الصراع بين الحق والباطل دائم ما دامت الدنيا، واتباع فئام من الأمة المحمدية أهلَ الباطل في باطلهم من يهود ونصارى ومجوس وعباد أوثان وغيرهم، وبقاء طائفة على الحق رغم الضغوط والمضايقات، كل ذلك سنن كونية مقدرة مكتوبة، ولا يعني ذلك الاستسلام وسلوك سبيل الضالين؛ لأنّ الذي أخبرنا بوقوع ذلك لا محالة حذَّرنا من هذا السبيل، وأمرنا بالثبات على الدين مهما كثر الزائغون، وقوي المنحرفون، وأخبرنا أنّ السعيد من ثبت على الحق مهما كانت الصوارف عنه. ولسوف يكون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أقوام ينحرفون عن الحق صوب الباطل يغيرون ويبدلون، وعقوبتهم أنّهم سيُحجزون عن الحوض حينما يَرِده الذين استقاموا ويشربون منه كما قال عليه الصلاة والسلام: «أنا فرطكم على الحوض؛ وليُرفعن إليَّ رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني فأقول: أي رب! أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك». وفي رواية: «فأقول: سحقاً لمن بدَّل بعدي». ومن أعظم مظاهر التغيير والتبديل، والتنكر لدين محمد صلى الله عليه وسلم اتِّباع أعداء الله تعالى في كل كبيرة وصغيرة، باسم الرقي والتقدم، والحضارة والتطور، وتحت شعارات التعايش السلمي والأخوة الإنسانية، والنظام العالمي الجديد والعولمة والكونية، وغيرها من الشعارات البراقة الخادعة. وإنّ المسلم الغيور ليلحظ هذا الداء الوبيل في جماهير الأمة إلاّ من رحم الله تعالى حتى تبعوهم وقلدوهم في شعائر دينهم وأخص عاداتهم وتقاليدهم كالأعياد التي هي من جملة الشرائع والمناهج.