هذا محمد ... فمن أنتم ؟؟

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : ام ايثار | المصدر : www.startimes.com

 
 
 
 
 

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى ثم أما بعد ..

فها هي الأيام تمضي بنا لنرى صفحة مكررة بمنشأ حاقد جديد لديننا العظيم

ول
نبينا الحبيب فبالأمس الدنمارك والنرويج واليوم أقباط المهجر الحاقدين ,,



أهذه حرية التعبير !!..

أيا من تسبون حبيبنا إنه لحي في قلوبنا ,,


والله لن يخذله ربه أبدا فانبحوا كما شئتم فالكلاب تعوي والقافلة تسير..





ووالله إنا لنحسن الظن بربنا الواحد الصمد من لا شريك له ولا ولد بأنه ناصر

دينه ومخزي الظالمين , وأموالهم التي أنفقوها ستكون عليهم وبال إن لم  يتوبوا ويسلموا لله رب العالمين ..

قال تعالى : "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ( 32 )
 هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ( 33 )". [التوبة].

 

 

والله إن القلب ليألم والعين لتدمع وما يسلي قلبنا أننا نعلم من ديننا أن كان لنبينا من عادوه حيا
ومن سبوه بعد موته وما هذا لشخصه الكريم فإنه الٌملقب بالصادق الأمين ,,
وإنما لأنه يحمل أفضل رسالة عرفتها البشرية فكم صبر وتحمل من أجل توصيلها لنا وكم أؤذي ولم يدعو على قومه - لما عادوه -
 كما فعل غيره من الأنبياء , رجاءا في أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به أحدا.

سار على نهج النبين أتى بعد بشارة أخيه عيسى عليه السلام ودعوة
أبيه إبراهيم عليه السلام فكلهم من مشكاة واحدة
ودينهم واحد لا يتغير ولا يتبدل ولكن رؤوس الكفر من تبدل الدين طمعا في عرض الدنيا الزائل مستغلة عقول
عوامهم الساذجين من لم يسمعوا عن هذه الرسالة العظيمة أفلا يكون لهم مثلا فيمن أخرج القطن من أذنيه ليسمع بقلبه
 آيات الرحمن تتلى عليه من الحبيب عند البيت العتيق , أم أنهم اتخذوا رهبانهم ألهة , فشرعوا لهم من الدين لم يأذن به الله ..

 

فيا من لم تسمع عن نبينا ها هي حياته ودعوته ,,
فأقرأ بقلبك واطلب معونة ربك ..





هذا محمد...



جاء محمد صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل وانطماس من السبل، ليخرج الناس من الظلمات
إلى النور، ويهديهم إلى الصراط المستقيم، ويبصرّهم من بعد عمًى وضلال؛ ليخرجهم من عبادة العباد إلى عبادة
رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33].


وما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم إلا لرحمة الناس وإنقاذهم من الهلاك، وتمهيد سبيل السعادة لهم،
ودعوتهم للحياة الحقيقية في ظل توحيد الله ونبذ كل عبودية لغيره، فدعوته صلى الله عليه وسلم سبب الرحمة للبشرية جمعاء.

قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء: 107].


ودعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم هي حياة القلوب والأبدان، وهي سبب السعادة في الحياة الدنيا للإنس والجان،
وسبب النعيم الأبدي والرضا السرمدي حيث الحياة الحقة في الجنان.

قال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].

وقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم شديدَ الحرص على الناس، باذلاً نفسه في سبيل هدايتهم،
حاملاً لهم في قلبه تمام الرحمة وكامل الرأفة.

قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

حتى إنه صلى الله عليه وسلم من شدة رحمته ورأفته بالناس كاد يموت أسفًا وحزنًا وشفقة على أعدائه
من الكفار لعدم إيمانهم بهذه الرسالة، حتى قال الله تعالى له:
﴿ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا ﴾ [الكهف: 6].
وما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم إلا ليكمل دعوة الأنبياء والمرسلين إلى مكارم الأخلاق، فجاء داعيًا
لكل خلق حميد صالح، ناهيًا عن كل الخصال الفاسدة والأخلاق الذميمة،
فقد جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق"
أخرجه أحمد (8595) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وسنده صحيح،

وكما جمع محمد صلى الله عليه وسلم كل خصال الكمال في دعوته، فقد جمعها أيضًا في أقواله وأفعاله،
فبلغ درجة من الكمال الخلقي لم يبلغها إنسان قبله ولن يبلغها إنسان بعده، وكفاه في ذلك تزكية رب العالمين له بقوله:
﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4].


ولذلك لم يكن عجيبًا أن يجعل الله التأسّي بمحمد صلى الله عليه وسلم عبادة يتقرب بها إلى الله
وينال بها رضوانه، وأن يجعل الاقتداء به سبيلاً للجنة، وطريقًا للنجاة يوم القيامة.

قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

بل جعل الله اتباع محمد صلى الله عليه وسلم علامة على حب الله، وأمارة على صدق هذه المحبة،
 وسببًا لمحبة الله للعباد ومغفرته ذنوبهم، فقال الله تعالى:
﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾[آل عمران: 31].
 

إن الله قد اختار محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون النبي الخاتم الذي لا نبي بعده، فلا سبيل للنجاة
 إلا بالإيمان به واتباع هديه، فكل السبل مغلقة إلا سبيله، وكل الأبواب مُوصدة إلا بابه.

قال الله تعالى: ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 40].

واختار الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ليوحي إليه أعظم الكتب السماوية وهو القرآن العظيم الذي جاء
 مهيمنًا على كل الكتب السماوية قبله.

قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ﴾ [المائدة: 48].

كما اختار الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ليحمل أشرف رسالة، وأكمل شريعة، وأعظم دين وهو دين الإسلام،
 النعمة التامة الكاملة التي منّ الله بها على الخلق كافة.

قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].



واختص الله محمدًا صلى الله عليه وسلم بخير الأصحاب وأفضل الأتباع الذين كانوا خير دليل على حسن تعليمه،
 وبينة عملية على كمال تربيته، وشاهدًا تاريخيًا على أثره العظيم في تحويل جيل كامل من جاهلية جهلاء
ومعيشة ظلماء وعقائد عوجاء وارتكاسات حمقاء، إلى عقيدة التوحيد والنقاء وشريعة العفة والصفاء،
 إلى كمال بشري وسمو أخلاقي قد بلغ عَنان السماء.

قال الله تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29].



واصطفى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليكونوا شهداء على الناس، ثم اصطفاه الله تعالى ليكون شاهدًا على هذه الأمة.

قال الله تعالى:﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾[البقرة: 143].


وقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41].



واصطفى الله أمة محمد صلى الله عليه وسلم كذلك ليكونوا خير أمة أخرجت للناس بتنفيذهم للتعاليم
 التي جاء بها نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم من أمر بمعروف ونهي عن المنكر.


قال الله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].



واصطفى الله محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، وليكون أول شافع
وأول مشفع، فقد صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
 "أنا سيد ولد آدم ولا فخر، وأنا أول من تنشق الأرض عنه يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع
ولا فخر، ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر"

الترمذي (3548)، ابن ماجه (4298) وصححه الألباني في الصحيحة (1571).


بل إن باب الجنة لن يُفتح إلا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وهو أول من سيقرع باب الجنة، قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:
 "آتي باب الجنة فأستفتح، فيقول الخازن، من أنت؟ فأقول محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك"
مسلم (292).


إن النبي محمدًا صلى الله عليه وسلم هو سيد الأنام وأكرم رسل الله الكرام فهو الأرفع مكانة والأعلى درجة
والأسمى رتبة بما شرفه الله به من فضائل وخصال، ومكارم وخلال، لم تجتمع لغيره، ولن تكون لأحد دونه.

إنه الرحمة المهداة والنعمة المسداة، وإمام الهدى ومصباح الدجى والسراج المنير‎ والرحمة للعالمين.

إنه سحاب لا يضره نباح المرجفين، وقمة لا تنالها سهام المشككين، وطود شامخ لا تهزه افتراءات الكافرين وأكاذيب أعداء الدين.
 
فيا معشر المسلمين.. ارفعوا رؤوسكم فأنتم أتباع الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، واسجدوا لله شكرًا فأنتم إخوان
الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأبشروا يا من تحبون محمدًا صلى الله عليه وسلم
بصحبته في جنات النعيم على سرر متقابلين.

أما أتباع الشياطين، أولئك الذين يرفعون عقيرتهم راغبين في انتقاص خير البرية وخاتم المرسلين،
متطاولين على سيدهم وسيد خلق الله أجمعين، فأقول لهم:


 


 
إن المسلم حين يؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم إنما يؤمن بعقيدة راسخة رسوخَ الجبال الرواسي، ورسوها مصدره أنها عقيدة قامت على العلم والدليل والبرهان، إن حاله ليس كحال أولئك الذين قالوا:
"
إنَّا وجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وإنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ" (الزخرف: 23

فهؤلاء وأضرابهم حجبوا عقولهم عن النظر في الحق ودلائل صدقه ، وصمّوا آذانهم عن سماعه ، واكتَفوا بالقعود حيث تاهت عقول آبائهم الأولين، فأنكر القرآن عليهم هذا الجمود، وقبّحه ، ودعاهم لإعمال عقولهم والإفادة منها،
فقال:
قُل لَّوْ شَاء اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (يونس: 16).
وقد دعانا القرآن الكريم للتأمل في دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم في غير آية:
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ.
 (سبأ: 46).
ولسوف نعرض للأدلة التي تشهد بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم
تثبيتاً
لإيمان المؤمنين، وخروجاً به من التقليد إلى البرهان والدليل
وهو أيضاً دعوة
للبشرية التائهة عن معرفة نبينا صلى الله عليه وسلم وجوانب العظمة في حياته ودعوته
دعوة لهم للتعرف على هذا النبي الكريم، والإيمان به نبياً ورسولاً.


 




ودلائل النبوة الشاهدةُ بنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم متنوعةٌ وكثيرة، ويجمعها أقسام ستة:

 
الأول: الغيوب التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وتحققتْ حال حياته أو بعد وفاته كما أخبر عنها ، ومن هذا النوع أيضاً ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من الإعجاز العلمي الذي شهد بصحته العلم التجريبي الحديث.
و نذكر على سبيل المثال لا الحصر
 
1.ظهور الجهل
 
ظهور الجهل وقلة العلم الشرعي بين الناس، وذلك لقبض العلماء وظهور الرؤوس الجهال الذين يفتون بغير علم، فيَضلون ويُضلون،
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس،ولكن يُقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يَترُك عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا " . رواه البخاري ح (2915).
 
وهذا ما يحدث فى واقعنا المعاصر من كثرة وفاة شيوخنا وعلامئنا وما أكثر الجهال الذين انتشروا فيفتون فى أمور الدين وليس لهم علاقه به ويضعوا الآيات فى غير موضعها كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام عنهم فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا
 
 
2. تسمية الخمر بغير اسمها
 
وقد أنبأ صلى الله عليه وسلم أن الذين سيشربون الخمر فى أيامنا هذه ؛ يسمونها بغير اسمها،وأنهم يستحلونها، ولا يرون أنها الخمر التي حرمها الله، قال صلى الله عليه وسلم:
(( يشرب ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها))،
وزارد في رواية الدارمي: ((فيستحلونها)) فتح الباري (7/506)،
وانظر سيرة ابن هشام (2/321).

 


الثاني: المعجزات الحسية التي وهبها الله النبي صلى الله عليه وسلم كتكثير الطعام وشفاءِ المرضى وانشقاقِ القمر. تسبيح العنب والرطب والحصى .

1. الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل

 
وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح .
 

 
2. أنين الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول
إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
 
 
وفي سنن الدارمي :
(خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد) ،
وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .
 
 
الثالث: الدلائل المعنوية، كاستجابة الله دعاءه، وعصمتِه له من القتل، وانتشارِ رسالته عليه الصلاة والسلام، فهذا النوع من الدلائل يدل على تأييد الله له ومعيِته لشخصه ثم لدعوته ودينه، ولا يؤيد الله دعياً يفتري عليه الكذب بمثل هذا.
 
تأمل معي هذه الأحاديث
 
أصابت الناس سنة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما النبي صلى
الله عليه وسلم يخطب في يوم جمعة
قام أعرابي فقال : يا رسول ، هلك المال وجاع العيال ، فادع الله لنا .
فرفع
يديه ، وما نرى في السماء قزعة ، فوالذي نفسي بيده ، ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته صلى الله عليه وسلم ، فمطرنا يومنا ذلك ، ومن الغد وبعد الغد ، والذي يليه ، حتى الجمعة الأخرى .
وقام ذلك الأعرابي، أو قال غيره ،
فقال : يا رسول الله ، تهدم البناء وغرق المال ، فادع الله لنا .
فرفع يديه
فقال : اللهم حوالينا ولا علينا .
فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا
انفرجت ، وصارت المدينة مثل الجوبة ، وسال الوادي قناة شهرا ، ولم يجىء أحد من ناحية إلا حدث بالجود
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 933

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
 
 
ومن صور حماية الله لنبيه صلى الله عليه وسلم أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى ، لو قد رأينا محمداً، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى نقتلَه.
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقالت:
هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك،
فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
فقال:((يا بنية، أريني وَضوءاً)) فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد
فلما رأوه قالوا: ها
هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه))
ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم
من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً.
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الوادعي - المصدر: الصحيح المسند -
الصفحة أو الرقم: 657
خلاصة حكم المحدث: حسن رجاله رجال الصحيح
 
 
الله أكبر، قريشٌ بخُيلائها وكِبْرِها تتعاهد على قتل رجل أعزل، وتقسم على ذلك بآلهتها ثم لا يقوم منهم واحد لتنفيذ عزمتهم، بل قام صلى الله عليه وسلم على رؤوسهم يحصِبُهم بالحصى متحدياً عجزهم، مبيناً سِفالَ أمرهم وهوانَه
وكيف لا ؟ والله العظيم يؤيده ويقويه، فيقول:

وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ (المائدة: 67).


