بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، و أن محمدا عبده و رسوله صلى الله عليه و على آله و أصحابه و من تبعهم بإحسان الى يوم الديـــن و سلم تسليما كثيرا ، أما بعد ... في هذا الموضوع تعريف بسيرة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن أجمعين-، ففي سيرتهن الكثير من المواقف المشرفة والأحداث الهامة التي تنفع سائر المسلمين ويقدمن لهم مثلاً صادقاً على سلوك المرأة المسلمة المجاهدة في سبيل الله والحافظة لبيتها وزوجها، فمن أجل ذلك وجب علينا التعرف على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى حياتهن وفضلهن، ومكانتهن في الإسلام بعد دخولهن بيت النبي صلى الله عليه وسلم، تلك الثريات المضيئة التي سطعن في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم واهتدين بهديه صلى الله عليه وسلم، وننهل من هذه الينابيع الدافقة بنور العلم والمعرفة، العامرة بنور الإيمان. ولما لسيرة زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين رضي الله عنهن من قيمة كبيرة في حياة الأمة الإسلامية، فهن معلمات وقدوة لنساء البشرية، التعريف بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وفضلهن ومكانتهن في الإسلام 1- خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-: هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، كانت تدعى في الجاهلية بالطاهرة، وأمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم. فكانت ذات شرف ومال كثير، تزوجت خديجة وهي بكر (عتيق بن عائذ) فولدت له حارثة ثم هلك عنها، فتزوجت أبو هالة مالك بن النباش بن زرارة، ثم هلك، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت أربعين سنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن خمس وعشرين سنة، وقال أبو عمر وأجمع أهل العلم: " أن خديجة – رضي الله عنها- ولدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع بنات هن: زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم - رضي الله عنهن-، وأجمعوا أنها ولدت له القاسم، وبه كان يكنى صلى الله عليه وسلم 1]. لقد كانت خديجة –رضي الله عنها- امرأة تاجرة، ذات شرفٍ ومال، تستأجر الرجال في مالها، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه، عرضت عليه أن يتجر بمالها فوافق صلى الله عليه وسلم وذهب مع غلامها (ميسرة) في تجارة إلى بلاد الشام، وعاد من رحلته برزق وفير وأرباح طائلة2]. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج عليها غيرها، وأن أولاده كلَّهم منها إلا إبراهيم - رضي الله عنه - فإنه من سُرِّيّته 3]. وأن الله سبحانه وتعالى بعث إليها السلام مع جبريل فبلغها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك,وبشرها الرسول بالسلام من رب العالمين، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السَّلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)، كما أنها لم تسوؤه قط ولم تغاضبه، ولم ينلها منه إيلاء ولا عَتبُّ قط ولا هجر، وكفى به منقبة وفضيلة.وهي أوّل امرأة آمنت بالله ورسوله من هذه الأمة من النساء والرجال4]. وفي شأنها قال عليه الصلاة والسلام: (أفضل نساء الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم)وفضل خديجة لصبرها الجميل وجليل ما صنعته من أعمال صالحة وآثار نافعة قيمة، وفضل فاطمة لأنها بضعة من محمد صلى الله عليه وسلم، وأم النسل الشريف كله5]. 1 محب الدين أحمد بن عبدالله الطبري . السمط الثمين / تحقيق محمد علي قطب .- القاهرة : دار الحديث للنشر،[ 1980م ؟].- ص. ص 23- 24. 2 المرجع نفسه .- ص 25. 3 المرجع نفسه .- ص 2 4 الطبري . السمط الثمين، المصدر السابق .- ص 40. 5 سعيد أيوب. زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم .- ط1.- بيروت : دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، 1417هـ/ 1997م.- ص. ص 39- 42. 