تتمثل البوليميا ( شره الطعام ) بنمط معين من الأكل ذي طابع مرضي إذ يقوم الشخص المصاب بالبوليميا بالتهام الكثير من الطعام من دون وعي أو مراقبه ثم يعمل على تقيئه بواسطة الدواء أو عبر إدخال الإصبع في الفم وذلك خوفاً من اكتساب الوزن لذلك يعمد فور انتهائه من الطعام إلى التخلص من كل ما دخل معدته وتتكرر هذه العادة عدة مرات في اليوم لتصبح نمط أكل ثابتاً. تشير العديد من الدراسات أن الشخص البوليمي يعاني أساساً من الوحدة والاكتئاب والاضطرابات العاطفية أو النفسية أو الاجتماعية أو العائلية لذا يتحول إلى التهام كميات كبيرة من الطعام بشراهة غير طبيعية مرضية فاضحة دون الإحساس بلذة ونكهة ما يأكل إلى درجة تفوق الشبع من دون أن يراه أحد وبسرعة قصوى وسريه تامة وبعدها تنتابه مشاعر الضيق والاشمئزاز والندم على ما تناوله من الطعام لكونه يهتم بمظهره وشكل جسده فيلجأ إلى التقيؤ والتخلص مما تناوله. ويحاول عادة المريض أن يعاقب نفسه عبر اتباع حمية قاسية ومزعجة فتأتي ردة الفعل بجوع شديد تدفعه إلى التهام ما حوله من أكل وخاصة الحلويات وغالباً لا يستطيع الشخص التوقف عن الأكل ويجد نفسه غير قادر على السيطرة على نفسه. تعود أسباب البوليميا إلى عوامل نفسية وعصبية كالاضطرابات العاطفية والنفسية أو بسبب ضغط المجتمع والعائلة أو وجود حالة الاكتئاب أو الانهيار العصبي . وتكثر حالات البوليميا بين سن السادسة عشره والخامسة والخمسين وتكون في أوجهها بين العشرين والخامسة والعشرين وغالباً ما تصيب النساء أكثر من الرجال كون المرأة عرضة للاضطرابات النفسية والاكتئاب أكثر من الرجل ونسبة التحمل لديها أقل كما أن هاجس البدانة غالباً ما يعايش المرأة أكثر من الرجل وخاصة في فترة العشرينات والثلاثينات نتيجة للتغيرات النفسية والفيزيولوجية. هناك نوعين من البوليميا :- -النوع الأول تتمثل بالشخص الذي يأكل بشره ومن ثم يلجأ إلى التقيؤ خوفاً من زيادة وزنه بالرغم من أن غالبية هؤلاء الأشخاص تكون أوزانهم طبيعية ولا يعانون من البدانة. -النوع الثاني تتمثل في البوليميا التي تصيب الأشخاص البدينين وهي حالة شره غير طبيعية وغالباً لا يتقيأ المريض ولكنه يأكل بشره علناً ويتلذذ بالأكل ولا يشبع كونه مهووس بالطعام ولا يأبه لزيادة وزنه. إن النظرات الاجتماعية حول وزن الجسم وزيادة جاذبية الشخص كلما كان وزنه معتدلاً أو منخفضاً هي أساس نشوء هذه الحالة لدى البعض ولكن هناك أيضا دراسات حديثة تتحدث عن دور مؤثر للوراثة فيرى الباحثون أن لاضطرابات أنظمة المواد الكيميائية الموصلة بين الخلايا العصبية في الدماغ وغيره والمصاحبة للحالة دور في آلية النشوء خاصة نظام سيروتينين المرتبط في جانب منه بتناول الأكل ومن جانب أخر بحالات الاكتئاب والاضطرابات العصبية الأخرى. وكذلك أشارت العديد من الدراسات على أن الأطفال الذين يعانون من زيادة الوزن والإفراط في الأكل يكونون أكثر عرضه للإصابة بالبوليميا عند وصولهم سن البلوغ كون الطفل البدين يكون أكثر حساسية بسبب ما يتعرض له من سخرية وانتقاد لزيادة وزنه وهو بذلك يكون حساساً لكل ما له علاقة بهذا الوزن المفرط مما قد يسبب لاحقاً التعرض لمرض البوليميا لرغبة الطفل في إنقاص وزنه. ومن أهم المظاهر السريرية والأعراض التي يعانيها المريض المصاب بالبوليما هي التقيؤ الإرادي عبر إدخال الإصبع في الفم أو استخدام بعض الأدوية لإثارة الحلق لإحداث حالة الاستفراغ أو استخدام المسهلات المدرة للبول وتناول الملينات مما يؤدي إلى حدوث إمساك أو إسهال وفقدان السوائل والأملاح والبوتاسيوم وغيرها واضطرابات في نسب العناصر المهمة في الجسم التي قد تؤثر بالتالي على القلب والدماغ والكلى. أو استخدام الحقن الشرجية لإحداث الإسهال بعد الأكل وحدوث اضطرابات في المريء والمعدة بسبب التقيؤ مما قد يؤدي إلى تمزق أسفل المريء والتهابه بعصارات المعدة والتهابات الحلق والفم واللثة وتلف مينا الأسنان بفعل عصارات المعدة وعدم انتظام الحيض عند النساء بسبب الضغوط النفسية. يعتمد علاج الشخص البوليمي على شقين طبي غذائي ونفسي لذلك يجب على المريض أن يلجأ إلى طبيب نفسي وأخصائي تغذية والتنسيق بينهما للحصول على نتيجة لانه من المهم معالجة مريض البوليما من الناحية النفسية لمعرفة الأسباب التي تكمن وراءها أما من الناحية الغذائية فتوصف للمريض أدوية لتخفيف الشهية وعدم الأكل دون جوع وفوق الشبع ويرافق ذلك نظام غذائي يوفر للجسم احتياجاته ويحافظ على صحته مع ضرورة مراعاة التمارين الرياضية التي تساعد في التخفيف من المشكلة.