 
 
وأما رابع أنواع دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم فهو أعظمُها وأدومُها، إنه القرآن الكريم معجزة الله التي لا تبليها السُنونُ ولا القرون، هذا الكتاب معجزة خالدة ودليل باهر بما أودعه الله من أنواع الإعجاز العلمي والتشريعي والبياني، وغيرِها من وجوه الإعجاز، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من الأنبياء من نبي، إلا قد أُعطي من الآيات، ما مثلٌه آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أُوتيتُ وحياً أَوحى اللهُ إليّ، فأرجو أن أكون أكثرَهم تابعاً يوم
القيامة)).[رواه البخاري ح (4981)، ومسلم ح (152) واللفظ له.]

 
 
 
وخامس أنواع دلائل النبوة إخبار النبوات السابقة وتبشيرها بمقدمه صلى الله عليه وسلم، فهو النبي الذي أخذ الله الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا به وينصروه حال بعثته:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا ءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (آل عمران: 81).
 
قال علي رضي الله عنه : (ما بعث الله نبياً آدم فمن دونه؛ إلا أخذ عليه الميثاق:
 لئن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي؛ ليؤمنن به ولينصرنه وليتبعنه).
 
 
 
وأما سادس أنواع دلائل النبوة فأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله الشخصية الدالة على كماله ونبوته، إذ لم تجتمع فيه هذه الصفات وتلك الكمالات إلا من تأديب الله له، فقد أدّبه فأحسن تأديبه.
و هذا الجزء سنراه بالتفصيل لاحقاً إن شاء الله في موضوعنا هذا



 

كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقاً وأكرمهم وأتقاهم
عن أنس رضي الله عنه قال"
كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا".
 الحديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي.





 
الشجاعة خلق رائع من روائع أخلاق النبي المصطفى حيث كان يضرب لنا بتلك الأخلاق الأسوة
والمثل والقدوة، فما أروع حياته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم

 

1 - لم تراعوا لم تراعوا:
عن أنس رضي الله عنه قال:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس ، وأجود الناس ، وأشجع الناس ،

 قال : وقد فزع أهل المدينة ليلة ، سمعوا صوتا ، قال : فتلقاهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس لأبي طلحة عري ،
 وهو متلقد سيفه ، فقال : ( لم تراعوا لم تراعوا ) . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وجدته بحرا ) . يعني الفرس .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 3040
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


2- الأقرب إلى العدو عند الحرب:
عن علي رضي الله عنه قال:
"لقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى عدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا"
الراوي: علي بن أبي طالب المحدث: العراقي - المصدر: تخريج الإحياء -
الصفحة أو الرقم: 2/467
خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد

 
 

 
3- تسترضيه قريش خوفا منه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قلت له:
ما أكثر ما رأيت قريشًا
أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تُظهِر من عداوته!
 قال: حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يومًا في الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفَّه أحلامنا، وشتم آباءنا، وعاب ديننا،
 فرَّق جماعتنا، وسبّ آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم، أو كما قالوا.


قال: فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلي مشي حتى استلم الركن
ثم مر بهم طائفًا بالبيت، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول.

قال: فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها،فعرفت ذلك في وجهه ثم مضى،
 ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فقال: "تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَمَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ".

فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتىإنَّ أشدهم فيه وصاةً قَبْل ذلك
لَيَرْفَئُوه بأحسن ما يجد من القول، حتى إنه ليقول: انصرفْ يا أبا القاسم، انصرف راشدًا، فوالله ما كنت جهولاً.
قال: فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم...
الراوي: عروة بن الزبير المحدث: أحمد شاكر - المصدر: مسند أحمد - الصفحة أو الرقم: 11/203
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

 

 
4- لم يفر صلى الله عليه وسلم يوم حنين:
عن أبي إسحاق: قال رجل للبراء بن عازب رضي الله عنهما: أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟
 قال: لكن رسول الله لم يفر، إن هوازن كانوا قومًا رماة، وإنا لما لقيناهم حملنا عليهم فانهزموا،
 فأقبل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسهام، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفرَّ،
 فلقد رأيته وإنه لعلى بغلته البيضاء، وإن أبا سفيان آخذٌ بلجامها، و النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
"أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ"
الراوي: أبو إسحاق المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1776
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 

 
 

 
التواضع خلق جليل من روائع أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم التي اتسم بها وضرب لنا فيها أعظم الأمثلة
فكيف كان تواضعه صلى الله عليه وسلم؟
صور من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم
1- الأمة من إماء المدينة تنطلق به حيث شاءت:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم،فتنطلق به حيث شاءت
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6072
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
 


2- يا أبا عميرٍ ما فعل النغير:
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم سُلَيْم، ولها ابنٌ من أبي طلحة يُكَنَّى أبا عمير،
وكان يمازحه، فدخل عليه فرآه حزينًا، فقال: "مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا؟!"
فقالوا: مات نُغْرُه "
طائر صغير يشبه العصفور منقاره أحمر" الذي كان يلعب به.
 قال: فجعل يقول: " أبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟".
الراوي: أنس بن مالك المحدث: العراقي - المصدر: الأربعون العشارية - الصفحة أو الرقم: 142
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
3- يخصف نعله ويخيط ثوبه:
عن عائشة أنها سُئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته، قالت:
"كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ"
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 4937
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 


4- أنت أحق بصدر دابتك مني:
عن عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبا بريدة يقول: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي
جاء رجل ومعه حمار فقال: يا رسول الله، اركبْ. وتأخر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لاَ، أَنْتَ أَحَقُّ بِصَدْرِ دَابَّتِكَ مِنِّي إِلاَّ أَنْ تَجْعَلَهُ لِي".
 قال: فإني قد جعلته لك، فركب صلى الله عليه وسلم
الراوي: بريدة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2572
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

 
 
 
5- ويمزح مع زاهر:
عن أنس رضي الله عنه
أن رجلاً من أهل البادية
كان اسمه زاهرًا،كان يهدي للنبي صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية،
فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"
إِنَّ زَاهِرًا بَادِيَتُنَا وَنَحْنُ حَاضِرُوهُ".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان رجلاً دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا
وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره
فقال
الرجل: أرسلني، من هذا؟
فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم،
فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم
 حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"مَنْ يَشْتَرِي الْعَبْدَ".
فقال: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "
لَكِنْ عِنْدَ اللهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ"، أو قال: "لَكِنْ عِنْدَ اللهِ أَنْتَ غَالٍ"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 4815
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط الشيخين

 

 

الزهد يعد خلق الزهد من جملة الأخلاق الرفيعة التي تخلق وتحلى بها رسولنا صلى الله عليه وسلم
فكيف كان زهد النبي؟ وكيف تأثر به أصحابه؟

 
1- قصة الجدي الأسك
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق ، داخلا من بعض العالية ، والناس كنفته .
فمر بجدي أسك
ميت . فتناوله فأخذ بأذنه .
ثم قال " أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟ "

فقالوا : ما نحب أنه لنا بشيء . وما نصنع به ؟
قال " أتحبون أنه لكم ؟ "

قالوا : والله ! لو كان حيا ، كان عيبا فيه ، لأنه أسك . فكيف وهو ميت ؟
فقال " فوالله ! للدنيا أهون على الله ، من هذا عليكم " .
وفي رواية : بمثله . غير أن في حديث الثقفي : فلو كان حيا كان هذاالسكك به عيبا .

الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم -
الصفحة أو الرقم: 2957
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 


2- مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
 "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ"
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 2916

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




 
كان رسول الله مضرب الأمثال في الكرم؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس خلقا
وأبسطهم يدا وأجودهم كفا.
 
1- لا تجدوني بخيلا:
عن جبير بن مطعم
أنَّهُ بينا هو مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومعهُ الناسُ
، مقبلًا من حنينٍ ، عَلِقَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
الأعرابُ يسألونَهُ، حتى اضطروهُ إلى سَمُرَةٍ فخَطِفَتْ رداءَهُ
فوقف رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ
وسلَّمَ فقال :
 أعطوني ردائي ، فلو كان عددُ هذهِ العِضَاهِ نعمًا لقسمتُهُ بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا ، ولا كذوبًا ، ولا جبانًا .
الراوي: جبير بن مطعم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 3148
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] .



2- يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة:
عن موسى بن أنس، عن أبيه قال:
"ما سُئل رسول الله على الإسلام شيئًا إلا أعطاه. قال: فجاءه رجل فأعطاه غنمًا بين جبليْن،
فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة"
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2312
خلاصة حكم المحدث: صحيح



3- أجود بالخير من الريح المرسلة:
عن ابن عباس قال:
كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة
 من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 2094
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
4- يعطي بردته لأحد أصحابه:
عن سهل بن سعد قال:جاءت امرأة إلى النبي ببردة فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟
فقال القوم: هي الشملة.
فقال سهل:
هي شملة منسوجة فيها حاشيتها.
فقالت: يا رسول الله،
كسوك هذه.
فأخذها النبي
صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها فلبسها، فرآها عليه رجل من الصحابة،
فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه فاكسنيها.
فقال: "نَعَمْ". فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامَهُ أصحابه، قالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم
 أخذها محتاجًا إليها، ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يُسأل شيئًا فيمنعه.
فقال: رجوتُ بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لعلِّي أكفَّن فيها

الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6036
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
 
 
5- سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني:
عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب أن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني
ثم قال: "يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى".

قال حكيم:
فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ "
أي أنقص مال أحد" أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا.
فكان أبو بكر رضي الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر رضي الله عنه دعاه
ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا قال عمر: إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم أني أعرض عليه حقه
من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه.
فلم يرزأ
حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفِّي.

الراوي: حكيم بن حزام المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1472
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
 


6- لست بباخل:
عن سلمان بن ربيعة قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمًا،
فقلت: والله يا رسول الله، لغيرُ هؤلاء كان أحق به منهم.
قال "
إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ"
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1056
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 
7- انثروه في المسجد:
عن أنس رضي الله عنه قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال من البحرين فقال: "انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ".
وكان أكثر مال أتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة
ولم يلتفتْ إليه، فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه، فما كان يرى أحدًا إلا أعطاه، إذ جاءه العباس
فقال: يا رسول الله، أعطني فإني فاديت
نفسي وفاديت عقيلاً.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وصلم:
"
خُذْ". فحثا في ثوبه، ثم ذهب يُقِلُّهُ فلم يستطع
فقال: يا رسول الله، مُرْ بعضهم يرفعه إليَّ. قال: "
لاَ".
قال: فارفعه أنت عليَّ.
قال: "
لاَ". فنثر منه ثم ذهب يقله، فقال: يا رسول الله، مر بعضهم يرفعه عليَّ.
قال: "
لاَ". قال: فارفعه أنت عليَّ.
قال: "
لاَ".
فنثر منه ثم احتمله فألقاه على كاهله ثم انطلق،
فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يُتبِعُهُ بصرَه
حتى خفي علينا؛ عجبًا من حرصه، فما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وثَمَّ منها درهم
رواه البخاري.





 
الحياء خلق كريم من أخلاقه النبي العدنان فكثيرا ما أصل النبي لخلق الحياء ومدحه,
وكان الحياء ظاهرا في جميع تصرفاته فكيف كان حياؤه صلى الله عليه وسلم؟


1- "فيستحيي منكم":
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر بنا في مسجد بني رفاعة فسمعته يقول:

 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مر بجنبات أم سليم دخل عليها فسلم عليها
ثم قال: كان
النبي
صلى الله عليه وسلم عروسًا بزينب
فقالت لي أم سليم: لو أهدينا لرسول الله
صلى الله عليه وسلم هدية.
فقلت لها: افعلي. فعمدت إلى تمرٍ وسمن وأقط، فاتخذت حَيْسة في بُرمة فأرسلت بها معي إليه، فانطلقت بها إليه
فقال لي: "ضَعْهَا". ثم أمرني فقال:
"ادْعُ لِي رِجَالاً -سَمَّاهُمْ- وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ".

قال: ففعلت الذي أمرني، فرجعت فإذا البيت غاص بأهله،
فرأيت النبي
صلى الله عليه وسلم وضع يديه
 على تلك الحيسة وتكلم بها ما شاء الله، ثم جعل يدعو عشرة عشرة يأكلون منه، ويقول لهم:
 "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ".
قال: حتى تصدعوا كلهم عنها، فخرج منهم من خرج وبقي نفر يتحدثون.
 
