زاد في الآونة الأخيرة لجوء مرضى السكري والضعف الجنسي والشقيقة وغيرها من الأمراض للعلاج عن طريق "الحجامة". فلماذا يستعيض هؤلاء بالحجامة كبديل عن الأدوية والعلاجات الطبية المعروفة ؟ هل أثبت الطب الحديث عجزه أمام أمراض معينة، في الوقت الذي أظهرت الحجامة القدرة على علاجها؟ هذه الأسئلة المشروعة تحاول"الـحال " أن تجيب عليها من خلال التقرير التالي. المواطنة أم نسيم هاشم من الخليل شُفيت تماما من الآم قدمها اليمنى وعمودها الفقري بعد أن أجرت عملية الحجامة " عملت معلمة لمدة 30 سنة ، ونتيجة للوقوف المستمر في الصف، لازمتني الآلام لسنوات، ولم يبقى طبيب عظام، أو أخصائي علاج طبيعي إلا وراجعته، وأخذت أكثر من 10 إبر في عمودي الفقري، وما يزيد عنها من جلسات المساج دون جدوى! وحين سمعت قبل سنوات عن شيخ درّس في الأزهر بمصر، أنه يجري الحجامة للمرضى في الأردن ، إحتجمت عنده ،فشفيت تماما بحمد الله ". كذلك أم صبري الأطرش من الخليل التي تغيرحالها بعد عشرون عاما من تحمّل الألم بحسب زوجها" عانت زوجتي من وجع مزمن في الرأس دام لعقدين ، ولمّا فشل كل الأطباء في تشخيص مرضها، أجريت لها الحجامة! فماعاد إليها الألم منذ ذلك الحين ". الأستاذ يحيى دوفش أحد أوائل الذين أدخلوا طب الحجامة للخليل منذ عقود، تحدث عن مرجعيته والأسباب التي دعته لحث الناس على الإحتجام "بحثت كثيرا فوجدت أن هناك 370 حديث نبوي شريف (بين الصحيح والضعيف والحسن)، من أهمها ما نقل عن الرسول "ص"عندما خاطبنا بالحديث الشريف(خير ماتداويتم به الحجامة) وهوبذلك يحضّنا على إتباع توجيه صحي شرعي أكيد، لأنه لا ينطق عن الهوى. كما وجدت 121 كتب لمؤلفين كلها تتحدث عن الحجامة، أبرزها كتاب العلامة الشيخ محمدأمين شيخوأحد السوريين القدماء ويحمل عنوان"الدواء العجيب" والذي تحدث خلاله عن 24 بروفيسور سوري من جامعة دمشق إحتجموا و 500 حالة أخرى، وأجريت لهم التحاليل قبل وبعد الإحتجام، فكانت النتائج ممتازة. لذا عرضت شريط الفيديوالمرفق بالكتاب في مساجدالخليل ، والذي وضّح آلية الإحتجام ، ودعوتهم لها كوقاية وعلاج. إقبال المرضى على الحجامة ، نتيجة لفشل بعض الأطباء في تشخيص المرض، وتناول وسائل الإعلام الغربية للموضوع وسرد نتائج مذهلة عن صحة من أجروها، عداعن الأحاديث النبوية الكثيرة التي حضت على الإحتجام، كل ذلك دفع بالطالبة الجامعية آلاء الطباخي لإجراء بحث مُُبسّط حول الحجامة، إستغرقها ثلاثة أشهر"إستخدمت في بحثي عدة وسائل موثوق بها ، من أهمها متابعة بعض المرضى الذين لديهم أمراض معينة، والتي عولجت عن طريق الحجامة، كذلك الإتصال المباشر بعدد من أساتذه الجامعات في سوريا ومصر والأردن. كذلك د. أمين محمد صالح الذي يُدرّس مادة الحجامة في "جامعة شيكاغو " والذي أكد لي أنه نظرا لفوائد عمل الحجامة التي لا حصرلها، فقدأصبحت في المنهاج الرسمي لبعض الجامعات الأمريكية ". وقد خلصت آلاءالطباخي الطالبة الجامعية لعدة نتائج سردتها"بالبحث والمقارنه، تبين لي أن هناك 136موضعا للحجامة في الجسم، وهي ذات مواضع الإبرالصينية المعروفة، والفرق بينهما أن الإبرالصينية هي سحب للدم الضارمن الجسم، فيماالحجامة، تعمل على تنشيط الدورة الدموية، من خلال سحبها للدم الذي يحوي الشوائب المتجمعة في جسم المريض"حسبما قالت. لكن طبيب العائلة الدكتور جهاد العويوي أحد أشهر المختصين بإجراء الحجامة للمرضى والأصحاء في الخليل بيّن أن مواضع الإحتجام هي فقط في منطقة الكاهلين (بين لوحتي ظهرالإنسان) على