الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
لا شك أن تحري الصدق من أعظم أسباب التوفيق والهداية، كما أن التهاون في الكذب يورث الخذلان والغواية، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. رواه مسلم.
والألفاظ التي يتبادلها الناس تعبيرا عن المحبة، إن كانت بين الرجال والنساء الأجنبيات لا تجوز أصلا، وهي خطوة من خطوات الشيطان،
وأما إن كانت بين من يجوز تبادلها بينهم كامرأتين أو رجلين متؤاخيين في الله تعالى، أو حتى بين المرء وزوجه، فينبغي أن تكون بالمعروف، بعيدا عن الغلو الذي يورث الشطط، والمبالغة التي تؤدي إلى الإفراط، وبعيدا كذلك عن الألفاظ الموهمة لما لا يليق من المعاني، وبعض هذه الألفاظ وإن كنا لا نقول بحرمتها، إلا أن الحذر منها أمر مستحسن، ومن ذلك ما ذكرته السائلة كقول: أحبك موت، وكذلك قول: أنا لك وبك ومعك وأكفيك عن العالم ـ فإطلاقها ظاهر في الكذب والإفراط، وموهم لبعض المعاني الشركية.
وأما الدعاء بلفظ: "الله لا يحرمني منك" أو "الله لا يحرمني منك لا دنيا ولا آخرة". فلا يظهر لنا ما يحرمه، وإن كان غيره أولى وأنفع، فقد قالت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أمتعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: قد سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة وأرزاق مقسومة، لن يعجل شيئا قبل حله، أو يؤخر شيئا عن حله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل. رواه مسلم.
والله أعلم.