قال: وجعلت أغتمُّ ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم نحو الحجرات، وخرجت في إثره فقلت: إنهم قد ذهبوا.
 فرجع فدخل البيت، وأرخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ
فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}
[الأحزاب: 53]
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5163
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

 


 

2- سبحان الله تطهري!!
عن عائشة أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل
قال: "
خُذِي فِرْصَةً ( أي: قطعة من صوف أو قطن، أو جلدة عليها صوف) مِنْ مَسْكٍ،فَتَطَهَّرِي بِهَا".
قالت: كيف أتطهر؟ قال: "
تَطَهَّرِي بِهَا".
قالت: كيف؟ فاستتر كذا ثم قال: "
سُبْحَانَ اللَّهِ! تَطَهَّرِي".
فاجتبذتها إليَّ،
فقلت: تتبعي بها أثر الدم

الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 332
خلاصة حكم المحدث: صحيح


 


 

3- ويستحيي من عثمان:
عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا في بيتي،كاشفًا عن فخذيه أو ساقيه،

 فاستأذن أبو بكر، فأذن له وهو على تلك الحال فتحدث، ثم استأذن عمر، فأذن له وهو كذلك فتحدث،
ثم استأذن عثمان، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوَّى ثيابه فدخل فتحدث، فلما خرج
قالت عائشة: دخل
أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله،
ثم دخل عثمان فجلست وسوّيت ثيابك.
فقال: " أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلاَئِكَةُ"
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2401
خلاصة حكم المحدث: صحيح


العدل .. روائع أخلاق الرسول

 
مواقف من روائع خلق العدل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، قصة المرأة المخزومية،
 العدل بين الأولاد، العدل بين الأزواج
1- لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها:
عن عائشة رضي الله عنها أن قريشًا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت،
فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟!
قالوا: ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم. فكلمه أسامة
فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ".
ثم قام فاختطب، ثم قال: "إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ
فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ،ايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا"
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1688
خلاصة حكم المحدث: صحيح



2- ويأمر بالعدل بين الأولاد:
عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول: أعطاني أبي عطية،

فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تُشهِد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله.
قال: "أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ
مِثْلَ هَذَا". قال: لا
. قال: "فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ".
قال: فرجع فردَّ عطيته
الراوي: النعمان بن بشير المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2587
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



3- ويعدل بين أزواجه:
عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: قالت عائشة : يا ابن أختي كان رسول اللهصلى الله عليه وسلم

لا يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم إلا وهو يطوف علينا جميعا فيدنو
من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها
ولقد قالت سودة بنت زمعة حين
أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله
 يومي لعائشة فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منها قالت نقول في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها أراه
قال: ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا )
الراوي: عروة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2135
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح

 
 


في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، اذهبوا فأنتم الطلقاء، لا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما

1- جذبه أعرابي فأمر له بعطاء!
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بُردٌ نجراني
غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم
قد أثَّرت به حاشية الرداء من شدة جذبته، ثم قال: مُرْ لي من مال الله الذي عندك.
فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم
فضحك، ثم أمر له بعطاء
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3149
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




2- يدعو بالهداية لمن آذاه:
عن عبد الله بن عبيد قال: لما كسرت رباعية "السن بين الثنية والناب" رسول الله صلى الله عليه وسلم،

وشُجَّ "جرَحه غيرُه" في جبهته، فجعلت الدماء تسيل على وجهه،
قيل: يا رسول الله، ادعُ الله عليهم.
فقال صلى الله عليه وسلم:
"
إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَبْعَثْنِي طَعَانًا وَلا لَعَّانًا، وَلَكِن بَعَثَنَي دَاعِية وَرَحْمَة، اللهُمَّ اغْفِر لِقَومِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ"
الراوي: عبدالله بن عبيد المحدث: البيهقي - المصدر: شعب الإيمان - الصفحة أو الرقم: 2/622
خلاصة حكم المحدث: مرسل




وعندما عَصَتْ قبيلةُ دوسٍفي بداية أمرها أَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال أبو هريرة رضي الله عنه: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم
فقالوا: يا رسول الله،
إن دوسًا عصت وأبت، فادعُ الله عليها. فقيل: هلكت دوس!
قال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائتِ بِهِمْ"
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2524
خلاصة حكم المحدث: صحيح




3- من يمنعك مني؟
يروي جابر بن عبد الله، يقول:كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع ، فإذا أتينا على شجرة ظليلة

 تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم
فجاء رجل من المشركين وسيف النبي
صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة فاخترطه
فقال : تخافني ؟ قال :
(
لا ) . قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : ( الله ) .
 
فتهدده أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأقيمت الصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا ،
وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين ، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع ، وللقوم ركعتان .
وقال أبو الزبير ، عن جابر : كنا مع النبي صلى الله عليه
وسلم بنخل ، فصلى الخوف .
وقال أبو هريرة : صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة نجد صلاة الخوف ،
وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أيام خيبر .
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4136
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




5- دعوهم يكن لهم بدء الفجور ‏وثناه:
يقول سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: "... ثم إن المشركين راسلونا الصلح . حتى مشى بعضنا في بعض . واصطلحنا .
قال : وكنت تبيعا لطلحة بن
عبيد الله . أسقي فرسه ، وأحسه ، وأخدمه . وآكل من طعامه .
وتركت أهلي
ومالي ، مهاجرا إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
قال : فلما اصطلحنا
نحن وأهل مكة ، واختلط بعضنا ببعض ، أتيت شجرة فكسحت شوكها .

 فاضجعت في أصلها .

 


قال : فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة .
فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 فأبغضتهم . فتحولت إلى شجرة أخرى . وعلقوا سلاحهم . واضطجعوا .
فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي : يا للمهاجرين ! قتل ابن زنيم . قال : فاخترطت سيفي .
ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود . فأخذت سلاحهم .
فجعلته ضغثا في يدي .
قال : ثم قلت : والذي كرم وجه محمد ! لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه .
قال : ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز .
يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
على فرس مجفف . في سبعين من المشركين .
فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
 ( دعوهم . يكن لهم بدء الفجور وثناه ) فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الراوي: سلمة بن الأكوع المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1807
خلاصة حكم المحدث: صحيح




6- أعطوه سنا مثل سنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له ، فهم أصحابه
فقال : ( دعوه ، فإن لصاحب الحق مقالا ،
واشتروا له بعيرا فأعطوه إياه ) .

وقالوا : لا نجد إلا أفضل من سنه ، قال : ( اشتروه ، فأعطوه إياه ، فإن خيركم أحسنكم قضاء ) .
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 2390

خلاصة حكم المحدث: [صحيح]




خلق الصبر من جملة الأخلاق الفاضلة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، حي إن النبي كان صابرا محتسبا للأجر

 من ربه جل في علاه، فكيف كان صبر النبي المصطفى؟
 
1- أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر:
لما كان يوم حنين آثر النبي صلى الله عليه وسلم ناسا ، أعطى الأقرع مائة من الإبل ، وأعطى عيينة مثل ذلك ،
وأعطى ناسا، فقال رجل : ما أريد بهذه القسمة وجه الله
فقلت : لأخبرن النبي صلى الله عليه وسلم ،
قال : (
رحم الله موسى ، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4336
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



2- أوعك كما يوعك رجلان منكم:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: دخلت على رسول الله صلى اللهعليه وسلم وهو يوعك . فمسسته بيدي .
فقلت : يا رسول الله ! إنك
لتوعك وعكا شديدا .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجل . إني أوعك كما يوعك رجلان منكم " قال فقلت : ذلك ، أن لك أجرين .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجل " ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه ، إلا حط الله به سيئاته ، كما تحط الشجرة ورقها " .
وليس في حديث زهير : فمسسته بيدي . وزاد في حديث أبي معاوية . قال " نعم . والذي نفسي بيده ! ما على الأرض مسلم " .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2571
خلاصة حكم المحدث: صحيح



 
3- الصبر عند الصدمة الأولى:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بامرأةٍ تبكي عند قبرٍ ،
فقال :اتَّقي اللهَ واصبري قالت : إليكَ عَنِّي ، فإنكَ لم تُصَبْ بمصيبتي ، ولم تعرفْهُ ،
فقيل لها : إنَّهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فأتت باب النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فلم تجد عندَهْ بوَّابِينَ ،
 فقالت : لم أعرفْكَ ، فقال : إنما الصبرُ عند الصدمةِ الأولى .
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 1283
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

 

 
4- الصبر على أذى قريش:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: بينما رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قائم يصلي عِندَ الكعبة،
وجمع قريش في مجالسهم، إذ قال قائل منهم : ألا تنظرون إلى هذا المرائي، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد
 إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به، ثم يمهله، حتى إذا سجد، وضعه بين كتفيه ؟ فانبعث أشقاهم،
فلما سجد رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وضعه بين كتفيه، وثبت النبي ساجدا، فضحكوا حتى مال بعضهم
 إلى بعض من الضحك فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام، وهي جويرية، فأقبلت تسعى،
وثبت النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ساجدا، حتى ألقته عنه، وأقبلت عليهم تسبهم
فلما قضى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الصلاة،

قال :
اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش .
ثم سمى : اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة،
وأمية بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد.

قال عبد الله : فوالله، لقد رأيتهم صرعى يومَ بدر، ثم سحبوا إلى القُلْيب، قُلْيب بدر،
ثم قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : وأتبع أصحاب القُلْيب لعنة .
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 520
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]





 
يعد خلق الرحمة من جملة الأخلاق الحسنة الظاهرة في حياة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، بل كان دائما ما يحث على الرحمة,

فكيف كانت رحمة النبي؟

 
1- يرحم غلام أبي مسعود الأنصاري:
يروي أبو مسعود الأنصاري رضي الله عنه فيقول: كنت أضرب غلاما لي .
فسمعت من خلفي صوتا (
اعلم ، أبا مسعود ! لله أقدر عليك منك عليه ) فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقلت : يا رسول الله ! هو حر لوجه الله . فقال (
أما لو لم تفعل ، للفحتك النار ، أو لمستك النار ) .
الراوي: أبو مسعود عقبة بن عمرو المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1659
خلاصة حكم المحدث: صحيح



2- "يا أنيس اذهب حيث أمرتك":
عن أنس بن مالك قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا . فأرسلني يوما لحاجة .
فقلت : والله ! لا أذهب . وفي نفسي
أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم
فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق .
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد
قبض بقفاي من ورائي .
قال فنظرت إليه وهو يضحك .

فقال : "
يا أنيس ! أذهبت حيث أمرتك ؟ " قال قلت : نعم . أنا أذهب ، يارسول الله !
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2310
خلاصة حكم المحدث: صحيح



 
4- يطيل السجود رحمة بالصبي:
عن شداد بن الهاد قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشاء ، وهو حامل حسنا
أو حسينا ، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوضعه ، ثم كبر للصلاة ، فصلى ،
فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها

 


قال
أبي : فرفعت رأسي ، وإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد ،
 فرجعت إلى سجودي ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال الناس : يا رسول الله ! إنك سجدت بين ظهرني صلاتك سجدة أطلتها !
حتى ظننا أنه قد حدث أمر ، أو أنه يوحى إليك ؟ !
 
 قال :كل ذلك لم يكن ؛ ولكن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته
الراوي: شداد بن الهاد الليثي المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 1140
خلاصة حكم المحدث: صحيح






خلق الأمانة خلق رفيع من أخلاق النبي الكريم، اشتهر به النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية
حتى كان يلقب بالصادق الأمين
 
1- رد الأمانات إلى أهلها عند الهجرة:
في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: وأمر " تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم "
عليًّا رضي الله عنه أن يتخلف عنه بمكة ؛ حتى يؤدِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بمكة أحدٌ عنده شيء يُخشى عليه إلا وضعه عنده؛ لما يُعلم من صدقه وأمانته.
.. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث ليالٍ وأيامها؛
حتى أدَّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس،
حتى إذا فرغ منها لَحِق رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
الراوي: رجال قوم عبدالرحمن بن عويم من أصحاب النبي المحدث: الألباني - المصدر: إرواء الغليل - الصفحة أو الرقم: 5/384
خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن

2- لا يأكل تمرة ربما سقطت من الصدقة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :
إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي . ثم أرفعها لآكلها , ثم أخشى أن تكون صدقة . فألقيها
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1070
خلاصة حكم المحدث: صحيح


 

 


 
 

معجزات النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة متعددة ، وقد جاوزت الألف ،

 كما صرح بذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في "إغاثة اللهفان" (2/691)،
وهذه المعجزات منها ما حصل وانتهى ، ومنها ما هو باق إلى أن يشاء الله تعالى ، وهو المعجزة العظمى ،
 
 والآية الكبرى على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي القرآن العظيم ، الآية الباقية الدائمة التي لا يطرأ عليها
التغيير والتبديل ، وهو معجز من وجوه عديدة : من جهة لفظه ، فقد تحدى الله فصحاء العرب
 أن يأتوا بمثل سورة منه فعجزوا.
 
ومعجز بما فيه من أخبار مستقبلة وقعت كما أخبر عنها ،
كقوله تعالى : (الم , غُلِبَتْ الرُّومُ , فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ , فِي بِضْعِ سِنِينَ) الروم/1-3 .
ومعجز بما فيه من تشريعات محكمة ما كانت البشرية كلها تهتدي لمثلها .
ومعجز بما فيه من علوم وأخبار عن أسرار هذا الكون ، والذي لا يزال العلم الحديث يكتشف يوماً
بعد يوم شيئاً فشيئا من هذه الأسرار.
 
 

 
وأما المعجزات التي حصلت وانتهت فهي كثيرة كما قلنا ومن أشهرها

 
1- معجزة الإسراء والمعراج
 
وقد جاء القرآن بذكر الإسراء صراحة والإشارة إلى المعراج ، وجاءت الأحاديث من السنة الصحيحة
المستفيضة ببيان المعراج وما كان فيه.


2- معجزة انشقاق القمر 
 
 وقد ورد القرآن بذكرها ، وتواترت بها السنة ، كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى ، وأجمع على ذلك المسلمون.


