آلام الركبتين مشكلة شائعة تتطلب التشخيص الدقيق
الناقل :
elmasry
| الكاتب الأصلى :
الدكتور حسن عثمان نداف
| المصدر :
www.grenc.com
الدكتور حسن عثمان نداف
يظهر ان شاعرنا العربي صاحب مقولة أليس لداء الركبتين علاج قد عانى من آلام الركب ولم يجد الدواء الشافي، فهل مازال هذا القول صحيحاً حتى اليوم؟
ان اكثر المراجعين لعيادات المفاصل والعظام وكذلك عيادات الطب العام هي شكوى آلام الركبتين وكثيراً ما يهمل الاطباء هذه الشكوى لانها في نظرهم شكوى بسيطة ناتجة عن تقدم العمر وليس لها علاج سوى بعض المسكنات.
ان الركبتين هما من اهم مفاصل الجسم فهي المفاصل الحاملة لثقل الجسم والتي تساعد على المشي والحركة والركض، وتحتوي الركبة بالاضافة الى العظام على الغضاريف والانسجة الرابطة واي من هذه الاجزاء عرضة للاصابة.
هناك اسباب كثيرة وعديدة للآلام في الركبتين ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- الاصابات الرياضية بمختلف انواعها.
- التهاب المفاصل التنكسي.
- معظم امراض الروماتويد.
- النقرس والنقرس الكاذب.
- التهابات جرثومية بالركبة.
- الحمى المالطية.
- نزيف داخل الركبة.
ان الخطوة الاولى نحو العلاج الصحيح هي التشخيص الدقيق للحالة، وان من اهم وسائل التشخيص هي سماع القصة المرضية للمريض والفحص السريري الدقيق، ويساعد ذلك بعض التحاليل المخبرية والفحص الشعاعي.
من الوسائل الحديثة التي ساعدت على دقة التشخيص هي اشعة الرنين المغناطيسي M.R.I فبواسطة هذه الاشعة يمكن وبدقة تشخيص المزع الغضروفي، اصابات الاربطة، الاصابات العضلية، التهاب المفاصل التنكسي، اصابات العظام، وجود السوائل داخل المفصل، وكذلك تشخيص بعض الحالات النادرة كالاورام داخل المفصل.
في بعض الحالات ربما احتاج التشخيص الى اجراء تنظير داخل الركبة واخذ بعض العينات.
من اكثر اسباب آلام الركبة شيوعاً هو التهاب المفاصل التنكسي او خشونة الغضاريف او ما يسميه العامة احتكاك الغضاريف وسنتحدث عنه بالتفصيل.
الأسباب:
مازالت الاسباب الى حد بعيد مجهولة بالتحديد ولكن هناك بعض العوامل المعتقد انها مسببة او مصاحبة للمرض.
1- تقدم العمر: هذا المرض شائع جداً مع تقدم العمر حيث معظم الناس بعد سن الخامسة والستين مصابون بالمرض.
2- العرق: لقد لوحظ ان سكان جنوب الصين وجنوب افريقيا وشرق القارة الهندية هم اقل عرضة للمرض من الاوربيين، بينما نلاحظ ان الشعوب العربية اكثر عرضة للاصابة وربما يرجع ذلك الى طريقة الجلوس التقليدية العربية لفترات طويلة على الارض مما يرهق مفاصل الركبتين بشكل كبير.
3- العوامل الوراثية: وهذه العوامل مهمة في حالات التهاب المفاصل التنكسي المعمم، الذي ينتشر بشكل كبير بين النساء، ويصيب معظم المفاصل بما فيها مفاصل اليدين ويؤدي الى بروزات عظيمة في هذه المفاصل.
4- زيادة الوزن: وكما هو معروف فان الركبتين تحملان ثقل الجسم كله، وقد وجدت علاقة طردية بين زيادة الوزن وآلام الركب، وكذلك فانه عند نزول الوزن تخف آلام الركب.
5- اسباب وظيفية ومثال ذلك:
- ازدياد نسبة الاصابة بالمرض في مفاصل العمود الفقري عند عمال المناجم.
- ازدياد نسبة الاصابة في مفصل الكتف عند سائقي الباصات والشاحنات.
- ازدياد نسبة الاصابة في مفصل الركبتين عند من يمارسون رياضة المارثون.
الأعراض السريرية:
من البديهي ان اهم الاعراض السريرية هي وجود آلام في الركبتين، ويحدث الالم خاصة بعد الحركة ويخف بعد الراحة وفي المراحل المتقدمة تتزايد حدة الآلام بحيث تكون المفاصل مؤلمة اثناء الراحة في بعض الاحيان نتيجة وجود سوائل بالركبة ويؤدي الامر الى آلام حادة مبرحة تمنع المريض عن الحركة.
ومع مرور الوقت يبدأ حدوث تشوهات في المفصل وتقوسات واذا اهمل العلاج فان ذلك يؤدي الى العجز عن الحركة والقيام بالمهام والاعمال المنزلية.
اذا حدث المرض في مفاصل اخرى فانه يؤدي الى اعراض اخرى غير الالم وعلى سبيل المثال فان الاصابة في الرقبة او العمود الفقري ربما تؤدي الى ضغط على اعصاب الطرف العلوي او السفلي مع ما يصاحب ذلك من آلام شديدة وضعف في العضلات.
