آلة الموت.. تحصد شعب الروهينغا المسلم فى ميانمار

الناقل : elmasry | الكاتب الأصلى : حدث - وكالات | المصدر : www.hadath.net

 

لا تزال «آلة الموت» تحصد المئات يوميا من المسلمين في ميانمار ضمن حملة تطهير عرقي ممنهجة يقودها النظام الحاكم في البلاد بحق أقلية «الروهينغا» المسلمة من قبل الأغلبية البوذية وسط صمت إعلامي دولي مريب.
ورغم اتهام منظمة العفو الدولية السلطات في ميانمار «بورما سابقا» وجماعات بوذية بممارسة أعمال «تطهير عرقي» ضد أقلية «الروهينغا» المسلمة في ولاية «راخين» ، «آراكان» الساحلية غربي البلاد والمحاذية لبنجلادش إلا أن آلة القمع والتنكيل ما زالت تمارس بحق المسلمين بإيعاز من السلطات الحاكمة للأغلبية البوذية بهدف ترحيل المسلمين من ميانمار

وكان تصريح رئيس ميانمار «ثين سين» خلال لقائه مفوض الأمم المتحدة السامي لشئون اللاجئين أنتونيو غوتيريس بأن «الحل الوحيد لأفراد عرقية الروهينغا المسلمة يقضي بتجميعهم في مخيمات للاجئين أو طردهم من البلد» دليل واضح على أن السلطات الحاكمة التي نفت اتهام منظمة العفو الدولية ومن ورائها الأغلبية البوذية تمارس أشد عمليات القمع والبطش بحق مسلمي «الروهينغا».

وقال رئيس ميانمار إن حكومته "تفكر في تسليم مسألة أقلية «الروهينغا» للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وأن تقيم مخيمات لهم قبل أن يستقروا في النهاية في بلد ثالث يكون مستعدا لاستقبالهم معتبرا أن «البنغال أحضروا إلى بورما للعمل في الزراعة من قبل المستعمرين الإنجليز قبل الاستقلال عام 1948».

وأضاف «بموجب القانون في ميانمار فإن جيلا ثالثا فقط من المهاجرين المتحدرين من الذين جاؤوا إلى ميانمار قبل عام 1948 معترف بهم كمواطنين وأن بورما ستتحمل مسؤولية الجنسيات الإثنية ولكن من المستحيل أن تعترف بالروهنجيا الذين ليسوا مجموعة إثنية في ميانمار».

وقد جاءت تصريحات رئيس ميانمار الذي تولى مهام منصبه في مارس العام الجاري بمثابة صدمة للمسلمين في البلاد الذين كانوا قد علقوا آمالهم عليه في الحصول على حقوقهم المسلوبة منذ عقود طويلة خاصة بعد أن وعدت الحكومة الجديدة بإعطاء أقلية /الروهينغا/ حق المواطنة إلا أن تصريح رئيس ميانمار يمثل تراجعا عن الوعود التي قطعها على نفسها ورضوخا للجماعات البوذية المتطرفة من عرق «الماغ» أكبر مجموعة عرقية في البلاد.

العفو الدولية قالت (في بيانها نصا) «إن أعدادا غير محددة من المسلمين تعرضوا للتنكيل أو القتل أو الاغتصاب» وإن «الروهينغا يتعرضون لهجمات جديدة من قوات الأمن ومن جماعات بوذية بعد هجمات سابقة دامية في يونيو الماضي». ففي العاشر من يونيو الماضي فرضت السلطات في ميانمار حالة الطوارئ في ولاية «راخين» وسط أنباء تحدثت وقتها عن مقتل 78 شخصا في أعمال عنف عرقية حيث نشرت السلطات منذ ذلك الوقت قوات لاحتواء الوضع وحماية المعابد والمساجد في المنطقة

. وتؤكد منظمة العفو الدولية أن هجمات جديدة تشن منذ ثلاثة أسابيع في«راخين» معظمها يستهدف المسلمين خاصة منهم «الروهينغا» الذين اعتقل المئات منهم.