3- إخباره صلى الله عليه وسلم بالأمور الغيبية المستقبلة
 
ثم تقع كما أخبر ، وقد حدث مما أخبر به شيء كثير ، ولا نزال نرى أشياء تحدث مما أخبر به صلى الله عليه وسلم.


4- تكثير القليل من الطعام بين يديه صلى الله عليه وسلم
 
حتى كان يأكل منه من معه من الجيش، وتبقى منه بقية ، والأحاديث في ذلك في الصحيحين وغيرهما.
 
وايضا من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره،
 إنطاق الجماد له، وتكلم الحيوان إليه، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت انتباه أصحابها
نحو دعوته التي جاء بها، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر، وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل،
إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.

 
5- فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم
 الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء
قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل )
رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .



6- ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم 
 فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
 ( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم.
 
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
 ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول:
 السلام عليك يا رسول الله )
رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .

7- ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم
الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :

( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
 
وفي سنن الدارمي : (خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد) ،
وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .


8- أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ،
فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:
 
 ( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس،
وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل-
 
بستان فيه نخل صغار-، قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل،
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم،
 فمسح ذفراه- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟
 لمن هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة
التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-)
رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني.

 
والمعجزات كما قلنا كثيرة وهذا طرف منها، وقد أَلَّف العلماء في جمع معجزات النبي صلى الله عليه وسلم
مؤلفات عديدة كدلائل النبوة للبيهقي، وأعلام النبوة للماوردي،
وكتب العقيدة مملوءة بذكرها في مبحث الإيمان بالرسل.



 


مثَّل النبي صلى الله عليه وسلم في حياته المليئة بالإلتزامات أفضل زوج
في التاريخ، فلم تمنعه كثرة أعماله
ومشاغله من إعطاء أزواجه حقوقهن الواجبة عليه، مع أنه كان قائداً للدولة، ومبلغاً للرسالة وقائداً للجيش،
ومعلماً للناس إلا أن هذه الأعمال كلها لم تحل بينه وبين أزواجه كما هو حال كثير من المسلمين اليوم
يضيع حقوق زوجه بحجة الأعمال الكثيرة والإلتزامات العديدة، ويا ليت أن الأمر يتوقف عند هذا بل إن بعض الأزواج
 يعتدي على زوجه بالشتم والسب والضرب، وهؤلاء الأزواج قد خالفوا سنة نبيهم في هديه مع أزواجه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يضرب بيده الشريفة الطاهرة أحداً كما قالت عائشة رضي الله عنها :
(ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ، ولا ضرب خادما ولا امرأة)
الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: مختصر الشمائل - الصفحة أو الرقم: 299
خلاصة حكم المحدث: صحيح


وإنما كان عليه الصلاة والسلام زوجاً حنوناً رحيماً يعطف على أزواجه ويرحمهن ويبتسم لهن ويعاملهن
معاملة حسنة, معاملة نبوية كريمة،فقد كان صلى الله عليه وسلم متزوجا تسعا من النساء
إلا أنه لا يمنعه كثرتهن أن يعطي كل واحدة منهن حقها.


فالنوم عندهن كان بالسوية، ينام عند هذه ليلة وعند الأخرى ليلة وعند الثالثة والرابعة وهكذا بقية نسائه
عليه الصلاة والسلام، فهو لا يُغّلِبَ إحداهن على الأخريات، وإنما بالسوية إلا من تنازلت عن حقها كما تنازلت
زينب بليلتها لعائشة رضي الله عنها و عنهن أجمعين، وكان عليه الصلاة والسلام يصحب زوجاته في السفر،
 كما صحّ في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرًا أقرع بين أزواجه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها
رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4141
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فيحسن إليها ويبتسم لها بل ويمازحها ويضاحكها، ويسابقها كما فعل مع عائشة رضي الله عنها.
ثم إنه عليه الصلاة والسلام راعى أموراً في حق الزوجية قد تكون صغيرة في أعين الناس ألا وهي التجمل لأزواجه والتزين لهن
فقد قالت عائشة رضي الله عنها
" كان صلى الله عليه وسلم لا يدخل بيته إلا والسواك على فمه"
فهو لا يريد أن تشم منه أزواجه رائحة أكله صلى الله عليه وسلم
ما أطيبه حياً وميتاً
لم يكن عليه الصلاة والسلام بحاجة لذلك فهو طيب الريح، بأبي هو وأمي ولكنه قدوة للناس، يهتم بكل صغيرة وكبيرة في الحياة الزوجية لأن هذه الأمور لها أثرها الكبير في الحياة الزوجين سلباً وإيجاباً.



والمزاح مع أزواجه لم يكن غائباً عنه عليه الصلاة والسلام
بل كان حاضراً في كثير من أوقاته مع أهله
فعائشة رضي الله عنها تقول:
" كنت أغتسل أنا والرسول صلى الله عليه وسلم من إناء واحد حتى إنه ليقول دعي لي وأقول دع لي"
فكان هذا مزاحاً لطيفاً يدل على حسن العشرة النبوية منه صلى الله عليه وسلم مع أزواجه.
وعن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العظم فأتعرّقه -
أي: آكل ما بقي فيه من اللحم وأمصه - ،ثم يأخذه فيديره حتى يضع فاه على موضع فمي) رواه مسلم.

 


فأي حب وأي مودة منه صلى الله عليه وسلم لأزواجه؟!
وهو في بيته كان عليه الصلاة والسلام لا يأنف من أن يقوم ببعض عمل البيت ويساعد أهله،
سئلت عائشة رضي الله عنها :
"ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله -
 أي: في خدمتهم - ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة"
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 676
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

وها هو يحن على أزواجه ويعطف علهن فعن أنس قال:
(خرجنا إلى المدينة قادمين من خيبر،فرأيت النبي يُحَوِّي لها -أي: لصفية - وراءه بعباءة،ثم يجلس عند
بعيره فيضع ركبته، وتضع صفية رجلها على ركبته حتى تركب).
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4211
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]


هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم زوجاً، وهذه هي بعض معاملاته وأخلاقه
مع أزواجه فقد كان أفضل الأزواج على الإطلاق
فهل للأزواج اليوم أن يحسنوا معاملة ومعاشرة أزواجهم كما كان نبيهم صلى الله عليه وسلم ؟
هل للأزواج أن يغيروا منأسلوب القهر والظلم على الزوجات.؟
آمل أن تكون حياة النبي صلى الله عليه وسلم قدوة لنا نجعلها نصب أعيينا في التعامل مع أزواجنا.

 

 


 
إن النبي كرم المرأة بنتاً صغيرة وكرمها زوجة وكرمها أما وأعطاها مكانة تليق بها وكان يرفق بهن
ويشفق عليهن صلى الله عليه وسلم

المرأة قبل بعثة النبي كانت مهانة وكانت تقتل وتوءد خشية الفقر والعار فجاء المصطفى
ليرفع قدر المرأة وليعلي من شأن المرأة ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
 "إنما النساء شقائق الرجال"
الراوي: عائشة و أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح
الجامع - الصفحة أو الرقم: 2333

خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
بل في أعظم الأيام وقف النبي في يوم عرفة في هذا الموقف الجليل الذي لا ينسى فيقول كما في حديث مسلم
" اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله "
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1218
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
وكان النبي يعلمهن ويذكرهن أمور دينهن ويأمرهن بالصدقة وكانت النساء تهدي للنبي الهدايا
 وكان يقبلها النبي صلى الله عليه وسلم
وكان يغير النبي صلى الله عليه وسلم أسماء النساء القبيحة يبدلها بأسماء حسنة وجميلة
 
فتح النبي المجال للنساء بأن يصلوا في المساجد وفي مسجده هو صلى الله عليه وسلم حتى كان يقول صلى الله عليه وسلم
 " لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: ابن عبدالبر - المصدر: التمهيد - الصفحة أو الرقم: 24/278
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
وراعى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وأعطاهم دور وكيان وتعامل مع متطلباتهم في الحياة في ذلك الزمان
وبايعن النبي النساء ونزلت في ذلك آيات قرآنية في بيعة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم

 
ويسر النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة طريق الجنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
 " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت "
الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 660
خلاصة حكم المحدث: صحيح
 
 
أي كرامة هذه نالت بها المرأة هذا كله بدعوة الحبيب صلى الله عليه وسلم
حتى في مرض وفاة النبي في آخر وصيته راعى المرأة وقال أوصيكم بالنساء خيراً
 
هذه العناية الكبيرة للنبي صلى الله عليه وسلم ستزيد النساء في العالم محبة لهذا النبي صلى الله عليه وسلم
وحب لإتباعه صلى الله عليه وسلم
 
 
كان الرسول ( صل الله عليه وسلم ) على علاقة حميدة وقريبة جدا مع أصحابه وكان يراقب شؤونهم
ويتفقدهم ويسأل عن أحوالهم ومعاشهم وصحتهم وسقمهم ومنظرهم ويتابع حاجاتهم ويحاول تأمينها لهم.

أما عن رفاقته ومصاحبته لهم فقد أخذ بشغاف قلوبهم
وكانوا يشعرون بالراحة والاطمئنان النفسي
والروحي في مجالستهم له وحتى بعد مغادرتهم لمجلسه.


وقد وصف الامام علي ( رضى الله عنه ) وهو أقرب الناس اليه
هذه العلاقة وصفا دقيقا
وبليغا وصور لنا الوسط الذي كان فيه يجالس ويصاحب المؤمنين والعلاقة الوثيقة التي كانت تربطهم به، وقال في ذلك:-
( كان الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) أجود الناس وأسخاهم...
 كان أجود الناس كفا وأوسع الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة وأوفاهم ذمة وألينهم عريكة وأكرمهم عشيرة.
 
من راى بديهة هابه، ومن خالطة معرفة أحبه، يقول ناعته لم أر قبله ولا بعده مثله،...
وما كان يأتيه أحد ضر أو عبد أو أمة الا قام معه في حاجته..
 
وفي سيرته صلى الله عليه وسلم نجده يعامل أصحابه معاملة تدلُّ على حُبِّه لهم جميعًا؛ وكأنه صلى الله عليه وسلم
يخصُّ كل صحابي بحبٍّ خاصٍّ يختلف عن باقي أصحابه؛ حيث نجدرسول الله صلى الله عليه وسلم
يصف أصحابه بصفات تُعَزِّز من الألفة والتقارب بينه وبينهم
فيصف الزُّبير بن العوام رضي الله عنه بأنه حواريه
البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب فضل الطليعة (2691).
ويصفُ أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بأنهما وزيراه
الترمذي عن أبي سعيد الخدري (3680) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "... وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ". وقال الترمذي:
وجعل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كاتم سرِّه
هذا حديث حسن غريب. والحاكم (3046) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ومسند ابن الجعد (2026).
البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما (3533)، والكتاني، تحقيق منير الغضبان: التراتيب
الإدارية في نظام الحكومة النبوية ص82.
ولقَّب أبا عبيدة عامر بن الجرَّاح رضي الله عنه بأنه أمين الأُمَّة
البخاري: كتاب المغازي، باب قصة أهل نجران (4121).
 
هذا تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه فأين نحن من ذلك يا أمة الاسلام؟






لابد أننا نجزم ونؤكد على أن رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم هو رجل دولة
الأول: سياسياً وعسكرياً. وفي كل مرة كان في القمة التي لا يرقى إليها أحد وهو الأمي
الذي لا يعرف قراءة ولا كتابة مما يدل على أن المسألة هنا ربانية المبدأ والطريق والنهاية.

 
ولابد أن لنجاح القيادة السياسية نقاط توقف نختصرها كما يلي:

1. استيعاب هذه القيادة لدعوتها وثقتها بها وبأحقيتها، وثقتها بانتصارها، وعدم تناقض سلوك هذه القيادة مع ما تدعو إليه.


2. قدرة القيادة على الاستمرار بالدعوة تبليغاً وإقناعاً.

3. قدرة القيادة في استيعاب المستجيبين للدعوة تربية وتنظيماً وتسييراً.

4. وجود الثقة الكاملة بين القيادة وأتباعها.

5. قدرة القيادة على التعرف على إمكانية الأتباع وأن تستطيع الاستفادة من كل إمكاناتهم العقلية والجسمية أثناء الحركة.

6. قدرة القيادة على حل المشاكل الطارئة بأقل قدر ممكن من الجهد.

7. أن تكون هذه القيادة بعيدة النظر مستوعبة للواقع.

8. قدرة هذه القيادة على الوصول إلى النصر والاستفادة منه.

9. قدرة هذه القيادة أن تحكم أمر بناء دولتها إحكاما يجعلها قادرة على الصمود والنمو على المدى البعيد
 
 
وما عرف التاريخ إنساناً كمل في هذه الجوانب كلها إلى أعلى درجات الكمال غير محمد صلى الله عليه وسلم
مع ملاحظة أن كمالاته هنا جانب من جوانب كمالاته المتعددة التي لا يحيط بها غير خالقها.
ولنستعرض جوانب سيرة رسول الله، تلك الجوانب العملية

 
لنرى براهين ذلك:

1 - استيعابه صلى الله عليه وسلم لدعوته نظرياً وعملياً وثقته بها وبانتصارها:
لقد كان
الرسول صلى الله عليه وسلم واضحاً تماماً في أن منطلق دعوته هو أن الحاكم الحقيقي
للبشر لا يجوز أن يكون غير الله.

وأن خضوع البشر لغير سلطان الله شرك، وأن
التغيير الأساسي الذي ينبغي أن يتم في العالم هو نقل البشر
 من خضوع بعضهم لبعض إلى خضوع الكل لله الواحد الأحد.
 