2- سَوْدةُ بنت زمْعَة - رضي الله عنها: وهي سودة بنت زمعة بن قيس، بن عبدشمس، بن عبد وُدّ، بن نصر، بن مالك بن حِسْل، بن عامر، بن لؤي، وأمها الشموس بنت قيس بن زيد بن عمرو بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار،تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد وفاة خديجة قبل العقد على عائشة، فكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خديجة، ومن خواصها - رضي الله عنها - أن سودة بنت زمعة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: أود أن أُحشر في زمرة أزواجك، وإني قد وهبت يومي لعائشة، وإني لا أريد ما تريد النساء، وأنها آثرت بيومها حِبَّ النبي صلى الله عليه وسلم تقرباً إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحُباً له، وإيثاراً لمقامها معه، فكان يقسم لنسائه ولا يقسم لها. وهي راضية بذلك مؤثرة لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها – 1]. توفيت سودة بنت زمعة في آخر زمان عمر بن الخطاب، وقيل: توفيت سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية2]. 1 أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن هبة الله بن عساكر . الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رحمة الله عليهن أجمعين / تحقيق محمد مطيع الحافظ، ج1 .- ط1.- دمشق : دار الفكر، 1406هـ .- ص 40. 2 المصدر نفسه، ج1.- ص 41. 3- عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها: هي عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي قحافة بن عثمان التيمَّي السَّعْديِّ القرشي, وكانت تُكنَّى بأمَّ عبد الله، وأمُّها أمُّ رُومان بنت عامر الكنانية، تَيمَّية، قرشّية، تزوجها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بثلاث سنين، وهي بنتُ ست سنين وقيل سبع سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين في المدينة المنورة أول مقدمه في السنة الأولى؛ فكانت أحبَّ أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، كما ثبت عنه ذلك في البخاري وغيره وقد سُئل: أيُّ الناس أحبُّ إليك؟ قال: (عائشة) قيل: فمن الرجال؟ قال: (أبوها)، كما أنه لم يتزوج امرأة بكراً غيرها، وكان الوحي ينـزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها [1]. كما أن الله - عز وجل- لما أنزل عليه آية التخيير بدأ بها فخيرها فقال: (ولا عليك أن لا تَعْجلي حتى تسْتأمري أبَوْيك)، فقالت: أفي هذا استأمر أبويّ؟ فإني أريد الله ورسوله والدَّار الآخرة. فاستنّ بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم وقلن كما قالت.وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، فهي التي برأها الله سبحانه وتعالى مما رماها به أهل الإفك، وأنزل في عذرها وبراءتها وحياً يُتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم إلى يوم القيامة. وتُوفي الرسول صلى الله عليه وسلم في بيتها، وفي يومها، وبين سحْرها، ودُفن في بيتها2]. ثم أن المَلَك أرى صورتها للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوجها في سرقة حرير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن يكنْ هذا من عند الله يُمضه)، كما أن الناس كانوا يتحرّون بهداياهم يومها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقرباً إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فيُتحفونه بما يُحبُّ في منزل أحبّ نسائه إليه - رضي الله عنهم أجمعين-. قال أبو عمر: وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، ودفنت من ليلتها بعد الوتر بالبقيع وصلى عليها أبو هريرة[3 1 ابن عساكر . الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رحمة الله عليهن أجمعين، ج1، المصدر السابق .- ص 42. 2 عائشة عبدالرحمن . نساء النبي (عليه الصلاة والسلام) .- ط1.- بيروت : دار الكتاب العربي، 1403هـ- 1983م .- ص 114. 3المرجع نفسه .- ص 115. 4- حفصة بنت عمر بن الخطاب - رضي الله عنها: هي حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العُزى بن رياح بن عبدالله بن قريط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وأمها زينب بنت مظعون بن حبيب بن وهب. ولدت وقريش تبني البيت قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنين[01]. وقد نشأت حفصة رضي الله عنها مثل أبيها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما يتميز به من جرأة وصلابة وقوة في الشخصية وكلمة نافذة واثقة، وقد قالت عائشة رضي الله عنها في وصف حفصة أنها: " بنت أبيها ". وكان أهم ما تعلمته حفصة القراءة والكتابة وإجادتها، ويعد هذا شيئاً غير عادي في ذلك الوقت[02]. تزوجت خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي، وهاجرت معه إلى المدينة ولكنه مات، تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرا " قبل أحد، وقال أبو عمر: تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاث من الهجرة، وقيل: تزوجها سنة اثنتين من التاريخ[03]. وطلَّقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبلغ عمر ذلك فحثا على رأسه التراب، وقال: ما يعبأ الله بعمر ولا ابنته. فنزل جبريل عليه السلام من الغد فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمةً بعمر[04]. وأوصى إليها أمير المؤمنين عمر - رضي الله عنه - وأوصت هي إلى أخيها عبد الله بما أوصى به عمر، وبصدقة تصدَّقت بها. وأمها زينب بنت مظعون الجمحي القرشي. ومن فضلها ومكانتها ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه و أهل السيرة وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقها، فأتاه جبريل فقال: (إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة، وإنها زوجتك في الجنة)[05]. وعندما نذكر حفصة فلابد أن نذكر فضلها العظيم على الإسلام وعلى المسلمين حيث أول من احتفظت في بيتها بكتاب الله تعالى وهو القرآن الكريم وذلك على ألواح وجلود وعظام وشقف، وبهذا حفظت للمسلمين القرآن[06]. 1 عمرو يوسف . زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم .- الإسكندرية، المركز العربي للنشر والتوزيع، [ 1980م؟ ].- ص 39. 2 أحمد حسين شرف الدين . أمهات المؤمنين .- ط1 .- الرياض : أحمد شرف الدين، 1404هـ/ 1984م.- ص.ص 50- 51. 3 سعيد أيوب . زوجات النبي صلى الله عليه وسلم ، المرجع السابق.- ص 55. 4 أحمد حسين شرف الدين . أمهات المؤمنين، المرجع السابق.- ص 36 5 أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي . الإصابة في تمييز الصحابة/ تحقيق علي محمد البجاوي، ج1.- ط1.- بيروت: دار الجيل، 1412هـ .- ص582. 6 عمرو يوسف . زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ، المرجع السابق .- ص. ص 49 - 50. 5- زينب بنت خزيمة - رضي الله عنها: هي " زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة العامرية القيسية", فهي هلالية قيسية، وأمها هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة، وكانت من أكرم العرب أصلاً ونسباً. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان سنة ثلاث من الهجرة. وكانت تُسمى " أم المساكين " في الجاهلية، حيث اشتهرت بالسخاء والكرم الزائد والعطف على الفقراء والمساكين وأن فضيلة الحب والرحمة والرفق بالفقراء والمساكين هي من الفضائل المتأصلة في نفسها رضي الله عنها[01]. وكان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر ثم لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة، وتوفيت في حياته -عليه الصلاة والسلام- في آخر ربيع الآخر[02]، ودفنت بالبقيع وكان سنها يوم توفيت نحو ثلاثين سنة[03]. 1 عمرو يوسف . زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ، المرجع السابق .- ص 39. 2 ابن حجر . الإصابة في تمييز الصحابة، المصدر السابق، ج 7 .- ص672. 3 ابن عساكر . الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رحمة الله عليهن أجمعين، ج1، المرجع السابق .- ص 44. 6- أمُّ سلمة بنت أبي أمية - رضي الله عنها: هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة كعب بن لُؤي بن غالب بن فهر القرشي، أما أمها فهي عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن جزيمة بن علقمة الكنانية، من بني فراس. كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي ابن عمها، وكان من كبار الصحابة فرُزقت منه: عُمر,ودُرَّة, وسلمة، وزينب، ربائب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هي وزوجها أول من هاجر إلى الحبشة، وقيل: إنها أوّل من هاجر إلى المدينة من الظعائن، فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليالٍ بقين من شوال سنة أربع، وماتت سنة اثنتين وستين في عهد إمارة يزيد بن معاوية وهي آخر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم موتاً، وقيل بل ميمونة[01]. 1 محمد بن سعد بن منيع أبو عبدالله البصري الزهري . الطبقات الكبرى، ج8 .- بيروت : دار صادر .- ص 87. 