ومما يساعد على زيادة المرض وكذلك الآلام هو العادات السيئة من زيادة في الاكل وقلة في الحركة والرياضة، وذلك يؤدي الى زيادة في الوزن وضعف في عضلات الفخذين، وهذان عاملان مهمان في زيادة حدة آلام الركبة وكما سيأتي لاحقاً فان تخفيف الوزن وتقوية عظام الفخذين بالتمارين الرياضية المناسبة تؤدي الى تحسن كبير في الآلام.
يتم التشخيص كما ذكرنا سابقاً بالفحص السريري الجيد، ويتم فيه التأكد من عدم وجود اسباب اخرى، عدم وجود سوائل بالركبة، وكذلك تسمع حركة طرقعة شديدة عند تحريك الركبة.
الفحص الشعاعي مهم جداً ويتبين فيه وجود المرض والمرحلة التي وصل اليها.
ينصح باجراء بعض فحوصات الدم للتأكد من عدم وجود امراض اخرى وفي بعض الحالات ينصح باجراء اشعة الرنين المغناطيسي وذلك لدقة التشخيص بهذه الاشعة.
العلاج:
يتطلب العلاج الجيد التعاون الوثيق بين المريض والطبيب المعالج، قسم العلاج الطبيعي وفي بعض الاحيان اللجوء الى الجراحة.
قبل البدء بالعلاج يجب ان يتم تقييم شامل عن مدى تأثير المرض على الحياة اليومية للمريض، فمثلاً هل يستطيع المريض الحركة والقيام بأعماله اليومية ام لا؟ هل يستطيع صعود ونزول الدرج؟
* اذا كان المريض يعاني من زيادة في الوزن فينصح بتخفيف وزنه ويعطى الارشادات الغذائية من اجل تحقيق ذلك.
* ينصح المرضى باجراء التمارين الرياضية المنزلية التي تساعد على تقوية عضلات الفخذين وبشكل يومي ومستمر، وافضل وسيلة لذلك هي تحريك مشط القدم من مفصل الكاحل بوجود بعض الثقل عليه يومياً ثلاث الى اربع مرات وفي كل مرة 5-100 مرة.
* استعمال وسائل لتدفئة الركبتين مثل ارتداء رباط حول الركبتين، وهذا يؤدي الى زيادة الحرارة في الركبتين وتخفيف حدة الآلام.
* ينصح المريض بالحركة كالمشي، وذلك حسب استطاعته ويستطيع المشي ما شاء حتى يتوقف بسبب الالم.
* استعمال مسكنات الالم عند الضرورة حيث يبدأ اولاً بالمسكنات البسيطة مثل البنادول ، واذا لم يتحسن الالم مع هذه المسكنات البسيطة فيلجأ الى الادوية التي تحوي خاصية تسكين الالم وتخفيف الالتهاب، وهذه الادوية هي الاكثر شيوعاً في الاستعمال في مثل هذه الحالات، ومع انها فعالة الا أن لها مضاعفات كثيرة عند استعمالها على المدى الطويل واهمها التأثيرات السلبية على الجهاز الهضمي في حالات الالم الشديد والمصاحب لوجود سوائل بالركبة مع علامات التهاب حاد كوجود ارتفاع في حرارة المفصل وفي مثل هذه الحالة يتم سحب السائل بطريق ابرة وحقن مادة مسكنة مع مادة الكورتيزون.
كثيراً ما يتخوف المرضى من هذا العلاج وذلك لاعتقادهم ان سحب الماء يؤدي الى تدهور في وظيفة الركبة وهذا ليس صحيحاً اذا ما تمت عملية الحقن بعد التعقيم الجيد للجلد وكذلك استعمال الابر النظيفة المعقمة.
ان مثل هذه الاجراء العلاجي يساعد كثيراً في التشخيص، ويؤدي الى زوال الالم بشكل سريع مع انه مؤقت، لا ينصح بتكرار العملية اكثر من مرة كل ثلاثة الى ستة اشهر.
للعلاج الطبيعي دور مهم جداً، وهناك العديد من الاجهزة المتوفرة تساعد على تخفيف الآلام منها اجهزة الاشعة الضوئية والاشعة فوق البنفسجية وكذلك التمارين الرياضية لتقوية العضلات.
في الحالات الشديدة التي تؤدي الى تشوه في المفاصل مع صعوبة في الحركة، وعدم استجابة للعلاجات وكذلك للعلاج الطبيعي تجرى عملية تبديل للمفصل، وقد تم اجراء العديد من هذه العمليات في مستشفى الحمادي وبنجاح تام ولله الحمد ويشترط ان يكون المريض بصحة جيدة قبل اجراء الجراحة وكذلك تخفيض الوزن الى الحد الطبيعي.
واخيراً من المؤكد ان كل هذه الوسائل العلاجية والتشخيصية لم تكن متوفرة لشاعرنا العربي حتى شكا هذه الشكوى المرة من آلام الركبتين، ولكن وفي الوقت الحاضر ومع عدم وجود علاج شاف، الا ان العلاجات المتوفرة تؤدي وبشكل كبير الى تخفيف المعاناة لدى هؤلاء المرضى.