والأمثلة كثيرة ولكني سوف اختار لكم منها:
1- طالب المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مرة أن يطرد المستضعفين من المسلمين حتى يجلسوا إليه،
 وفي كل مرة كان يتنزل قرآن ويكون موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الرفض

ومن هذه ما أخرجه أبو نعيم عن ابن مسعود قال :
 من الملأ (أي السادة) من قريش على رسول الله وعنده صهيب وبلال وخباب وعمار رضي الله عنهم
ونحوهم وناس من ضعفاء المسلمين
فقالوا (أي الملأ مخاطبين رسول الله):
أرضيت بهؤلاء من قومك؟
أفنحن نكون تبعاً لهؤلاء الذين منَّ الله عليهم؟
اطردهم عنك
فلعلك إن طردتهم اتبعناك

قال: فأنزل الله عز وجل:
وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا
إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ
 يَتَّقُونَ (51) وَلَا تَطْرُدْ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ
مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنْ الظَّالِمِينَ. أخرجه أحمد والطبراني.
 
 
وبذلك يكفيك أن تعلم أن الناس يعتبرون العمل السياسي الإسلامي عملاً مثالياً لا يستطيعه أي إنسان
فإذا ما عرفنا بعد ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام استطاع أن يقود الناس بهذا الإسلام.
 
فلا نجد موقفاً من مواقفه تناقض مع نصوص ومبادئ دعوته، وعلمت أنه ما من زعيم سياسي إلا ويضطر للتناقض،
 إما لاحقا مع سابق أو دعوى مع عمل أو داخلياً مع خارجي، أدركت مدى الكمال في القيادة المحمدية،
 وخاصة إذا عرفت أنه لم يستطيع أن يرتفع من حكّام الأمة الإسلامية إلى القيادة بالإسلام الكامل بحق،
 إلا أفراد منهم الخلفاء الراشدون الأربعة، أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ساس الناس بالإسلام
ولم ينزل بالإسلام إلى مستوى الناس، بل رفع الناس إلى مستواه على وتيرة واحدة ونسق واحد في الفكر والعمل.




2 - استطاعته صلى الله عليه وسلم الاستمرار بدعوته تبليغاً وإقناعاً:
هناك شيئان أساسيان يجب أن يتفطّن لها قادة الحركات السياسية الفكرية الجديدة:
1. الحرص على استمرار عملية التبليغ والإقناع.
2. البصر الحكيم بالموقف الذي يتخذ من الخصم.
إن أي دعوة من الدعوات إذا لم تستطع تأمين عملية استمرار التبليغ والإقناع تجمد ثم تنحصر ثم تموت.
وأي دعوة من الدعوات لا تتخذ الموقف المناسب من الخصم تضرب ضربة ساحقة ثم تزول.

عندما ندرس هذين الجانبين في العمل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد أنه صلى الله عليه وسلم قد نجح فيهما.
فرغم تألب الجزيرة العربية كلها عليه، ورغم العداء
العنيف الذي ووجه به، ورغم كل شئ فإن عملية التبليغ لم تنقطع لحظة من اللحظات.

 
أما للأمر الثاني، فأنت تلاحظ حكمة مواقفه تجاه العدو، فهو في مكة يصبر ويأمر أتباعه بالصبر، ولم يأمر بقتالهم، ولو فعل ذلك لخسر أتباعه قتلاً، ولشغل بذلك في قضايا الثأر، ولما أمكنه أن يتابع عملية التبليغ.

فكسب بهذه الخطة كثيراً من القلوب.

فإذا ما انتقل إلى المدينة رأيت تجدد مواقفه على حسب الظروف الجديدة من معاهدة إلى
سلام إلى حرب إلى ضربة هنا ووثبة هناك.
ولكن هذا كله لم يؤثر بتاتاً على عملية تبليغ
الحق وإقناع الناس به على كل مستوى وبكل وسيلة ملائمة.

وخلاصة القول: لا توجد حركة سياسية تقوم على أساس عقدي نجحت
 كما نجحت دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي فترة قصيرة
وهذا يدلنا على أن الأمر أكبر من
أن يكون لولا التوفيق الإلهي لهذا الرسول الأعظم الفذ على مدى التاريخ بين الرجال.
 




3 - قدرته صلى الله عليه وسلم على استيعاب أتباعه تربية وتنظيماً وتسييراً ورعاية
أن
الدعوة العقدية السياسية تصاب من قبل أتباعها بسبب قيادتها من نواح ثلاث:
 
1. ألا تقدر هذه الدعوة على أن تربي أتباعها تربية نموذجية بحيث يعطي أتباعها صورة حسنة عنها، مما يؤدي
 إلى نفور الناس منها كأثر عن نفورهم من أصحابها، فيكون التابع حجة على الدعوة بدلاً من أن يكون حجة لها.
 
وعلى العكس من ذلك إذا ما ربي أفرادها تربية نموذجية حية فإن الناس يؤمنون بهم قبل إيمانهم بدعوتهم،
ويحبونهم قبل أن يعرفوا ما يدينون به، وكم رجال ضربوا دعوتهم بسلوكهم مع أنهم يحملون دعوة عظيمة.

 
2. أن يدخل الدعوة ناس ولا تستطيع هذه الدعوة أن تسخر طاقاتهم في سبيلها.
وأمثال هؤلاء يكونون في وضع مشلول فلا هم ضد الدعوة ولا هم
يقدمون شيئاً لها.
3. عندما لا يحس الأتباع بالرعاية الدائمة، والملاحظة التامة، وعندما لا يوضعون فيما يحس وضعهم به،
 أو عندما يحسون بأنهم منسيون، أو عندما لا يعرف الإنسان محله ومهمته بها
كل هذا يؤثر على نفسية الأتباع ويولد
عندهم فتوراً عن الدعوة.

هذه النواحي الثلاث لابد من تلافيها لأي دعوة تقوم على أساس مبدأ معين وعدم تلافيها يعطل سير الدعوة ويقتلها.
ومن دراستنا لحياة النبي صلى الله عليه وسلم نجد أنه يتجنبها وتجد ما يقابلها بشكل لا مثيل له
بحيث لا تستغرب بعد كيف انتصرت هذه الدعوة وهذه الجماعة وكيف توسعت على مر الأيام.فنرى:

في الجانب الأول: تربية الرسول صلى الله عليه وسلم وكيف أن الأمة الإسلامية كلها قد وُسعت تربية.
 
في الجانب الثاني: ترى الحركية الدائمة التي كان يجعل أصحابه دائماً يعيشونها.
  • في الجانب الثالث: ترى دقة الرسول صلى الله عليه وسلم في الرعاية والعناية والسهر على شؤون الأتباع
  • بشكل عجيب، ولعل هذا الجانب أحق بالتمثيل
  •  
أخرج ابن إسحاق عن أم سلمة أنها قالت:
لما ضاقت مكة وأوذي أصحاب
رسول الله وفتنوا ورأوا ما يصيبهم من البلاء والفتنة في دينهم وأن رسول الله
 لا يستطيع دفع ذلك عنهم، وكان رسول الله في منعة من قومه ومن عمه، لا يصل إليه شئ مما يكره،
ومما ينال أصحابه. فقال لهم رسول الله:
(إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه).
وقد وجههم مرتين إلى الحبشة.
مرة في السنة الخامسة، ومرة في السنة
السابعة.
حيث كان المسلمون مقدمين على أعظم مراحل الاضطهاد مرحلة
المقاطعة الشاملة.
والأمثلة كثيرة وفيها دلالة على مبلغ دقة الرسول صلى الله عليه وسلم في توجيه أصحابه بالشكل
 الذي يحمون فيه ويأمنون، وكيف أنه لا ينسى أحد منهم بل يستوعبهم جميعاً برعايته،
وكيف يعدهم للحظة المناسبة، وكيف يسيّر كل واحد منهم بحكمة تناسب وضعه.
 




4 - الثقة التي كان يتمتع بها صلى الله عليه وسلم عند أتباعه:
للثقة بين الناس وقائدهم أهمية عظيمة جداً عند أصحاب الفكر السياسي، لذلك ترى في أنظمة الحكم الديمقراطية
 أن الحكومة تبقى حاكمة ما دامت متمتعة بثقة شعبها التي تعرفها ببعض الوسائل
وهذا حال الناس الذين يثقون
بحكوماتهم ومتعاونين معها فإنهم يستطيعون بالتالي أن يسدوا النواقص.
أما إذا
فقدت الثقة فقد تلاشى كل شئ وفقدت الأمة قوتها ويضعف روحها المعنوية ويضرب اقتصادها وبالتالي يهوي بها.

 
لذلك كان من أهم عوامل القائد السياسي لأمة ثقة الأمة به ومحبتها له
فإن
هذا إذا وجد يعوض كل النواقص وكل الفراغات فإذا ما وضح هذا بشكل عام
نقول: أن تاريخ العالم كله لا يعرف مثلاً واحداً يشبه ما كانت عليه ثقة أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم به.
إن ثقة الناس بالقائد الرسول كانت ثقة
غير متناهية يكفي لإدراكها أن ترى بعضاً من مواقف الصحابة
 في أدق وأصعب وأحوج الأحوال:
قال أبو الهيثم بن التيهان: يا رسول الله وإن بيننا وبين الناس حبالاً (أي أحلافاً وعهوداً) فلعلنا نقطعها
 ثم ترجع إلى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس.

فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وقال: الدم الدم، الهدم
الهدم
وفي رواية: بل الدم الدم والهدم الهدم.

أنا منكم وأنتم مني، أحارب
من حاربتم وأسالم من سالمتم. ثم أقبل أبو الهيثم على قومه
فقال: يا قوم
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أنه لصادق وأنه اليوم في حرم الله وأمنه وبين ظهري
قومه وعشيرته، فاعلموا أنه إن تخرجوه رمتكم العرب عن قوس واحدة، فإن كانت طابت أنفسكم بالقتال
في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه إلى أرضكم فإنه رسول الله حقاً، وإن خفتم خذلاناً فمن الآن.

فقالوا عند ذلك: قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطيانا، وقد أعطينا
من أنفسنا الذي
سألتنا يا رسول الله، فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله فلنبايعه
فقال أبو الهيثم: أنا أول من بايع.

 
الأمثلة كثيرة وكلها تشعر الإنسان بمقدار الثقة التي كانت تملأ قلوب هذا الرعيل الأول مع معرفتهم
بما سيترتب على هذه البيعة من آثار مخيفة.

والحقيقة أن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من الأسر والقوة
والنفاذ بحيث لا يملك
من يخالطها إلا أن يذوب فيها، إلا إذا كانت شخصية معقدة ولعل في قصة مولاه زيد بن حارثة ما يؤكد هذا المعنى.

إذا يأتي أبو
زيد وأعمامه ليشتروه ويرجعوا به إلى أهله حراً ولكن زيداً يختار صحبة محمد مع العبودية والغربة،
على فراقه مع الحرية ولقاء الأهل.

وهذه ظاهرة عجيبة
أن يصارح زيد أهله بهذا، وهو ليس صغير السن بل كان وقتذاك ناضج الفكر
فكافأه محمد صلى الله عليه وسلم (كان ذلك قبل النبوة) أن حرره وتبناه.




5 - استطاعة القائد الاستفادة من كل إمكانيات الأتباع العقلية والجسمية أثناء الحركة،
 مع المعرفة الدقيقة بإمكانية كل منهم ووضعه في محله:

إن عبقرية القيادة لا تظهر في شئ ظهورها في معرفة الرجال، ووضع كل في محله، واستخراج طاقات العقول
 بالشورى، واستخلاص الرأي الصحيح.

وفي
كل من هذين كان الرسول صلى الله عليه وسلم الأسوة العليا للبشر.

إن الشورى في فن السياسة عملية تستجمع فيها طاقات العقول كلها لاستخلاص الرأي الصالح، ويتحمل
 فيها كل فرد مسؤولية القرار النهائي، ويقتنع فيها كل فرد بالنتيجة.

فيندفع نحو المراد بقوة وترتفع بها ملكات الفرد
وروح الجماعة.

ويبقى الإنسان فيها على صلة بمشاكل أمته وجماعته، ولذلك
جعل الله أمر المسلمين شورى بينهم،
حتى يتحمل كل فرد من المسلمين المسؤولية كاملة ولا يبقى مسلم مهملاً.

والظاهرة التي نراها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كقائد.

حبه
للشورى وحرصه عليها ومحاولته توسيع دائرتها واستخلاصه الرأي الأخير في النهاية:
قبيل غزوة بدر استشار الناس فأشار المهاجرون، فلم يكتف ثم استشار الناس فأشار الخزرج والأوس، ثم اتخذ قراره
 الأخير حتى يمحو أي تردد عن أي نفس.

وقبيل يوم أحد استشار الناس وأخذ برأي الأكثرية.
ويوم الأحزاب أخذ
برأي سلمان الفارسي.
ويوم الحديبية أشارت عليه أم سلمة زوجته فأخذ برأيها.
أنها القيادة التي لا تستكبر أن تنزل على رأي مسلم كائناً من كان، ما دام
الرأي سليماً صحيحاً.
والقيادة الصالحة هي التي تعمم الشورى حتى لا يبقى أحد عنده رأي إلا قاله وخاصة فيما يكون فيه غرم.

أما معرفة الرجال ووضع كل في محله المناسب له وتكليفه بالمهمة التي يصلح لها، فكذلك لا يلحق
برسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فيها.

إن أبا بكر وعمر كانا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقبهما
الصحابة بالوزيرين له، وكان يسمر
معهما في قضايا المسلمين، ولما مرض صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس وهذا الذي
 جعل المسلمين يختارونه بعده خليفة

ثم كان عمر الخليفة الثاني، والناس يعرفون
ماذا فعل أبو بكر وعمر يوم حكما الناس
 
فهل يشك أحد أن تركيز الرسول صلى الله عليه وسلم على هاتين الشخصيتين كان في محله،
 وأنهما من الكفاءة في المحل الأعلى، وأن رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما في محله.

