برنامج مقترح للاستفادة من العشر الأواخر

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : عازفة الأحزان | المصدر : www.sabayacafe.com



برنامج مقترح للاستفادة من العشر الأواخر





عن كيفية الاستفادة من هذه العشر، يمكننا تقديم بعض الأمور الهامة، والتي تصلح أن تكون نواة لمن أحب أن يزيد عليها:



1- اجتهاد الفرد في العبادة:




بالذكر، والصلاة، وقراءة القرآن، وسائر العب

ادات المشروعة.. فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تصف عبادة النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر، تقول: (إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيى ليله، وأيقظ أهله) رواه البخاري ومسلم؛ وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)، و(شد المئزر) كناية عن الجد والتشمير في العبادة، وقيل: كناية عن اعتزال النساء.



والمطلوب حرص جميع أفراد الأسرة على العبادة، وعلى رب الأسرة أن يوقظ أهله فيها للصلاة والذكر حرصًا على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة، وتعويدًا للصغار على أعمال هذه الأوقات الفضيلة؛ قال الإمام سفيان الثوري: "أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد العبد بالليل ويجتهد فيه ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك).



2 - الحرص على صلاة الجماعة:




وهو أمرٌ مطلوب في كل وقت، في رمضان وغيره؛ وفي رمضان يضاف إلى الصلاة المفروضة صلاة التراويح، فلنحرص أن نصليها وراء الإمام حتى ينصرف ليحصل لنا قيام ليلة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إنه من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).



3- القيام :




قال تعالى : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً . والذين يبيتون لربهم سجداً وقياما ) [الفرقان 63 ـ 64] .



قال صلى الله عليه وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ، غفر له ما تقدم من ذنبه ) [أخرجه البخاري ومسلم] .



ولقد كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . قالت عائشة : رضي الله عنها : ( لا تدع قيام الليل ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه ، وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعداً .



وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يصلي من الليل ما شاء حتى إذا كان نصف الليل أيقظ أهله للصلاة ثم يقول لهم : الصلاة ، الصلاة .. ويتلو هذه الآية : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى ) [طه الآية 132] .



وكان ابن عمر يقرأ هذه الآية: (أمن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ) [الزمر الآية 9]



وعن علقمة بن قيس قال : بت مع عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ ليلة فقام أول الليل ثم قام يصلي فكان يقرأ قراءة الإمام في المسجد يرتل ولا يرجع يسمع من حوله ولا يرجع صوته ، حتى لم يبق من الغلس إلا كما بين المغرب إلى الانصراف منها ثم أوتر .



وفي حديث السائب بن زيد قال : كان القارئ يقرأ بالمئين ـ يعني بمئات الآيات ـ حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال : وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر .



4 - الصدقة :




كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المرسلة .. وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصدقة صدقة في رمضان ) [أخرجه الترمذي عن أنس] .



روى زيد بن أسلم عن أبيه ، قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالاً عندي ، فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ، قال فجئت بنصف مالي ـ قال : فقال لي رسول الله : ( ما أبقيت لأهلك ) .



قال : فقلت مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أبقيت لأهلك ) قال أبقيت لهم الله ورسوله ، قلت : لا أسابقك إلى شيء أبداً .



5 - إطعام الطعام :




قال الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً ) [الإنسان 8 ـ 12] .





فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات . سواءً كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح ، فلا يشترط في المطعم الفقر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمناً على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ) [رواه الترمذي بسند حسن] .



وقد قال بعض السلف : لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !!



وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ، منهم عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ وداود الطائي ومالك بن دينار ، وأحمد بن حنبل ، وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين .



وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم ويروحهم .. منهم الحسن وابن المبارك .



6 - تفطير الصائمين :




قال صلى الله عليه وسلم : ( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ) أخرجه أحمد والنسائي وصححه الألباني . وفي حديث سلمان : ( ومن فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا : يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربةً لا يظمأ بعدها ، حتى يدخل الجنة ) .





7- قراءة القرآن :




شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته ، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله ، فكان جبريل يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن في رمضان ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : (لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ولا صام شهرا كاملا قط غير رمضان) سنن النسائي .



وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل القرآن وتلاوته فقال ( إقروا القرآن فان لكم بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف)رواه الترمذي وإسناده صحيح واخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن يحاج عن صاحبه يوم العرض الأكبر فقال « يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما » رواه مسلم وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن كل يوم مرة ، وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال ، وبعضهم في كل سبع ، وبعضهم في كل عشر ، فكانوا يقرءون القرآن في الصلاة وفي غيرها ، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمه ، يقرؤها في غير الصلاة ، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان ، وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على تلاوة القرآن من المصحف ، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن .



قال ابن رجب : إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاث على المداومة على ذلك ، فأما في الأوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصاً الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ، أو في الأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتناماً لفضيلة الزمان والمكان .



7 - البكاء عند تلاوة القرآن أو سماعة :




عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرأ علي . فقلت : أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ فقال إني أحب أن أسمعه من غيري قال : فقرأت سورة النساء حتى إذا بلغت ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) قال : حسبك ، فالتفت فإذا عيناه تذرفان ) .



وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت ( أفمن هذا الحديث تعجبون . وتضحكون ولا تبكون ) بكى أهل الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم بكى معهم فبكينا ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار من بكى من خشية الله)



8 - تحري ليلة القدر:




قال الله تعالى: (ليلة القدر خيرٌ من ألف شهرٍ)، ومقدارها بالسنين 83 سنة و4 أشهر، قال الإمام النخعي رحمه الله: العمل فيها خير من العمل في ألف شهر، قال صلى الله عليه وسلم: (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًاً غفر ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، و"إيمانًا" أي إيمانًا بالله وتصديقًا بما رتب على قيامها من الثواب، و"احتسابًا" للأجر والثواب.



وهذه الليلة –على أغلب الظن- في وتر العشر الأواخر لقوله صلى الله عليه وسلم: (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) رواه البخاري، قال العلماء: "الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها, بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها"، قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة"، ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسنًا، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءةً مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوّذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر.



وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلّم: "أرأيت إن وافقت ليلة القدر، ما أقول فيها؟" قال: (قولي: اللهم إنك عفوٌّ تحب العفو فاعف عني)، والعفوّ من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده الماحي لآثارها عنهم، وعفوه أحب إليه من عقوبته، وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يدعو فيقول: (أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك) رواه مسلم.



9- الاعتكاف في هذه العشر:




والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى، وفي الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"، وقال الإمام أحمد: "لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا في أن الاعتكاف مسنون، والأفضل اعتكاف العشر جميعًا كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل لكن لو اعتكف يومًا أو أقل أو أكثر جاز".



ويشتغل المعتكف بالذكر والاستغفار والقراءة والصلاة والعبادة, ومحاسبة النفس, والنظر فيما قدم لآخرته, وأن يجتنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا, ويقلل من الخلطة بالناس، قال ابن رجب الحنبلي: "ذهب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس, حتى ولا لتعليم علم وإقراء قرآن, بل الأفضل له الانفراد بنفسه والتحلي بمناجاة ربه وذكره ودعائه, وهذا الاعتكاف هو الخلوة الشرعية".



10 - إخراج زكاة الفطر:




استحب جماعة في عصرنا هذا التبكير في إخراجها لأن هذا يعين العاملين عليها من الجمعيات والمؤسسات على توزيعها في وقت مناسب لأصحاب الحقوق الشرعية فيها من الفقراء والمساكين، ليدخل السرور إلى بيوتهم وقلوبهم يوم العيد.



11- إحياء ليلة العيد:




استحب جماعة من أهل العلم إحياء ليلة العيد، منهم الإمام الشافعي، ولم يصحّ في ذلك حديث (من أحيا ليلة العيد أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب)، وكل الآثار التي وردت في ذلك ضعيفة، وليلة العيد ليست من أيام العشر الأواخر، فاليوم الشرعي يبدأ عند الغروب وينتهي عند غروب اليوم التالي.





12 - الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس :




عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال : ( من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) . أخرجه الترمذي .