يقول السائل: فضيلة الشيخ: عندنا في القرية شيخ له ضريح، ويعمل له الناس مولداً كل عام، ويجمعون بعض المال من المواطنين، وأنا ممن يؤخذ منهم المال وأنا غير مقتنع، ولما عارضت قالوا لي: إن هذا ليس بحرام، ونحن نشتري بهذا المال ذبائح للناس الذين يحضرون المولد من البلدة وغيرها. فما الحكم في ذلك؟
هذا بدعة ومنكر، لا يجوز اتخاذ موالد؛ لا للعالم، ولا لشيخ القبيلة، ولا لكبير الحارة، ولا لغيرهم، الموالد بدعة، وهكذا الاحتفال بالمولد النبوي على صاحبه الصلاة والسلام، بدعة ليس لها أصل، وهكذا الاحتفال بموالد الأنبياء أو الصالحين أو العلماء، كله لا أصل له.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه في المدينة عشر سنين ولم يحتفل بمولده صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بذلك، ولم يفعله أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وهكذا خلفاؤه الراشدون: الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي، لم يحتفلوا به، وهكذا بقية الصحابة لم يحتفلوا به، وهكذا من بعدهم في القرون المفضلة في القرن الأول والثاني والثالث لم يحتفلوا بذلك، فالواجب على المسلمين أن يدعوا هذا، وإنما المهم أن يحافظوا على طاعته صلى الله عليه وسلم، واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، والمسارعة إلى ما أمر به، وترك ما نهى عنه عليه الصلاة والسلام، وأما الشيوخ والعلماء فمن باب أولى ألا يجوز اتخاذ موالدهم.
وهذا الضريح الذي عندكم لا يحتفل بصاحبه لا بمولد ولا بغيره. ولكن إذا كان طيباً يدعى له بالمغفرة إذا كان مسلماً، ويدعى له بالرحمة ويزار الزيارة الشرعية، يمر على قبره ويدعى له: السلام عليك يا فلان، غفر الله لك، ورحمنا الله وإياك، وهذا يكفي، أما أن يدعى من دون الله ويستغاث به أو يتمسح بقبره أو يطاف به، فهذا منكر عظيم، لا يطاف بقبره، ولا يدعى من دون الله، ولا يقال: يا سيدي فلان، انصرني أو أنا في حسبك، أو بجوارك، أو اشفع لي، أو اشف مريضي، كل هذا منكر لا يجوز، بل هو من المحرمات الشركية.
وهكذا لا يطاف بالقبر ولا يتمسح بالتراب ولا بالنصائب، كل هذا من المنكرات العظيمة ومن التبرك المنكر، بل طلب البركة من القبور شرك أكبر، نسأل الله العافية.
فالواجب على أهل القرية أن يحذروا ما حرمه الله عليهم، وأن يدعوا هذا الاحتفال، وألا يأخذوا أموال الناس بالباطل، وأن يدعوا لهذا الميت إذا كان مسلماً بالمغفرة والرحمة، وهذا يكفي والحمد لله.