وهذان مثلان فقط وإلا فما اختار رسول الله صلى الله
عليه وسلم رجلاً إلا ورأيت الحكمة في هذا الاختيار.
لكل مقام رجال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الخلق فراسة في اختيار الرجل المناسب للمقام المناسب.




6 - قدرته الكاملة صلى الله عليه وسلم على حل المشاكل الطارئة:
إن انهيار الدعوات والتنظيمات السياسية عادة ما يكون بسبب مشكلة طارئة لا تستطيع القيادة
أن تحلها حلاً موفقاً، مما يؤدي إلى انقسام أصحابها أو ضربها والقضاء عليها.

فكلما كانت القيادة أقدر على حل المشاكل كان ذلك
أضمن لنجاح الدعوة.

وقد يحدث أن بعض القيادات تحل المشاكل حلاً غير مشروع، فتستعمل القوة مع أتباعها، فتبيد المعارضين
 أو تسجنهم كما نرى كثيراً من هذا في عصرنا الحاضر.

إلا أن الظاهرة التي لا مثيل لها في تاريخ القيادات العالمية
أنك تجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قدرة
لا مثيل لها على حل المشاكل بكل بساطة، هذا مع سلوك الطريق الألطف مع الأتباع.

والذي عرف
العرب عن كثب يدرك كفاءة هذه القيادة التي استطاعت أن تشق الطريق بأقل قدر ممكن من المتاعب.
أنه لا توجد أمة في العالم أكثر مشكلات من الأمة العربية، فالعوامل النفسية التي تثير المشاكل كثيرة جداً،
 فكلمة قد تثير حرباً، وجرح كرامة قد يؤدي إلى ويلات، ونظام للثارات وشعور بالولاء وعواطف
متأججة وعصبية عارمة وجرأة نادرة وقسوة وصلابة وعدم انضباط

وكل واحدة من هذه تحتاج إلى قيادة تتمتع بكفاءة منقطعة النظير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
 القائد الذي استطاع أن يدير أمر هذا الشعب القوي المراس ويحل كل مشاكله بكل بساطة.
 


وأبرز الأمثلة حله لمشكلة وضع الحجر الأسود قبل النبوة حين هدمت قريش الكعبة وأعادت بناءها.
في رواية ابن اسحاق للحادث قال:
ثم أن القبائل جمعت الحجارة لبنائها كل
قبيلة تجمع على حدة ثم بنوها حتى بلغ البناء موضع الركن
 فاختصموا فيه كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى حتى تحاوزوا وتحالفوا وأعدوا للقتال
فقربت بنو عبد الدار جفنة مملوءة دماً ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت
وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسموا لعقة الدم.

فمكثت قريش على ذلك أربع ليال أو خمساً ثم
إنهم اجتمعوا في المسجد وتشاوروا وتناصفوا فزعم
(إذ يروي أن المشير على قريش مهشم بن المغيرة، ويكنى أبا حذيفة)

بعض أهل الرواية: أن أبا أمية بن
المغيرة عبد الله بن عمر بن مخزوم وكان عامئذ أسن قريش كلها،
قال: يا معشر قريش، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ففعلوا.

فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلما رأوه قالوا : هذا الأمين، رضينا، هذا محمد.

فلما انتهى
إليهم وأخبروه الخبر، قال صلى الله عليه وسلم هلمّ إليّ ثوباً، فأتي به، فأخذ الركن
فوضعه فيه بيده ثم قال: لنأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوا جميعاً ففعلوا.

حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده ثم بني عليه.


والنماذج كثيرة كلها تبين كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل المشكلات اليومية بسرعة عجيبة فلا يبقى لها أي أثر.
هذه الإمكانية العجيبة في حل المشكلات جعلت رجلاً كبرنارد شو الأديب الإنكليزي المشهور يقول

ومن قرأ كتب الحديث رأى كثرة المشكلات اليومية والفردية والجماعية التي كانت تعترض
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسوس شعباً من أعصى شعوب العالم انقياداً وطاعة وسياسة

ومع هذا فما عرف أن مشكلة
مرت عليه إلا وحلها بسهولة كاملة واستقامة مع منهج الحق الذي يدعو إليه
والذي يمثل أرقى صور الواقعية والمثالية بآن واحد، وما كان ذلك ليكون لولا توفيق الله ورعايته.




7 - بعد نظرة صلى الله عليه وسلم وضرباته السياسية الموفقة:
إن الدارس لتصرفات رسول الله يجد أنه لا يوجد تصرف إلا وفيه غاية الحكمة وبعد النظر.
فمثلاً يرسل كسرى إلى عاملة على اليمين (باذان) أن يهيج رسول الله، وأن يقبض على رسول الله ليرسله إلى كسرى
فيرسل باذان رجلين ليقبضا
على رسول الله ويأتيا به إلى كسرى ويأمر باذان أحد الرجلين أن يدرس أحوال رسول الله
فلما وصل الرجلان أبقاهم الرسول عنده خمسة عشر يوماً دون رد
عليهم وقُتل كسرى في اليوم الخامس عشر
 
فأنبأهم عليه السلام بقتل كسرى يوم مقتله وأهدى أحد الرجلين منطقة فيها ذهب وفضة وأرسل إلى باذان رسالة
 مضمونها أنه إن أسلم أعطاه ما تحت يده وكان من آثار هذا كله أن خلع باذان ولاءه لكسرى وأسلم معلناً
 ولاءه لمحمد صلى الله عليه وسلم.

إن الأمثلة كثيرة جدا ولكن يبقى أن تدرك الأفق العالي الذي كان ينظر منه عليه السلام وتدرك أن قيادته
 جزء من صلته بالله المحيط علماً بكل شئ فكان مسدداً راشداً مهدياً.




8 و 9 - الوصول إلى النصر وتطبيق ما كان العمل من أجله بعد النصر وإحكام البناء بحيث يكون قادراً
على الصمود في المستقبل ووضع أسس النمو الدائب المتطور بحيث تحتفظ الدعوة بإمكانية السير عبر العصور:

لقد مضى على بدء الإسلام أربعة عشر قرناً، ولا زال الإسلام في انتشار، ولا زال يتوسع، رغم كل ما تبذله
 الدعايات الكافرة من أعدائه، سواء كانوا أصحاب دين أو غير أصحاب دين بطرق منظمة وغير منظمة،
 فلا زال الإسلام هو الإسلام ولا زال قادراً على الحركة.

ورغم الملابسات التاريخية
التي أوقعت العالم الإسلامي في قبضة أعدائه، ورغم سيطرة الأعداء فالإسلام باق.
ورغم أن الكافرين استطاعوا أن يهيؤا لأعداء الإسلام وسائل الانتصار داخل العالم الإسلامي
فالإسلام شامخ يتحدى ويقهر.
وخلال هذا التاريخ الطويل سقطت دول تحكم باسم الإسلام وقامت دول تحمل الإسلام واستوعب الإسلام الجميع.
وفي كل مرة كان الإسلام محمولاً حق الحمل كان أصحابه هم الغالبين وحضارته أرقى الحضارات
وما ذلّ المسلمون إلا من تقصيرهم وتفريطهم وجهلهم بالإسلام.

القرون الوسطى عند الأوروبيون قمة التأخر والقرون الوسطى عندنا قمة التقدم وكانوا يومها متمسكين
 بدينهم وكنا لا زلنا متمسكين بديننا ومن هنا مفرق الطريق، حيث كان الإسلام حمل أتباعه على التقدم
وحيث كان غير الإسلام ديناً كان تأخر.

وهذا هو الإسلام يصارع الآن على كل مستوى شرقاً وغرباً
فكراً وسلوكاً وهو في كل حال أبداً غالب
وأن اضطهد المسلمون فذلك لقوة فكرهم لا لشيء آخر.

وما أحد يجهل أن روح الجهاد في قلوب المسلمين هي التي حررت العالم الإسلامي من قبضة مستعمريه في عصرنا هذا.
لقد استطاع الإسلام أن يفعل هذا لأن الأساس الذي بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم له
خلال ثلاثة وعشرين عاماً كان من القوة بحيث يحمل كل العصور ويسع كل العصور.

أن الظاهرة التي نراها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه خلال
عشر سنوات فقط كان كل جزء
من أجزاء دعوته قائماً يمشي على الأرض على أكمل ما يكون التطبيق، وكل جزء من أجزاء دعوته قابلاً
للتطبيق خلال كل عصر، وما مر عصر إلا ورأيت الإسلام مطبقاً بشكل من الأشكال.

فإذا
ما عملت بأن دعوة سياسية فكرية تحتاج إلى عشرات السنين حتى تنتشر وتنتصر وقد تطبق
وقد لا تطبق أدركت أن العملية هنا ليست عملية عادية وإنما هي شئ خارق للعادة تحس وراءه يد الله.
وتحس بالتالي أن الدين دين الله وأن محمداً عبده ورسوله.
المصادر والمراجع

المرجع: الرسول عليْه الصلاة والسَّلام، سعيد حوى، دار السلام.





تعدد زوجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم

قالوا إنه صلى الله عليه وسلم:
* تزوج زوجة ابنه بالتبنى (زيد بن حارثة).
* أباح لنفسه الزواج من أي امرأة تهبه نفسها (الخلاصة أنه شهوانى).

الرد على الشبهة:
الثابت المشهور من سيرته صلى الله عليه وسلم أنه لم يتزوج إلا بعد أن بلغ الخامسة والعشرين من العمر.
والثابت كذلك أن الزواج المبكر كان من أعراف المجتمع الجاهلى رغبة فى الاستكثار من البنين خاصة
ليكونوا للقبيلة عِزًّا ومنعة بين القبائل.


ومن الثابت كذلك فى سيرته الشخصية صلى الله عليه وسلم اشتهاره بالاستقامة والتعفف عن الفاحشة
والتصريف الشائن الحرام للشهوة ، رغم امتلاء المجتمع الجاهلى بشرائح من الزانيات اللاتى كانت لهن بيوت
يستقبلن فيها الزناة ويضعن عليها " رايات " ليعرفها طلاب المتع المحرمة.

ومع هذا كله ـ مع توفر أسباب الانحراف والسقوط فى الفاحشة فى مجتمع مكة ـ

لم يُعرَف عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلا التعفف والطهارة بين جميع قرنائه ؛
ذلك لأن عين السماء كانت تحرسه وتصرف عنه كيد الشيطان.

ويُرْوَى فى ذلك أن بعض أترابه الشباب أخذوه ذات يوم إلى أحد مواقع المعازف واللهو فغشَّاه الله بالنوم
فما أفاق منه إلا حين أيقظه أترابه للعودة إلى دورهم.
هذه واحدة..

 


أما الثانية فهى أنه حين بلغ الخامسة والعشرين ورغب فى الزواج لم يبحث عن " البكر "
التى تكون أحظى للقبول وأولى للباحثين عن مجرد المتعة.
وإنما تزوج امرأة تكبره بحوالى خمسة عشر عامًا ، ثم إنها ليست بكرًا بل هى ثيب ، ولها أولاد كبار أعمار أحدهم
 يقترب من العشرين ؛ وهى السيدة خديجة وفوق هذا كله فمشهور أنها هى التى اختارته بعد ما لمست بنفسها ـ
 من خلال مباشرته لتجارتها ـ من أمانته وعفته وطيب شمائله صلى الله عليه وسلم.

والثالثة أنه صلى الله عليه وسلم بعد زواجه منها دامت عشرته بها طيلة حياتها ولم يتزوج عليها حتى مضت
عن دنياه إلى رحاب الله.
وقضى معها - رضى الله عنها - زهرة شبابه وكان له منها أولاده جميعًا إلا إبراهيم الذى كانت أمه السيدة " مارية " القبطية.

 


والرابعة أنه صلى الله عليه وسلم عاش عمره بعد وفاتها -رضى الله عنها - محبًّا لها يحفظ لها أطيب الذكريات
ويعدد مآثرها وهى مآثر لها خصوص فى حياته وفى نجاح دعوته فيقول فى بعض ما قال عنها:
[ صدقتنى إذ كذبنى الناس وأعانتنى بمالها ].
بل كان صلى الله عليه وسلم لا يكف عن الثناء عليها والوفاء لذكراها والترحيب بمن كن من صديقاتها ،
حتى أثار ذلك غيرة السيدة عائشة - رضى الله عنها._

أما تعدد زوجاته صلى الله عليه وسلم فكان كشأن غيره من الأنبياء له أسبابه منها:
أولاً: كان عُمْرُ محمد صلى الله عليه وسلم فى أول زواج له صلى الله عليه وسلم بعد وفاة خديجة تجاوز الخمسين
وهى السنّ التى تنطفىء فيها جذوة الشهوة وتنام الغرائز الحسية بدنيًّا ، وتقل فيها الحاجة الجنسية إلى الأنثى
وتعلو فيها الحاجة إلى من يؤنس الوحشة ويقوم بأمر الأولاد والبنات اللاتى تركتهم خديجة - رضى الله عنها -.
وفيما يلى بيان هذا الزواج وظروفه.

الزوجة الأولى: سودة بنت زمعة: كان رحيل السيدة خديجة - رضى الله عنها - مثير أحزان كبرى
فى بيت النبى صلى الله عليه وسلم وفى محيط الصحابة - رضوان الله عليهم - إشفاقًا عليه من الوحدة
وافتقاد من يرعى شئونه وشئون أولاده. ثم تصادف فقدانه صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب نصيره وظهيره
وسُمِّىَ العام الذى رحل فيه نصيراه خديجة وأبو طالب عام الحزن.