تجدد عمليات القمع وانتهاك حقوق الإنسان "للروهينغا" المسلمين
وقد أدانت منظمة التعاون الإسلامي، في بيان صدر مؤخراً، تجدد عمليات القمع وانتهاك حقوق الإنسان لرعايا "الروهينغا" المسلمين منذ شهر يونيو المنصرم، والتي أدت إلى سقوط عدد من القتلى المدنيين الأبرياء، إضافة إلى حرق المنازل والمساجد وإجبارهم على مغادرة وطنهم، مشيرة إلى أنه على مدى العقود الثلاثة الماضية، تعرض المسلمون من "الروهينغا" إلى جملة من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التطهير العرقي والقتل والاغتصاب والتشريد القسري من قبل قوات الأمن في ميانمار.

وقالت المنظمة، في بيانها، " إن استعادة الديمقراطية في ميانمار أنعشت آمال المجتمع الدولي في أن القمع ضد مواطني "الروهينغا" المسلمين سينتهي، وأنهم سيصبحون قادرين على التمتع بالمساواة في الحقوق والفرص، ومع ذلك، تسبب تجدد أعمال العنف ضدهم يوم 3 يونيو 2012، في بالغ الانزعاج والقلق لدى المنظمة".

وعبرت المنظمة عن شعورها بالصدمة إزاء "التصريحات المؤسفة" الأخيرة لرئيس ميانمار "ثين سين" التي تتنكر لاعتبار مسلمي الروهينغا مواطنين في ميانمار، مشددة على أن حكومة ميانمار، كعضو في الأمم المتحدة والآسيان، ملزمة بالانضمام إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاتفاقيات والإعلانات الخاصة بطريقة معاملة مواطنيها.

وينص إعلان الأمم المتحدة على أن "الروهينغا" إحدى الأقليات العرقية والدينية واللغوية في غرب بورما، وما تظهره الحقائق التاريخية من أن "الروهينغا" كانوا موجودين خلال القرون الماضية على أرض ميانمار قبل مجيء البريطانيين وبعد مغادرتهم، وقبل قيام دولة بورما، وهو أمر كان واضحا قبل تشكيل دولة ميانمار الحالية.

وفضلا عن ذلك، فإن منظمة الأمم المتحدة تعتبر أقلية طالروهينغا" في ميانمار من أكثر المجموعات اضطهادا في العالم.

ورغم ذلك، تواصل حكومة ميانمار ممارسة الاضطهاد والتمييز ضد أقلية الروهينغا، لاسيما في ما يتعلق بقانون الجنسية الصادر عام 1982، الذي ينتهك المبادئ المتعارف عليها دوليا بنصه على تجريد "الروهينغا" ظلما من حقوقهم في المواطنة.

كما ينص ميثاق منظمة التعاون الإسلامي على مساعدة المنظمة للأقليات والمجتمعات المسلمة خارج الدول الأعضاء بما يحفظ لهم الكرامة والهوية الثقافية والدينية.

رغم الإدانات الدولية إلا أن محنة مسلمي ميانمار مستمرة
ورغم الإدانات الصادرة من أكثر من دولة و منظمة إسلامية إلا أن محنة مسلمي ميانمار مستمرة، ويبدو أن السلطات في هذه البلاد لا تعير لأصوات الاستنكار انتباها، خاصة بعد تصريح رئيس ميانمار الأخير، ليستمر مسلسل حرق المنازل والمساجد، وإجبار المسلمين هناك على مغادرة وطنهم.

وفي تقريرين أصدرتهما منظمتا العفو الدولية، و"هيومن رايتس ووتش"، المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، أكدتا فيهما أن قوات الأمن في ميانمار ترتكب انتهاكات ممنهجة ضد الأقلية المسلمة بعد النزاع الطائفي الذي اندلع شمال ولاية "راخين" في شهر يونيو الماضي".

وقالت "هيومان رايتس ووتش"، " إن الناجين من هذه الأعمال من "الروهينغا" حاولوا الهرب عبر نهر "ناف" إلي بنغلاديش المجاورة، ولقي الكثير منهم مصرعهم أثناء العبور.

ويبلغ عدد سكان ميانمار أكثر من 50 مليون نسمة، منهم 15 في المائة على الأقل من المسلمين، يتركز نصفهم في إقليم "راخين" ذي الأغلبية المسلمة.