7- زينب بنت جَحْش - رضي الله عنها: زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرّة بن كبير بن غنم بن دودان أسد ابن خزيمة، وكان أسمها برَّة فسماها الرسول صلى الله عليه وسلم زينب بعد زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم، أما أمها فهي: أمية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ولدت في مكة قبل البعثة بعشرين سنة. وكانت رضي الله عنها من السباقات إلى الإسلام في مكة. تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس من الهجرة، وقيل: ثلاث. وكانت قبله تحت زيد بن حارثة، فطلَّقها, فزوجها الله إياها من فوق سبع سماوات وأنزل عليه: ﴿ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا ﴾ 1]، وكانت - رضي الله عنها - تفخر بذلك على سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: زوَّجكن أهاليكن، وزوَّجني الله من فوق سبع سماوات2]. ومن خصائصها: كانت من أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بعده، ولحُوقاً به، وصلى عليها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال صلى الله عليه وسلم لنسائه: (أسرعكنّ لحاقاً بي أطولكن يداً) فكنَّ يتطاولن أيتهن أطولُ يداً. قالت عائشة - رضي الله عنها-:" فكانت زينب أطولنا يداً، لأنها كانت تعمل بيديها وتتصدق"، تُوفيت سنة عشرين، وهي أوَّل من غطَّي نعشها بعد وفاة فاطمة - رضي الله عنه 3]. 1 سورة الأحزاب، الآية : 37. 2 عائشة عبدالرحمن . نساء النبي ( عليه الصلاة والسلام)، المرجع السابق.- ص 154. 3 ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، المصدر السابق .- ص 669. 8- جُويرية بنت الحارث - رضي الله عنها: جُويرية بنت الحارث، هي برّة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جُويرية كما سمى ميمونة. وهي جويرية بنتُ الحارث بن أبي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مَالك بن جُذَيْمة – وهو المصطلق- بن سعد بن كعب بن عمرو، هو خُزاعة بن ربيعة بن حارثة بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة بن مازن بن عسَّاف بن الأزد. من بني المصطلق، سباها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يوم المريسيع، فصارتْ لثابت بن قيس بن شماس الأنصاري، أو لابن عمِّ له، وكاتباها، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله في مكاتبتها، فقال: (أو خير من ذلك , أشتريك وأعتقك وأتزوَّجك؟) قالت: نعم، فتزوجها، فأطلق الناسُ ما بأيديهم من السَّبي وقالوا: قد صاهر إليهم النبيُّ عليه الصلاة والسلام، وكانت جُويرية أعظم امرأة بركة على قومها، وكان زواجه منها سنة خمس بعد الهجرة، وتُوفيت سنة ستِّ وخمسين - رضي الله عنها- 1]. ومن فضائلها أن المسلمين قد أعتقوا ما لديهم من سبايا أهل بيتها من الرقيق، وقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك من بركتها على قومها-رضي الله عنها -. 1 ابن حجر، الإصابة في تمييز الصحابة، ج7، ص 565. 9- أم حبيبة بنت أبي سفيان - رضي الله عنها: أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وهي ابنة أبي سفيان و أخت معاوية -رضي الله تعالى عنهما-، ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاماً وهاجرت مع زوجها عبُيد الله بن جحش إلى أرض الحبشة، فولدتْ له حبيبة بأرض الحبشة، وكان عُبيد الله بن جحش هاجَر مسلماً، ثم تنصَّر هناك وهلك على نصرانيته، وبقيت أمُّ حبيبة مسلمة بأرض الحبشة، وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم إليها في سنة ست من الهجرة، وأنها تُوفيت سنة أربع وأربعين على الأرجح - رضي الله عنها- وعن كل أزواجه الطيبات الطَّاهرات إلى يوم الدين، وهي التي أكرمت فراش رسول الله -صلى الله عليه وسلم أن يجلسَ عليه أبوها (أبو سفيان) لمّا قدمَ المدينة قبل إسلامه، وقالت له: إنك رجل مشركُ فلم أحب أن تجلس عليه. ومنعته من الجلوس عليه1]. 1 عائشة عبدالرحمن . نساء النبي ( عليه الصلاة والسلام)، المرجع السابق .- ص 198- 212. 10- صَفيَّةُ بنت حيي - رضي الله عنها: صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن عامر بن عبُيد بن كعب بن الخزرج بن أبي حبيب ابن النضير النحَّام بن ينحوم، من سبط هارون بن عمران، وأمُّها برَّة بنت شموأل، من بني قريظة، وقد تزوجت مرتين. الأولى تزوجها: سلام بن مشكم، ثم تزوجها كنانة بن أبي الحقيق، فقُتل يومَ خيبر، وكانت مما أفاء الله على رسوله، فحجبها بعد أن اصطفاها، ثم أعتقها، وجعل عتقها صداقها. فأولم علهيا بتمر وسويق، وقسَم لها، وكانت إحدى أمهات المؤمنين، وذلك في سنة سبع من الهجرة. قال أنس: أمهرها نفسها، وصار ذلك سنة للأمة إلى يوم القيامة، يجوز للرجل أن يجعل عتق جاريته صداقها، وتصيرُ زوجته 1]. قال الترمذي: حدثنا إسحاق بن منصور، وعبد بن حُميد، قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر، عن ثابت عن أنس قال: بلغ صفية أن حفصة قالت: صفية بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (ما يبكيك؟ قالت: قالت لي حفصة: إني ابنة يهودي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لابنة نبيٍّ، وإن عمّك لنبي، وإنك لتحت نبي، فبم تفخرُ عليك؟) ثم قال: (اتَّق الله يا حفصة) قال الترمذي: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه. وهذا من خصائصها - رضي الله عنها-. وكانت صفية حليمة عاقلة، وتُوفيت في رمضان في زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - سنة خمسين، - رضي الله عنها-، وصلى عليها مروان بن الحكم ودفنت في البقيع 2]. 1 عمرو يوسف . زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، المرجع السابق .- ص .ص 11-12. 2 عمرو يوسف. زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، المرجع السابق .- ص 15. 11- ميمونة بنت الحارث - رضي الله عنها: هي برة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم بن رؤبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة، وأمها هند بنت عوف بن زهير بن الحارث بن حماطة بن جرش. كانت تزوجت أبو رُهمْ بن عبد العُزَّى،والذي كان مشركاً ومات على شركه وترك ميمونة أرملة في السادسة والعشرين من عمرها، وبعد وفاة زوجها تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي آخر من تزوج من أمهات المؤمنين وقد عرفت رضي الله عنها بالزهد والتقوى وكثرة الصلاة والتقرب إلى الله تعالى، كما روت عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تتضمن معظمها أحكاماً فقهية 1]. وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيها نزل قوله تعالى: ﴿ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ 2]. وتُوفيت في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان بعد أن تجاوزت الثمانين من عمرها، ودفنت بسرف في البقعة التي شهدت دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وصلّى عليها عبد الله بن عباس، - رضي الله عنهم 3]. 1 عمرو يوسف. زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، المرجع السابق .- ص 117-119. 2 سورة الأحزاب، الآية : 50. 3 عمرو يوسف. زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، المرجع السابق .- ص 119 زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللاتي يربطهن به قرابة فإن زوجات النبي- صلى الله عليه وسلم التي تربطه بهن صلة علاقة نسب أو قرابة سبع نسوة، ست منهن قرشيات وتربطه بهن علاقة القبيلة أو العشيرة، وواحدة من بني أسد، وقرابته منها من جهة أمها، (بنت عمته) وهؤلاء هن: خديجة بنت خويلد الأسدية القرشية، تجتمع معه في قصي بن كلاب. وعائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، تجتمع معه في مرة بن كعب بن لؤي. وحفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية، تجتمع معه في كعب بن لؤي. وأم حبيبة (رملة) بنت أبي سفيان الأموية تجتمع معه في عبد مناف بن قصي. وأم سلمة (هند) بنت أبي أمية المعروف بزاد الراكب المخزومية، تجتمع معه في مرة بن كعب بن لؤي. وسودة بنت زمعة العامرية تجتمع معه في لؤي بن غالب. ومن غير قريش قريش: زينب بنت جحش الأسدية وهي بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب. انظر سبل الهدى للصالحي اسلام ويب فضلهن ومكانتهن في الإسلام ما ورد في فضلهن كلهن مجملا، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهن في كتابه فقال: ﴿ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ﴾1]. عن عوف بن الحارث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: (إن الذي يحبو عليكن بعدي لهو الصادق البار اللهم اسق عبدالرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة). قال إبراهيم فحدثني بعض أهلنا من ولد عبد الرحمن أن عبد الرحمن باع ماله بكيدمة وهو سهمه من بني النضير بأربعين ألف دينار فقسمه على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم هذا حديث غريب من حديث عوف بن الحارث أبي الطفيل المدني عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تفرد به محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن عبدالرحمن التميمي وقد روى عاليا من وجه آخر