فى هذا المناخ.. مناخ الحزن والوحدة وافتقاد من يرعى شئون الرسول وشئون أولاده سعت إلى بيت الرسول واحدة
من المسلمات تُسمى خولة بنت حكيم السلمية وقالت: له يا رسول الله كأنى أراك قد دخلتك خلّة لفقد خديجة
 فأجاب صلى الله عليه وسلم: [ أجل كانت أم العيال وربة البيت ] ، فقالت يا رسول الله: ألا أخطب عليك ؟.
فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ولكن – من بعد خديخة ؟! فذكرت له عائشة بنت أبى بكر فقال الرسول:
لكنها ما تزال صغيره فقالت: تخطبها اليوم ثم تنتظر حتى تنضج..
 
قال الرسول ولكن من للبيت ومن لبنات الرسول يخدمهن ؟ فقالت خولة: إنها سودة بنت زمعة ،
وعرض الأمر على سودة ووالدها: فتم الزواج ودخل بها صلى الله عليه وسلم بمكة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن سودة هذه كانت زوجة للسكران بن عمرو وتوفى عنها زوجها بمكة
فلما حلّت تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت أول امرأة تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد خديجة ،
وكان ذلك فى رمضان سنة عشر من النبوة.

وعجب المجتمع المكى لهذا الزواج لأن " سودة " هذه ليست بذات جمال ولا حسب ولا تصلح أن تكون
خلفًا لأم المؤمنين خديجة التى كانت عند زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بها جميلة وضيئة وحسيبة تطمح إليها الأنظار.
وهنا أقول للمرجفين الحاقدين: هذه هى الزوجة الأولى للرسول بعد خديجة ، فهى مؤمنة هاجرت الهجرة الأولى
مع من فرّوا بدينهم إلى الحبشة وقد قَبِلَ الرسول زواجها حماية لها وجبرًا لخاطرها بعد وفاة زوجها إثر عودتهما من الحبشة.

وليس الزواج بها سعارَ شهوة للرسول ولكنه كان جبرًا لخاطر امرأة مؤمنة خرجت مع زوجها من أهل الهجرة
 الأولى إلى الحبشة ولما عادا توفى زوجها وتركها امرأة تحتاج هى وبنوها إلى من يرعاهم.

 
الزوجة الثانية بعد خديجة: عائشة بنت أبى بكر
 الذى يقول عنه الرسول صلى الله عليه وسلم:
" إن من آمن الناس علىّ فى ماله وصحبته أبا بكر ، ولو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام..".
ومعروف من هو أبو بكر الذى قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم متحدثاً عن عطائه للدعوة
 " ما نفعنى مالٌ قط ما نفعنى مال أبى بكر " ،
 وأم عائشة هى أم رومان بنت عامر الكنانى من الصحابيات الجليلات ، ولما توفيت نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى قبرها واستغفرلها وقال:
" اللهم لم يخف عليك ما لقيت أم رومان فيك وفى رسولك صلى الله عليه وسلم " ،
وقال عنها يوم وفاتها:
" من سرّه أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان " ولم يدهش مكة نبأ المصاهرة بين أعز صاحبين ؛
 بل استقبلته كما تستقبل أمرًا متوقعاً ؛ ولذا لم يجد أى رجل من المشركين فى هذا الزواج أى مطعن -
وهم الذين لم يتركوا مجالاً للطعن إلا سلكوه ولو كان زورًا وافتراء.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بفتاة بينه وبينها قرابة خمسين عامًا ليس بدعا
ولا غريبًا لأن هذا الأمر كان مألوفًا فى ذلك المجتمع.
 لكن المستشرقين ومن تحمل قلوبهم الحقد من بعض أهل الكتاب - على محمد صلى الله عليه وسلم -
جعلوا من هذا الزواج اتهامًا للرسول وتشهيرًا به بأنه رجل شهوانى غافلين
بل عامدين إلى تجاهل ما كان واقعًا فى ذلك المجتمع من زواج الكبار بالصغيرات كما فى النماذج التالية.


زواج الكبار بالصغيرات :

- فقد تزوج عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم من هالة بنت عم آمنة التى تزوجها
أصغر أبنائه عبد الله ـ والد الرسول صلى الله عليه وسلم.
- وتزوج عمر بن الخطاب ابنة على بن أبى طالب وهو أكبر سنًّا من أبيها.
ـ وعرض عمر على أبى بكر أن يتزوج ابنته الشابة " حفصة "
وبينهما من فارق السن مثل الذى بين المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين " عائشة "
تراجم لسيدات بيت النبوة للدكتورة بنت الشاطئ: ص 250 وما بعدها.

كان هذا واقع المجتمع الذى تزوج فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة.
 لكن المستشرقين والممتلئة قلوبهم حقدًا من بعض أهل الكتاب لم ترَ أعينهم إلا زواج محمد بعائشة
والتى جعلوها حدث الأحداث - على حد مقولاتهم - أن يتزوج الرجل الكهل بالطفلة الغريرة العذراء
المصدر السابق..
قاتل الله الهوى حين يعمى الأبصار والبصائر !


الزوجة الثالثة: حفصة بنت عمر الأرملة الشابة:

توفى عنها زوجها حنيس بن حذافة السهمى وهو صحابى جليل من أصحاب الهجرتين - إلى الحبشة ثم إلى المدينة -
ذلك بعد جراحة أصابته فى غزوة أُحد حيث فارق الحياة وأصبحت حفصة بنت عمر بن الخطاب أرملة وهى شابة.


وكان ترمّلها مثار ألم دائم لأبيها عمر بن الخطاب الذى كان يحزنه أن يرى جمال ابنته وحيويتها تخبو يومًا بعد يوم..
وبمشاعر الأبوة الحانية وطبيعة المجتمع الذى لا يتردد فيه الرجل من أن يخطب لابنته من يراه أهلاً لها..
بهذه المشاعر تحدث عمر إلى الصديق " أبى بكر " يعرض عليه الزواج من حفصة
 لكن أبا بكر يلتزم الصمت ولا يرد بالإيجاب أو بالسلب.

فيتركه عمر ويمضى إلى ذى النورين عثمان بن عفان فيعرض عليه الزواج من حفصة فيفاجئه عثمان بالرفض..
فتضيق به الدنيا ويمضى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يخبره بما حدث فيكون رد الرسول صلى الله عليه وسلم
عليه هو قوله: [ يتزوج حفصةَ خيرٌ من عثمان ويتزوج عثمان خيرًا من حفصة ]
انظر سيدات بيت النبوة للدكتورة بنت الشاطىء ص 324 .

وأدركها عمر - رضى الله عنه - بفطرته إذ معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما استشعره عمر
 هو أن من سيتزوج ابنته حفصة هو الرسول نفسه وسيتزوج عثمان إحدى بنات الرسول صلى الله عليه وسلم.
وانطلق عمر إلى حفصة والدنيا لا تكاد تسعه من الفرحة وارتياح القلب إلى أن الله قد فرّج كرب ابنته.


الزوجة الرابعة: أم سلمة بنت زاد الراكب:

من المهاجرين الأولين إلى الحبشة وكان زوجها (أبو سلمة) عبد الله ابن عبد الأسد المخزومى أول من هاجر
إلى يثرب (المدينة) من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. جاءت إلى بيت النبى صلى الله عليه وسلم
كزوجة بعد وفاة " أم المساكين زينب بنت خزيمة الهلالية " بزمن غير قصير.


سليلة بيت كريم ، فأبوها أحد أجواد قريش المعروفين بلقب زاد الراكب ؛ إذ كان لا يرافقه أحد فى سفر إلا كفاه زاده.
وزوجها الذى مات عنها صحابى من بنى مخزوم ابن عمة المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة
 ذو الهجرتين إلى الحبشة ثم إلى المدينة. وكانت هى و زوجها من السابقين إلى الإسلام. وكانت هجرتهما
 إلى المدينة معًا وقد حدث لها ولطفلها أحداث أليمة ومثيرة ذكرتها كتب السير. رضى الله عن أم سلمة..
ولا نامت أعين المرجفين.

 


الزوجة الخامسة: زينب بنت جحش:
لم أرَ امرأة قط خيرًا فى الدين من زينب ، وأتقى لله وأصدق حديثًا وأوصل للرحم وأعظم صدقة
وأشد تبديلا إلا لنفسها فى العمل الذى تتصدق وتتقرب به إلى الله عز وجل ؟
صحيح مسلم كتاب الفضائل.

هكذا تحدثت أم المؤمنين عائشة - رضى الله عنها– عن " ضرّتها " زينب بنت جحش.
 أما المبطلون الحاقدون من بعض أهل الكتاب فقالوا:
أُعْجِب محمد صلى الله عليه وسلم ـ وحاشا له - بزوجة متبناه " زيد بن حارثة " فطلقها منه وتزوجها.
ويرد الدكتور هيكل فى كتابه " حياة محمد " صلى الله عليه وسلم على هذا فيقول:
 إنها شهوة التبشير المكشوف تارة والتبشير باسم العلم تارة أخرى ، والخصومة القديمة للإسلام
 تأصلت فى النفوس منذ الحروب الصليبية هى التى تملى على هؤلاء جميعًا ما يكتبون.
والحق الذى كنا نود أن يلتفت إليه المبطلون الحاقدون على الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم..
 هو أن زواج محمد صلى الله عليه وسلم من زوجة ابنه بالتبنى زيد بن حارثة إنما كان لحكمة تشريعية أرادها
الإسلام لإبطال هذه العادة ـ عادة التبنى ـ التى هى فى الحقيقة تزييف لحقائق الأمور
كان لها فى واقع الناس والحياة آثار غير حميدة.
ولأن هذه العادة كانت قد تأصلت فى مجتمع الجاهلية اختارت السماء بيت النبوة بل نبى الرسالة الخاتمة
نفسه صلى الله عليه وسلم ليتم على يديه وفى بيته الإعلان العلمى عن إبطال هذه العادة.
وتجدر الإشارة هنا إلى مجموعة الآيات القرآنية التى جاءت إعلاناً عن هذا الحكم المخالف لعادات الجاهلية
 وتفسيرًا للتشريع الجديد فى هذه ـ المسألة و فى موضوع الزواج بزينب حيث تقول:

﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿40﴾
الأحزاب: 40.

﴿ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ۚ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَٰكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿5﴾
الأحزاب: 5.

﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ﴿37﴾
الأحزاب: 37.
مرة أخرى نذكر بأن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من زينب لم تكن وراءه أبدًا شهوة أو رغبة جنسية
وإنما كان أمرًا من قدر الله وإرادته لإبطال عادة التبنى من خلال تشريع يتردد صداه بأقوى قوة فى المجتمع الجاهلى
الذى كانت عادة التبنى أصلاً من أصوله وتقليدًا مستقرًا فيه ، فكان السبيل لأبطالها أن يتم التغيير
فى بيت النبوة وعلى يد الرسول نفسه صلى الله عليه وسلم.

وقد فطنت السيدة " زينب بنت جحش " نفسها إلى هذا الأمر فكانت تباهى به ضراتها وتقول لهن:
" زوجكن أهاليكن وزوجنى ربى من فوق سبع سمَوات "
رواه البخارى (كتال التوحيد 6108).

أما لماذا كان زيد بن حارثة نفسه يتردد على الرسول معربًا عن رغبته فى تطليق زينب ؛
 فلم يكن - كما زعم المرجفون - أنه شعر أن الرسول يرغب فيها فأراد أن يتنازل عنها له..


ولكن لأن حياته معها لم تكن على الوفاق أو التواد المرغوب فيه ؛ ذلك أن زينب بنت جحش لم تنس أبدًا ـ
وهى الحسيبة الشريفة والجميلة أيضًا أنها أصبحت زوجًا لرجل كان رقيقًا عند بعض أهلها وأنه ـ عند الزواج بها ـ
كان مولىً للرسول صلى الله عليه وسلم أعتقه بعد ما اشتراه ممن أسره من قريش وباعه بمكة.


فهو ـ وإن تبناه محمد وبات يسمى زيد بن محمد فى عرف المجتمع المكى كله ، لكنه عند العروس الحسيبة الشريفة
 والجميلة أيضا ما يزال ـ كما كان بالأمس - الأسير الرقيق الذى لا يمثل حُلم من تكون فى مثل حالها
من الحسب والجمال وليس هذا بغريب بل إنه من طبائع الأشياء.

ومن ثم لم تتوهج سعادتها بهذا الزواج ، وانعكس الحال على زيد بن حارثة فانطفأ فى نفسه توهج السعادة
هو الآخر ، وبات مهيأ النفس لفراقها بل لقد ذهب زيد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو زينب إليه
كما جاء فى البخارى من حديث أنس قال: جاء زيد يشكو إلى الرسول فجعل صلى الله عليه وسلم يقول له:
 [ أمسك عليك زوجك واتق الله ] رواه االبخارى (كتاب التوحيد).
قال أنس: لو كان النبى كاتمًا شيئًا لكتم هذا الحديث.
لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول له كما حكته الآية: أمسك عليك زوجك ولا تسارع بتطليقها.
وزينب بنت جحش هى بنت عمة الرسول صلى الله عليه وسلم - كما سبقت الإشارة – وهو الذى زوجها
لمولاه " زيد " ولو كانت به رغبة فيها لاختارها لنفسه ؛ وخاصة أنه رآها كثيراً قبل فرض الحجاب ،
 وكان النساء فى المجتمع الجاهلى غير محجبات فما كان يمنعه – إذًا – من أن يتزوجها من البداية ؟! ؛ ولكنه لم يفعل.