ويعود أصل شعب "الروهينجا" المسلم إلى خليط من سلالات مسلمة، من العرب والفرس والأتراك والمورو والهنود والبنغال والبشتون الى جانب مسلمين صينيين، ومن تزاوج هذه الأعراق مع المجموعات العرقية المحلية في ميانمار.
ويرجع تاريخ الإسلام في هذا الإقليم إلى القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة العباسي الخامس هارون الرشيد، عن طريق التجار العرب، وأصبحت "أراكان" مملكة مستقلة لأكثر من 350 عاما توالى خلالها 48 ملكا مسلما في الحكم، وانتهى استقلالها عام 1784 باحتلالها من قبل الملك البوذي البورمي "بودا باي" ، الذي حولها إلى إقليم تابع لمملكته، في إطار خطة لوقف تأثير وانتشار الإسلام في منطقة شرق آسيا.

ومنذ ذلك الحين مورست بحق مواطني الاقليم المسلمين شتى أنواع الاستبداد والقتل والتنكيل لتحويلهم عن ديانتهم إلى الديانة البوذية، الديانة الرسمية للدولة، وطردهم من قراهم ومصادرة أراضيهم الزراعية لإحلال مستوطنين بوذيين في مكانهم.

مسلمي ميانمار وحياة مشابهة للاجئين بإفريقيا في الثمانينيات والتسعينات
وفي ميانمار، تحظر القوانين على أبناء الأقلية المسلمة العمل بوظائف حكومية، وتحرمهم من التعليم العام، ومتابعة التحصيل العلمي، وتجبرهم على تغيير أسمائهم، واستبدالها بأسماء بوذية، وتضيق عليهم اقتصاديا، وتتنكر لحقوقهم الثقافية والدينية، وتمنعهم من رفع الأذان في مساجدهم، وتطمس تراثهم القومي والديني بتدمير الجوامع والمدارس، وتقيد حركتهم، لدرجة أن سفر أحدهم خارج المنطقة التي يقطن فيها جريمة يعاقب عليها القانون.
وخلال ستين عاما من عمليات القتل التهجير، قتل أكثر من مائة ألف مسلم، وهجر قرابة 1.5 مليون إلى بنجلادش، في حملات واسعة كان آخرها عام 1991، حيث يعيشون هناك في مخيمات لا تلبي الحد الأدنى من شروط الحياة الآدمية.

وتشير تقارير إلى أن مسلمي ميانمار يعيشون حياة مشابهة للعديد من اللاجئين بإفريقيا في الثمانينيات والتسعينات، فلا يوجد لديهم مياه، لذا تفشت الكوليرا، كما تصل نسبة سوء التغذية في اقليم "راخين" إلى نسبة 25 في المائة السكان، علما بأن منظمة الصحة العالمية تعتبر وصول الرقم إلى نسبة 15 في المائة بمثابة كارثة عاجلة.

وقامت حكومة العسكر في ميانمار عام 1982 بإسقاط الجنسية عن المواطنين المسلمين في إقليم (راخين)، وسجلوا كمهاجرين بنغاليين، بدعوى أنهم مستوطنون غير شرعيين، هاجروا إليها بعد الاحتلال البريطاني عام 1842، في إنكار لحقائق التاريخ والجغرافيا.

واتبعت حكومات العسكر الشيوعية منذ عام 1962 سياسة إبادة بحق جنس شعب /الروهينغا/ المسلم، بتشكيل ميليشيا مسلحة تدعى (الناساكا) مهمتها ترويع المسلمين، كذلك إصدار قوانين عنصرية تجبر المواطنين المسلمين على تحديد النسل، خلفا للمتبع مع القوميات الأخرى في البلاد، التي يقدر عددها بما يقارب 140 قومية، ويحظر القانون الميانماري على الإناث المسلمات الزواج قبل سن الخامسة والعشرين والذكور قبل سن الثلاثين، كما يفرض شروطا قاسية على زواج المسلمين، ومنها طلب استئذان من السلطات للزواج، وهو الطلب الذي قد يستغرق سنوات لرد السلطات عليه.