عن إبراهيم بن سعد عنه والله أعلم. وإنما سمي بارا لأنهن أمهات المؤمنين فكان كالبار بأمه 2 ]. وعن أبي سعيد الخدري عن أم سلمه -رضي الله عنها- قالت: " نزلت هذه الآية في بيتي إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، قلت يا رسول الله ألست من أهل البيت قال إنك إلى خير إنك من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم 3]. لقد فضلت عائشة بأفضال على نساء النبي صلى الله عليه وسلم منها: أن الوحي أنزل في بيتها " لحافها" وأنها كانت ترى جبريل، وأن الله سبحانه وتعالى برأها بآية من السماء في سورة النور قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ 4]، وعن ذلك تقول عائشة رضي الله عنها: " فضلت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعشر: قيل: ما هن يا أم المؤمنين؟ قالت:لم ينكح بكراً قط غيري، ولم ينكح امرأة أبوها مهاجران غيري، وأنزل الله عز وجل براءتي من السماء، وجاء جبريل بصورتي من السماء في حريرة، قال تزوجها فإنها امرأتك، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري، ومات في الليلة التي يدور علي فيها ودفن في بيتي 5]. وقد ورد حديث في البخاري عن عائشة أنها قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً: يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى ". هذا وقد كانت عائشة من المهاجرات للمدينة، شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم معظم غزواته، وكانت من المجاهدات في الحروب، وتوفي صلى الله عليه وسلم في بيتها بعد أن تسوك بسواك تسوكت هي به رضي الله عنها. وكانت تنفق بسخاء في سبيل الله ودون حساب كالسيل المتدفق. وقد زادت مكانة السيدة عائشة رضي الله عنها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما نزل فيها من الآيات تشهد لها بالطهر والنقاء من فوق سبع سماوات. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما خرج غازياً خيبر في جمادى الأولى سنة سبع من الهجرة – بعد نحو عام من محنة الإفك- ليتخذ رايته الأولى من برد لزوجته عائشة تدعى العقاب 6]. وكان المسلمون يعلمون مدى حب الرسول لعائشة وإيثاره إياها فينتظرون حتى يكون في بيتها من يبعثون إليه بالهدايا. وقد ورد حديث عن أنس بن مالك قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام 7]. وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام). وأما ورد في فضل خديجة -رضي الله عنها- روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها إناء فيه إدام، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب..)، لقد تفردت خديجة بهذا الفضل.. ومن أجل ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، دائم الذكر لها والحنين إليها، يترحم عليها، ويتحدث بأيامها، ويبر صواحبها، ويتهلل لمن يراه من أهلها 8]. وتُعَّد سودة - رضي الله عنها - من فواضل نساء عصرها، أسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وهاجرت إلى أرض الحبشة. تزوج بها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت إحدى أحب زوجاته إلى قلبه، عرفت بالصلاح والتقوى، روت عن النبي أحاديث كثيرة وروى عنها الكثير، ونزلت بها آية الحجاب، فسجد لها ابن عباس. وكانت تمتاز بطول اليد، لكثرة صدقتها حيث كانت امرأة تحب الصدقة 9]. أما فضل زينب بنت جحش فتقول: أن الله سبحانه وتعالى زوجني من فوق سبع سماوات 10]. وكانت -رضي اله عنها- كثيرة الإنفاق في سبيل الله. 1 سورة الأحزاب، الآية : 32. 2ابن عساكر . الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين رحمة الله عليهن أجمعين، ج1، المرجع السابق .- ص 104. 3 المرجع نفسه .- ص. ص 105- 106. 4 سورة النور، الآية : 11. 5 سامية منيسي . الصحابيات ودورهن في بناء أمة الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، الكتاب الأول : أمهات المؤمنين والقرشيات.- القاهرة : دار المريخ، 1409هـ/ 1988م .- ص 73. 6 المرجع نفسه .- ص. ص 76-77. 7 المرجع نفسه .- ص 81. 8 مصطفى الطحان . أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة .- ط1، بدون مكان، بدون ناشر، 1423هـ .- ص 25 . 9 محمد برهان . زوجات حول صلى الله عليه وسلم، المرجع السابق .- ص 5. 10 مصطفى الطحان . أمهات المؤمنين في مدرسة النبوة، المرجع السابق .- ص 60 . دورهن في نقل سنة النبي صلى الله عليه وسلم والتعريف بأحواله الاجتماعية الخاصة: