعِ الياسمين ، من الليل و الرّيحِ
و الشعراء جميعا ، و من جنَّدوهمْ
لرَصْدِ الغضبْ

تسكَّعت في كلّ زاويَّة من ثُغُورِ البلادِ
و في كلّ ثانيَّة من فصول العذابِ
غداة انفجر الرّمالِ
بريح الشَّغبْ

توغّّلتُ في صَمْتِها
في تَجاويفِ آلآمِها
لمْ أَرَ النّور بدْءًََ، و لكنْ فقطْ
عنْدما آشتعل البحْرُ غيْظا
و ضحَّت بأطفالهنَّ النساءُ
رأيتُ الذي لم تقلْه الخُطبْ

لأنَّ القوافي مضرَّجةٌ بالدموعِ
وعِطْر الخُزامى غريب
و ما عاد هَمْس الجمالِ
يهزّ القصبْ

تسكَّعت في لُغتي
في شِعاب القصيدةِ
سِرْتُ على وَقْع منْ خضَّبوا الكلماتِ
بأشواقهم ، و استمرّوا بأعماقنا سابحينَ
مواويل عشق، تهزَّ مداراتنا حين نَخْبو
وتدفعنا , حين يجتاحنا الإنطواءْ
لآمتطاء السحبْ

وجدت كلامي الذي لَفَضَتْهُ الجَوارِحُ
لَحْنا شَفيفَ التَحَدّي
و عاصِفَة منْ صَهيل الكبدْ
جريحا بمَرْكَزِ أْمْنِ الكتابِ
عِضَاميَ دُكَّت مِرارََا
و دَمْعي لأنّي وحيدٌ
تَناثَرَ مِثلي عواءًََ غريبا
بليل الأَدبْ

لأنَّ الحدائق   مُرْهَقَة بالضجيجِ
و عِطْرُالزهور   عليلُُ
و لا فلَّة   بنوادي الصَّخَبْ

تسكعت بحثا عن   الورد في شرفات المدينةِ
عن شاطئ دافئ ، لضياء الحبيبةِ
عن خَيْمة بضفاف الهديل لأحلا منا
عن سفائِنَ   تَرْفعنا للنجوم،
بعيدا عن الوقتِ ،أصْلُ التعبْ

وجدت القصيدة   حَيْرى
يحاصرها الخوف و الإغترابُ
وإن   أوْرَقَتْ مرَّة ، أو تغَنَّت بألوانها
و صفاء ينابيعها ، ندمتْ
إذْ يداهمها الغدْرُ من كلّ فجّ
و تجتاحها لَدَغَاتُ الكذب

لأنَّ "الفُراتَ" بعيدٌ
و فَصْلُ الشتاء طويلُُ
و لا خَمْرَةُُ   بجرار العربْ

تسكّعت بحثا عن الشمس بين الأزقَّةِ
عن أُفُقِِ للقوافلِ
عنْ   وَاحَةٍِِ بصحاري الزجاجِ
لمنْ لم يروْا   من   وُجُوه الحياةِ
سِوى ظَمَإ أوْ   َسغبْ

وَجَدْتُ الدروبَ سرابا
و فصل الربيع رمادا
يُحاصر خطْو البراعمِ
و الجَدْبُ منتصبا كالعنادِ
يهدّ د بلإنفجار، و نسْف القصبْ

تسكّعت أكثر مما يجبْ
ولجت المغاوِرَ
أَرْوِقَةُ الصَّمْتِ   و العَنْكَبُوتِ ، سَبَرْتُ لَظاها
فِجاجُ الصَّدى جُبْتُها مُفْرَدا و هجينا
و لمْ أنحني للجليدِ ، و لا أفْزَعَتْني
صُقورُ الصّخبْ

صعدْت إلى قمَّة الإنهيارِ
صعدت دخانا
صعدت بهارا، ونارا
صعدت ......صعدت
و لم أتباهى بوشمِِ
ولم أتغنَّى بمالِِ
فقطْ   حبّها العربيَّةُ
أجَّ آستعاري وألقى على جَسَدي
صِفَة الإنتساب إليها
فكان التَسَكُّعُ بعْضَ انْتمائي
و رَفْضُ التخشّب أصْل التعبْ

لأنَّي أحبّ الطفولة كالبسطاءِ
و لا أستطيع مجاراة َعَصْرِِ بهيمِِ
يضيء الرداءَةَ   صُبْحا
و عند المساء، يُراوِغُ كلَّ الطُقوسِ
ليغْتالَ طِفْلا ، و يَخْنُقَ نافورةََ
من ضياء الشُهبْ

نَفَتْني القبيلة قبل آ شتعالي
لئلاَّ أُفَحِّمَ شمْس الذين تباهوا
بذَبْح الحبيبة أُمّي  
و ناموا كأنْ لمْ تكنْ أرْضُنا ذاتَ يومٍ
لأحْقادِهم مَوْقِدا
و الجِيادُ حَطَبْ

تسكعت أكثر ممَّا يجبْ
فهل يا ترى قد أتوب؟
و أنسى البلاد ،   و قَنْص الجمال
و من شرَّدوني ، و من أثُّثوا وِحْدَتي
وآسْتَبَدُّوا بكأس العِنَبْ