فالأمر كله ليس من عمل الإرادة البشرية لهم جميعًا: لا لزينب ولا لزيد ولا لمحمد صلى الله عليه وسلم ،
 ولكنه أمر قدرى شاءته إرادة الله لإعلان حكم وتشريع جديدين فى قضية إبطال عادة " التبنى "
 التى كانت سائدة فى المجتمع آنذاك.
يؤكد هذا ويدل عليه مجموع الآيات الكريمة التى تعلقت بالموضوع فى سورة الأحزاب.
أما الجملة التى وردت فى قوله تعالى:
(وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه) الأحزاب: 37..


فإن ما أخفاه النبى صلى الله عليه وسلم هو كتم ما كان الله قد أخبره به من أن زينب ـ يومًا ما ـ
ستكون زوجًا له ؛ لكنه لم يصرح به خشية أن يقول الناس: إنه تزوج زوجة ابنه بالتبنى
انظر فتح البارى 8 / 371 عن سيدات بيت النبوة لبنت الشاطئ ص 354.


الزوجة السادسة: جويرية بنت الحارث الخزاعية:
الأميرة الحسناء التى لم تكن امرأة أعظم بركة على قومها منها فقد أعتق الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زواجه

 بها أهل مائة بيت من بنى المصطلق (التى هى منهم).

كانت ممن وقع فى الأسر بعد هزيمة بنى المصطلق من اليهود فى الغزوة المسماة باسمهم. وكاتبها من وقعت
فى أسره على مال فذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لها: " أو خير من ذلك ؟.
قالت: وما هو ؟ قال: أقضى عنك كتابتك وأتزوجك.
قالت: وقد أفاقت من مشاعر الهوان والحزن: نعم يا رسول الله.
قال: قد فعلت "
رواه البخارى: فتح البارى _ كتال النكاح باب 14.
وذاع الخبر بين المسلمين:
 أن رسول صلى الله عليه وسلم قد تزوج بنت الحارث بن ضرار زعيم بنى المصطلق وقائدهم فى هذه الغزوة..
معنى هذا أن جميع من بأيديهم من أسرى بنى المصطلق قد أصبحوا بعد هذا الزواج كأنهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإذا تيار من الوفاء والمجاملة من المسلمين للرسول صلى الله عليه وسلم تجسد فى إطلاق المسلمين لكل من بأيديهم من أسرى بنى المصطلق وهم يقولون: أصهار رسول الله ، فلا نبقيهم أسرى.


ومع أن زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه الأسيرة بنت سيد قومها والذى جاءته ضارعة مذعورة مما يمكن أن تتعرض له من الذل من بعد عزة.. فإذا هو يرحمها بالزواج ، ثم يتيح لها الفرصة لأن تعلن إسلامها وبذا تصبح واحدة من أمهات المؤمنين.
ويقولون: إنه نظر إليها.
وأقول: أما أنه نظر إليها فهذا لا يعيبه ـ وربما كان نظره إليها ضارعة مذعورة – هو الذى حرك
فى نفسه صلى الله عليه وسلم عاطفة الرحمة التى كان يأمر بها بمن فى مثل حالتها ويقول:
 [ ارحموا عزيز قوم ذل ] ، فرحمها وخيرها فاختارت ما يحميها من هوان الأسر ومذلة الأعزة من الناس.


على أن النظر شرعًا مأذون به عند الإقدام على الزواج - كما فى هذه الحالة - وكما أمر به صلى الله عليه وسلم
 أحد أصحابه عند رغبته فى الزواج - قائلاً له: [ انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ]
 رواه البخارى: فتح البارى ـ كتاب النكاح باب 36.

وقد توفيت فى دولة بنى أمية وصلى عليها عبد الملك بن مروان وهى فى السبعين من العمر - رضى الله عنها.



الزوجة السابعة: صفية بنت حُيىّ ـ عقيلة بنى النضير:
إحدى السبايا اللاتى وقعن فى الأسر بعد هزيمة يهود بنى النضير أمام المسلمين فى الوقعة المسماة بهذا الاسم ،
 كانت من نصيب النبى صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها: فماذا فى ذلك ؟ ولم يكن عتقه إياها
وتزوجها بدعًا فى ذلك ؛ وإنما كان موقفًا جانب الإنسانية فيه هو الأغلب والأسبق.


فلم يكن هذا الموقف إعجابًا بصفية وجمالها ؛ ولكنه موقف الإنسانية النبيلة التى يعبر عنها السلوك النبيل بالعفو
عند المقدرة والرحمة والرفق بمن أوقعتهن ظروف الهزيمة فى الحرب فى حالة الاستضعاف والمذلة لا سيما
 وقد أسلمن وحسن إسلامهن.

فقد فعل ذلك مع " صفية بنت حُيىّ " بنت الحارس عقيلة بنى النضير (اليهود) أمام المسلمين فى الموقعة المعروفة
باسم (غزوة بنى قريظة) بعد انهزام الأحزاب وردّهم مدحورين من وقعة الخندق.

الزوجة الثامنة: أم حبيبة بنت أبى سفيان نجدة نبوية لمسلمة فى محنة:
إنها أم حبيبة " رملة " بنت أبى سفيان كبير مشركى مكة وأشد أهلها خصومة لمحمد صلوات الله وسلامه عليه.
كانت زوجًا لعبيد الله بن جحش وخرجا معًا مهاجرين بإسلامهما فى الهجرة الأولى إلى الحبشة ،

وكما هو معروف أن الحبشة فى عهد النجاشى كانت هى المهجر الآمن للفارين بدينهم من المسلمين
حتى يخلصوا من بطش المشركين بهم وعدوانهم عليهم ؛ فإذا هم يجدون فى – ظل النجاشى – رعاية وعناية
لما كان يتمتع به من حس إيمانى جعله يرحب بأتباع النبى الجديد الذى تم التبشير بمقدمه فى كتبهم
 على لسان عيسى بن مريم– عليه السلام – كما تحدث القرآن عن ذلك فى صورة الصف فى قوله
 ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا
بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴿6﴾ الصف: 6.


لكن أم حبيبة بنت أبى سفيان كانت وحدها التى تعرضت لمحنة قاسية لم يتعرض لمثلها أحد من هؤلاء المهاجرين
 الأوائل إلى الحبشة ؛ ذلك أن زوجها عبيد الله بن جحش قد أعلن ارتداده عن الإسلام ودخوله فى النصرانية
 وما أصعب وأدق حال امرأة باتت فى محنة مضاعفة: محنتها فى زوجها الذى ارتد وخان..
ومحنتها السابقة مع أبيها الذى فارقته مغاضبة إياه فى مكة منذ دخلت فى دين الله (الإسلام)..

وفوق هاتين المحنتين كانت محنة الاغتراب حيث لا أهل ولا وطن ثم كانت محنة حملها بالوليدة التى كانت تنتظرها
والتى رزقت بها من بعد وأسمتها " حبيبة ".. كان هذا كله أكبر من عزم هذه المسلمة الممتحنة من كل ناحية
والمبتلاة بالأب الغاضب والزوج الخائن !!

لكن عين الله ثم عين محمد صلى الله عليه وسلم سخرت لها من لطف الرعاية وسخائها ما يسّر العين ويهون الخطب ،

 وعادت بنت أبى سفيان تحمل كنية جديدة ، وبدل أن كانت " أم حبيبة " أصبحت " أم المؤمنين "
وزوج سيد المسلمين - صلوات الله وسلامه عليه.



والحق أقول: لقد كان نجاشى الحبشة من خلّص النصارى فأكرم وفادة المهاجرين عامة
وأم المؤمنين بنت أبى سفيان بصفة خاصة. فأنفذ فى أمرها مما بعث به إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخطبها له.

وكانت خطبة الرسول
صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة بنت أبى سفيان نعم الإنقاذ والنجدة لهذه المسلمة المبتلاة
فى الغربة ؛ عوضتها عن الزوج الخائن برعاية سيد البشر صلى الله عليه وسلم ؛ وعوضتها عن غضب الأب
" أبى سفيان " برعاية الزوج الحانى الكريم صلوات الله عليه.

كما كانت هذه الخطبة فى مردودها السياسى ـ
لطمة كبيرة لرأس الكفر فى مكة أبى سفيان بن حرب
الذى كان تعقيبه على زواج محمد لابنته هو قوله: " إن هذا الفحل لا يجدع أنفه " ؛ كناية عن الاعتراف
 بأن محمدًا لن تنال منه الأيام ولن يقوى أهل مكة - وهو على رأسهم -
على هزيمته والخلاص منه لأنه ينتقل كل يوم من نصر إلى نصر.
كان هذا الاعتراف من أبى سفيان بخطر محمد وقوته كأنه استشفاف لستر الغيب أو كما يقول المعاصرون:
تنبؤ بالمستقبل القريب وتمام الفتح.


فما لبث أن قبل أبو سفيان دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إياه
إلى الإسلام وشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

وتقدم أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله قائلاً: " إن أبا سفيان رجل يحب الفخر
فهلا جعلت له ما يحل عقدته ويسكن حقده وغيظه ، فقال صلوات الله وسلامه عليه فى ضمن إعلانه التاريخى الحضارى
 العظيم لأهل مكة عند استسلامهم وخضوعهم بين يديه:
* من دخل داره فهو آمن.
* ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن.
* ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن "
رواه البخارى – فتح البارى – " كتاب المغازى ".


وانتصر الإسلام وارتفع لواء التوحيد ودخل الناس فى دين الله أفواجًا. وفى مناخ النصر العظيم..
 كانت هى سيدة غمرتها السعادة الكبرى بانتصار الزوج ونجاة الأب والأهل من شر كان يوشك أن يحيط بهم.
تلكم هى أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبى سفيان التى أحاطتها النجدة النبوية من خيانة الزوج
 وبلاء الغربة ووضعتها فى أعز مكان من بيت النبوة.


الزوجة التاسعة: ميمونة بنت الحارث الهلالية أرملة يسعدها أن يكون لها رجل:
آخر أمهات المؤمنين.. توفى عنها زوجها أبو رهم بن عبد العزّى العامرى ؛ فانتهت ولاية أمرها إلى زوج أختها
العباس الذى زوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حيث بنى بها الرسول ـ فى " سرف " قرب " التنعيم"
على مقربة من مكة حيث يكون بدء الإحرام للمعتمرين من أهل مكة والمقيمين بها.


وقيل: إنه لما جاءها الخاطب بالبشرى قفزت من فوق بعيرها وقالت: البعير وما عليه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،

وقيل: إنها هى التى وهبت نفسها للنبى والتى نزل فيها قوله تعالى:
(وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ ) الأحزاب: 50.
كانت آخر آمهات المؤمنين وآخر زوجاته صلوات الله وسلامه عليه.

 

 


محمد صلى الله عليه وسلم أُمّى فكيف علّم القرآن ؟
 
والأمى إما أن يكون المراد به من لا يعرف القراءة والكتابة أخذًا من " الأمية " ، وإما أن يكون المراد به
 من ليس من اليهود أخذًا من " الأممية " حسب المصطلح اليهودى الذى يطلقونه على من ليس من جنسهم.
 
فإذا تعاملنا مع هذه المقولة علمنا أن المراد بها من لا يعرف القراءة والكتابة فليس هذا مما يعاب به الرسول ،
 بل لعله أن يكون تأكيدًا ودليلاً قويًا على أن ما نزل عليه من القرآن إنما هو وحى أُوحى إليه من الله
لم يقرأه فى كتاب ولم ينقله عن أحد ولا تعلمه من غيره. بهذا يكون الاتهام شهادة له لا عليه .

وقد رد القرآن على هذه المقولة ردًا صريحًا فى قوله:
﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴿5﴾ قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴿6﴾ "الفرقان"
 

وحسب النبى الأمى الذى لا يعرف القراءة ولا الكتابة أن يكون الكتاب الذى أنزل عليه معجزًا لمشركى
العرب وهم أهل الفصاحة والبلاغة ؛ بل ومتحديًا أن يأتوا بمثله أو حتى بسورة من مثله.

كفاه بهذا دليلاً على صدق رسالته وأن ما جاء به ـ كما قال بعض كبارهم ـ " ليس من سجع الكهان
ولا من الشعر ولا من قول البشر ".

 

أما إذا تعاملنا مع مقولتهم عن محمد(أنه " أُمّى " على معنى أنه من الأمميين ـ أى من غير اليهود ـ
فما هذا مما يعيبه. بل إنه لشرف له أنه من الأمميين أى أنه من غير اليهود.

ذلك لأن اعتداد اليهود بالتعالى على من عداهم من " الأمميين " واعتبار أنفسهم وحدهم هم الأرقى
والأعظم وأنهم هم شعب الله المختار ـ كما يزعمون.

كل هذا مما يتنافى تمامًا مع ما جاء به محمد (من المساواة الكاملة بين بنى البشر رغم اختلاف شعوبهم وألوانهم
وألسنتهم على نحو ما ذكره القرآن ؛ الذى اعتبر اختلاف الأجناس والألوان والألسنة هو لمجرد التعارف والتمايز ؛
 لكنه ـ أبدًا ـ لا يعطى تميزًا لجنس على جنس ، فليس فى الإسلام ـ كما يزعم اليهود ـ أنهم شعب الله المختار.

ولكن التمايز والتكريم فى منظور الإسلام ؛ إنما هو بالتقوى والصلاح كما فى الآية الكريمة:
﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ
إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴿13﴾ الحجرات.



 

نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويعلمنا ما ينفعنا ويزيدنا علماً

 

منقول للأمانة
نسأل الله خير الجزاء لفريق العمل الطيب على هذه الحملة القيمة