في بيتنا مراهقة.. كيف نتعامل مع هذه المرحلة ؟
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
منى وهبة
| المصدر :
www.wafa.com.sa
كثير من الأسر ترتبك حياتها عندما يصل أحد أبنائها إلى مرحلة المراهقة، ويزيد الارتباك عندما يكون هذا الابن بنتا وليس ولدا، خصوصا مع ما يطرأ من تطورات وتغيرات جسدية ونفسية على الأنثى، فهل الأمر يستدعي ارتباكا ؟ وكيف يمكن أن نتعامل كأسرة، وخصوصا الأم، مع ابنتها المراهقة ؟ وكيف تعلمها أن تتعامل هي نفسها مع هذه المرحلة الحساسة من عمرها ؟.. هذا ما تجيب عنه السطور التالية..
بداية وعن مرحلة المراهقة تقول الدكتورة عزة حسين أستاذة علم النفس بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة حلوان :
مرحلة المراهقة عند الفتاة مرحلة التغير من الطفولة إلى الأنوثة، وهناك سن معينة تبدأ فيه مرحلة المراهقة، وتكون البنت عادة أبكر من الفتى بسنة تقريبا، ففي الغالب تبدأ المراهقة عند الفتاة في سن الثانية عشرة، والفتى في سن الثالثة عشرة، وتستمر حتى سن الثامنة عشرة وأحيانا إلى الحادية والعشرين،.. وصفات المراهقين قد تكون متشابهة عند الشباب والشابات في كل جيل، ولايوجد إنسان لم يمر بفترة المراهقة، ولكن علامات المراهقة وبالذات العلامات النفسية قد تكون واضحة وملاحظة عند شباب أو شابات وغير واضحة عند آخرين، وقد يكون لنوعية التربية التي يتلقاها في المنزل والتنشئة الاجتماعية دور كبير في بروز هذه العلامات النفسية عند البعض واختفائها عند البعض الآخر، وقد تحتد وتخبو عند البعض تبعا لنوعية المعاملة التي يتلقاها المراهق في أسرته ومجتمعه.
والمراهقة ليست مرضا كما يتصور البعض، ولكنها فترة حرجة في حياة الإنسان، فترة تغير يجب التنبه لها جيدا، ويجب أن نعامل المراهق وفقا لهذه التغيرات، ونحن إذا ما تكلمنا عن المراهقة عند الفتيات يتضح لنا أن الفتاة تحتاج في هذه المرحلة إلى تفهم الأم للتغيرات الجسمانية والنفسية التى تمر بها الفتاة وكيفية التعامل معها بحكمة وحسن توجيه، حتى تمر هذه المرحلة بسلام دون أن تترك أى أثر نفسي سيئ على الفتاة، فبعض الأمهات -بتصرفاتهن بجهل عن هذه المرحلة- قد يكن سببا في تعقيد الفتاة، وإحساسها بأن التغيرات الجسدية التي تمر بها عار لا بد أن تخفيه، حتى إنها قد تكره جسدها، وتفقد الثقة في نفسها، وتلجأ إلى الانطواء والعزلة الاجتماعية، فيجب على الأم على أاعتاب تلك الفترة أن توضح للفتاة ما سيحدث لها من تغيرات جسدية مثل بروز الثديين ونعومة الصوت، واتساع الحوض استعدادا للحمل، ونزول الطمث ( الدورة الشهرية )، فالحيض هو أهم العلامات المتعلقة بالبلوغ عند الفقهاء والأطباء على حد سواء، وهناك الكثير من الفتيات قد يخفين أمر مجيئ الدورة الشهرية عن ذويهم، لذا يجب تيقظ الأم في تلك الفترة حتى تستطيع أن ترشد الفتاة إلى كيفية التصرف في هذا الوقت، وكيفية المحافظة على النظافة الشخصية، وعدم إهمال الاستحمام بانتظام، ونوعية الغذاء في هذه الفترة.
وربما تظهر علامات البلوغ في مرحلة مبكرة، وتسمى بمرحلة المدرسة الإبتدائية، ويجب ألا يمثل ذلك صدمة للأم، تنقلها إلى طفلتها وتنقل لها إحساس الخوف لأنها ما زالت صغيرة، ولكن ذلك أمر طبيعي يجب على الأم إدراكه والاستعداد للتعامل مع مراهقة ابنتها في أي سن تظهر فيه.
وتقول الدكتورة نادية منصور أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة جنوب الوادي :
لقد جاء في السّنة النبوية كما في الصحيحيْن أنّ عائشة -رضي الله عنها- دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي بنت تسع سنين، وكانت عائشة تقول: بنت تسع سنين امرأة!.
وكثير من الأمهات والمعلمات لا يتجرّأن على الحديث عن مثل هذه المسألة، وربما تلقي المعلمة درس الحيض على استحياء، ولا تسمح لأي فتاة بالاستفسار، وهي من جهتها تكتفي بالشرح الموجز، ولا تسأل عما إذا كانت هناك من تريد الاستفسار عن شيء، حتى تكسر حاجز الخوف والخجل بينها وبين الطالبات.
فالسيدة عائشة -رضي الله عنها- وهي كانت محرمة، متلبسة بنسك، بكت، وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: إنها حاضت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ...)، فليس في الأمر ما يدعو إلى الخجل، وقد أثنت عائشة -رضي الله عنها- على نساء الأنصار: (نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ).
إنها حكمة الباري فالله جل وعلا أحسن كل شيء خلقه، وهذا جزء من خلق الله سبحانه وتعالى، ومن سنّته في عباده، وفي إمائه.
ووعي الفتاة مهم شرعا لكى تعرف ما لها وما عليها، فهي دخلت مرحلة البلوغ، وأصبحت مكلفة شرعا، وعليها معرفة أحكام الصلاة والصيام والحج والطواف وقراءة القرأن وغيرها من الأحكام، وقد أجمع العلماء على أنّ الحائض لا تصلي ولا تصوم، وأنها تقضي الصّوم ولا تقضي الصلاة، والراجح – فقهًا- أنه يجوز للحائض أن تقرأ القرأن دون ملامسة المصحف.
وتشير الدكتورة إلهام عبد الباري، مدرسة التربية السلوكية بجامعة الأزهر، إلى أنه ليست التغيرات الجسدية فقط التي يجب أن تحسن الأم التعامل معها بل أيضا التغيرات النفسية كما تؤكد، فهناك الكثير من التغيرات النفسية والسيكولوجية التي تطرأ على المراهقة، وتنقلها من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الأنوثة، فتظهر رغبة البنت في إثبات ذاتها؛ سواء عن طريق الانتماء إلى عالم ومجتمع ومجموعة غير مجموعة الأسرة والبيت، أو في التمرّد على بعض الأنظمة، أو في الميل إلى الجنس الآخر، فالفتاة بهذه التصرفات تريد أن تلفت نظر الأم إلى أنها لم تعد طفلة وأنه قد أصبح لها شخصية مستقلة.
والعاطفة والميل الفطريّ للجنس الآخر يمكن أن يقودها إلى الانحراف، إذا لم يكن هناك رعاية جيّدة لها وتفهم الأم.
فالكثير مما نشاهده على الفتيات، في هذه المرحلة المبكرة، ليس بالضرورة تعبيرًا عن الانفلات الأخلاقي، وليس مقصوداً لذاته، بقدر ما هو بعض من سمات هذه المرحلة العمريّة ومتغيراتها وأيضا تميل الفتاة إلى التحرر من وصاية الآخرين فتحاول تبعاً لذلك أن تنأى بنفسها بعيداً عن طبيعة علاقتها السابقة والديها، ويصحب تلك العملية بعض العصيان المتقطع والتحدي والثورة والقلق والتأرجح في الحالة المزاجية.
لذلك على الأم أن تكون صديقة لابنتها ولا تفشي أي أسرار بينهما، هذه هي القاعدة الهامة لاكتساب ثقة ابنتها، ثم عليها
أولا تحمل تصرفات الابنة التي تكون في بعض الأحيان مستفزة مع التغاضي عما تعبر به عن مشاعر السخط، فالفتاة تحتاج إلى التقبل والتأييد، وليس الصدام معها لأن ذلك يؤدي إلى مزيد من العناد من الفتاة.
ثانيا على الأم عدم تعقب أخطاء ابنتها المراهقة ومحاسبتها على كل هفوة، وتوقع الكمال في أي تصرف تقوم به، ومساعدة الأم للفتاة في الأزمات التي تمر بها يجب أن يتم دون الدخول في التفاصيل دائما، والابتعاد عما يضايقها مثل إبراز عيوبها أمام الغير، ورواية بعض القصص عن طفولتها التي ربما بها بعض المواقف التي تخجل منها الفتاة.
ثالثا على الأم احترام خصوصية ابنتها مع مراقبتها بشكل غير مباشر، طالما لا يوجد ما يستدعي عكس ذلك، وتشجعيها على اكتساب المزيد من المهارات، والثناء عليها عندما تنجح في ذلك، وبالتالي تتقبل الفتاة توجيه الأم لها دون تمرد أو عصيان مثل الطلب منها القيام ببعض الأعمال المنزلية، وإكسابها الخبرات المختلفة داخل المنزل وخارجه، وكيفية التعامل مع المحيطين، وتحميلها بعض المسؤليات مثل تحمل مسؤلية الاعتناء بالأصغر منها في غياب الأم والأب، أو توصيلهم إلى المدرسة والانتباه لهم جيدا، حتى لا يتعرضوا لأي مخاطر مع أخذ رأيها في بعض الأمور الخاصة بالأسرة كل ذلك يعطيها ثقة أكثر ويعلمها التصرف بحكمة وروية.
رابعا على الأم الابتعاد عن وصف الابنة بصفات سيئة خاصة أمام الآخرين، وتوقع مستقبلها بصورة سلبية، ونقد تصرفاتها كأن تقول لها (أنت فاشلة وسوف تظلين هكذا) فهذا كفيل بأن يسيطر عليها مثل هذا التفكير السلبي فتكبر وتكون في النهاية مثل ما وصفتها به أمها.
وخطورة نقد الشخصية والسلوك نفسه هو أنه يترك في نفس المراهقة مشاعر سلبية عن نفسها، وعندما نصفها بصفات مثل الفشل والغباء والقبح والاستهتار وغيرها من الصفات السيئة يكون لذلك أثره على نفسيتها، ويكون رد الفعل عنيفًا من جانبها، ويتصف بالمقاومة والغضب والكراهية والانتقام، أو على العكس الانسحاب والانطواء والاكتئاب.