جانبي العمود الفقري، لأن نتائج الدم المأخوذ بعد الإحتجام من مناطق أخرى كالفخذ والرأس والبطن أثبتت إختلافها تماما عن الدم المأخوذ من منطقة الكاهلين. كما فسّر د. العويوي طريقة الإحتجام " هي عملية بسيطة نستخدم فيها كاسات معقمة خاصة، حيث يتم فتح عدد من الـشرطات بمنطقة الإحتجام، و بعمق لا يتجاوز 1ملم، باتجاه ثابت، وعدد متقن، وطول محدد، ويتم وضع قطنة مشتعلة في كاسات الحجامة على موقع الشرطات. والحرق الناتج يؤدي لإستهلاك الأكسجين، وبالتالي شفط الدم الهرم وكريات الدم الحمراء العاجزة والتالفة والشوائب والرواسب، من الأوعية الدموية التي تشارك في حدوث الخثرات الدهنية المؤدية لرفع ضغط الدم، المؤدي لتصلب الشرايين وحدوث الجلطات القلبية والدماغية. وحول توقيت الحجامة أوضح د.العويوي قائلا" يمكن عمل الحجامة في كل الأشهر بين 17و27 من الشهرالهجري للحالات الطارئة . لكننا نفضل عملها خلال فصل الربيع ، أي من منتصف شهرآذار لمنتصف شهر حزيران، على أن تتم صباحا، دون أن يبذل المُحتجم مجهودًًا، أوأن يتناول الطعام". وحول الأمراض التي تعالجها الحجامة عدد طبيب العائلة بعضا منها"الصداع النصفي(الشقيقة)، والآلام الروماتيزمية والإنزلاق الغضروفي في الرقبة وأسفل الظهر، وأمراض الشريان التاجي القلبية, وارتفاع الدهنيات والضغط في الدم، والتهاب البروستاتا, والجلطات الدماغية والقلبية , والعقم ". وختم الدكتور جهاد العويوي أحد أهم الأطباء المختصين في إجراء عملية الحجامة للمرضى والأصحاء حديثه بالقول" الدراسات التي أجريت على دم الحجامة أكدت انه يختلف عن الدم المسحوب عن طريق الوريد. إذ تبين أن عدد خلايا كريات الدم البيضاء تساوي عُشر قيمتها في الدم الوريدي، مايعني أن الحجامة تحافظ على عدد الكريات المساهمة في المناعة، وأن إجراءها يثير نخاع العظم لإنتاج المزيد من الخلايا البيضاء التي وظيفتها دفاعية ومناعية بالدرجة الأولى. بدوره اعتبر الدكتور رفعت طهبوب مدير الشؤون الطبية المساندة ، رئيس قسم المختبر وبنك الدم السابق في مستشفى الخليل الحكومي، أن الحجامة وإن كانت قديمة فإن تداولها حديث، وأضاف" نحن كوزارة صحة لم نقم للآن ببحث مكونات الدم قبل وبعدالإحتجام، للمقارنة والتأكد إن كانت هذه الدراسات فعلا تثبت أن الدم المسحوب عن طريق الحجامة مختلف عن المسحوب عن طريق الوريد، كماأنه قديما لم يكن هناك طرق علمية معقمة لإخراج الدم، ولكن الآن لدينا طرق وأجهزة علمية حديثة تتم، ويستفيد منها المرضى، فوحدة الدم المأخوذه من المريض، يستفيد منها ثلاث مرضى". كما رفض الدكتور يحيى شاور نقيب الأطباء السابق إعتبارالحجامة علاج للمرضى " لم نجد أي دليل علمي على أن الحجامة علاج لشيء! وبالتالي من يدعّي أن لها دور في العلاج عليه أن يُثبت ذلك بالأسلوب العلمي ، حيث يمكن مثلا، أخذ عينات من الدم في ذات منطقة الإحتجام قبلها وبعدها، وتوزيعها على ثلاث مختبرات لمعرفة أنه هناك فرق أم لا ، رغم أن الأصول الطبية المتعارف عليها تسترعي تجربة أي علاج قبل إستخدامه على 3000 شخص، قبل تطبيقه ونشره". وختم الدكتور يحيى شاور نقيب الاطباء السابق حديثه بقوله" نحن لا نقول مطلقا أن هناك لا سمح الله أي خطأ فيما ورد من أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو كلام سليم 100% ولا نقاش أو جدال فيه، و لكننا نرى أن ما إستخدم أيام الرسول قد ُطوّر، لذا فإن الحجامة قد تكون من طرق الوقاية لأنها تتم بأوقات معينة ، ولكنها حتى الآن ليست للعلاج.