ليس من العجيب أن يكون الشعر في جسم الإنسان هو الأوجه . بل يكاد يكون الأوحد . من بين سائر الأعضاء في الدلالة على تشخيص المكانة الاجتماعية لصاحبه (خاصة في عصر الموضة والأناقة )؛ فإنك فور النظرة الأولى والعابرة للهيئة المصفف بها شعر الإنسان تستطيع أن تميز ببساطة العامل العادي من النجم السينمائي؛ فإدراك المهنة والمنزلة من خلال موضة الشعر أو تسريحته ليس بالأمر الصعب في أيامنا هذه.
وتأتي الأهمية الكبيرة لشعر الإنسان في أنه يعد بمثابة المؤشر (الترمومتر) الذي يعبر عن المراحل العمرية المختلفة للإنسان؛ فهو أشبه بالنباتات الطبيعية في تكوينها العضوي، وحياتها النامية؛ حيث تغوص جذوره في فروة الرأس، وتمتد ساقه إلى مسافات، يختلف لونها بحسب الجنس والعمر..؛ وعلى الرغم من أن الشعر ليس له أوراق كالنباتات، إلا أنه يتشابه معها في أنه دائم التجدد، وإن تباينت أشكاله على قدر الوضع الاجتماعي والبيئي لحامله.
ومن الجدير بالذكر أن عمر الشعرة في فروة الرأس يقدر بحوالي 1000 يوم، تسقط بعدها الشعرة وتبدأ شعرة أخرى في النمو مكانها..، ويقل هذا العمر إلى بضعة أشهر قليلة في شعر الحواجب والرموش.. ولهذا - بفضل الله وبإعجازه - لا نحتاج إلى الحلاق للتعامل معهما، وهذا فيه من المشقة والحرج ما لا يخفى!
ومن الجدير بالذكر أن فروة الرأس في الإنسان بها حوالي 100 ألف شعرة، يتساقط منها يوميًا ـ على وجه التقريب ـ مائة شعرة؛ أي أن سكان الأرض يتساقط منهم في اليوم الواحد 600 مليار شعرة ( هي حاصل ما يتجمع من 6 مليار إنسان يعيشون على الأرض)، أي ما يُكَوِّن جبالًا من الشعر، ولكن من رحمة الله تعالى أن هذا الشعر يوزع بحيث لا يشكل مشكلة بيئية تؤرق البشر.
ما هو تساقط الشعر؟
ذكرنا أن التساقط الطبيعي لشعر الإنسان يقدر بحوالي مائة شعرة يوميًا، وهذا لا إشكال منه؛ ولكن المشكلة الحقيقية تبدأ عندما يزداد التساقط عن هذا القدر الطبيعي، وحينها يشعر الإنسان بحدوث مشكلة في الشعر.. تتراوح هذه المشكلة من سقوط شعرات من جميع أنحاء فروة الرأس إلى سقوط مناطق بأكملها (وهو ما يسمى بالثعلبة)؛ وحتى خلو الجسم كله من أي شعر.
ما هو الصلع؟
الصلع :هو فقدان شعر الرأس تدريجيًا..، وهو أمر شائع جدًا؛ إذ يصيب حوالي نصف الرجال والنساء بعد سن الأربعين، وحوالي ثلثي الناس بعد سن الخامسة والستين. وتشتكي النساء اللواتي يعانين من هذا المرض ـ أن الشعر أصبح خفيفًا؛ إلى درجة أن فروة الرأس أصبحت ظاهرة.
أما عند الرجال؛ فيأخذ الصلع أشكالاً متعددة بين الفقدان الجزئي للشعر في الرأس، و الفقدان الكلي للشعر أعلى الرأس (وهو الأكثر شيوعًا).
لماذا يتساقط الشعر؟
إن الوعي بمسببات الأشياء هو أيسر الطرق للعلاج منها؛ حيث تختلف الأسباب باختلاف الأمراض:
كيف يمكننا معرفة عدد الشعرات المتساقطة يوميًا؟
يرغب الكثيرون في معرفة كمّ الشعر المتساقط منهم يوميًا؛ حتى يطمئنوا، هل هم في مستوى الأمان أم دخلوا في مستوى الخطورة؟ ولمعرفة ذلك هناك اختبار بسيط يتكون من الخطوات الآتية:
التليفزيون والشعر!
كثيرًا ما يخلط المعلنون عن سلعهم ـ عمدًا ـ بين تجميل الشعر وعلاج الشعر..؛ فتجد ـ على سبيل المثال ـ إعلانًا يقول:
والذي لا شك فيه ـ منطقيًا ـ أنه إذا وضعت امرأة ضعيفة البصر الكحل في عينيها فإن عينيها تصبحان أجمل، إلا أن هذا لا يزيد من قوة بصرها! كذلك إذا استعملنا شامبوهات وكريمات للشعر فإنها لا تقويه ولا تعالج مشاكله.. إلا أنها قد تجعله أنظف وأكثر جمالاً من ناحية الشكل.
والمعلوم أن كثيرًا من المواد التي تُخلط بالشامبوهات تذهب في البالوعة بمجرد غسل الشعر، ولا تؤدي التأثير الذي يتحدث عنه المنتجون في إعلاناتهم.. فإن معظم تغذية الشعر - كسائر أعضاء الجسم - تأتي عن طريق الدم..؛ ولذلك فإن وضع مواد على فروة الرأس لتغذية الشعر هو موضع تساؤل واختلاف بين الأطباء.
والحقيقة العلمية أن (الميزوثيرابي): هو حقن مواد مثل الفيتامينات ومضادات الهرمونات في فروة الرأس بواسطة الطبيب، وهو علاج لم توافق عليه هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA)؛ لعدم وجود أبحاث علمية موثوق بها إلى الدرجة التي تطمئن إليها الهيئة؛ حتى تطرحه للاستخدام في الأسواق.
كيف نعالج تساقط الشعر؟
لعلاج تساقط الشعر طرق متباينة، وأدوية مختلفة حسب نوع المرض، وحالته التي وصل إليها، وهي كالتالي:
أولاً. علاج الصلع:
1. في المراحل الأولى للصلع: حيث مازال معظم الشعر موجودًا؛ في هذه الحالة يمكن استخدام عدة أدوية، منها:
2. في المراحل المتأخرة: بعد سقوط معظم الشعر؛ وفي هذه الحالة تكون الحلول الجراحية أكثر جدوى، وهناك أنواع متعددة من الجراحات أشهرها:
ثانيًا علاج الثعلبة:
وهناك علاجات أخرى، مثل استخدام المواد المهيّجة للجلد مثل الـ(DNCB)، إلا أن أعراضها الجانبية قد تمنع من شيوع استخدامها.
ثالثًا علاج تساقط الشعر المنتشر:
تساقط الشعر المنتشر من أيسر أمراض التساقط وأهونها؛حيث يكون العلاج متناسبًا مع السبب؛ ففي حالة نقص إحدى المواد مثل الحديد والزنك، يُستعاض عنها بكبسولات تحتوي على هذه المادة. وقد تُستخدم بعض المكملات الغذائية مثل الفيتامينات والبروتينات في حالات الضعف العام.
الزيوت الطبيعية:
يعمد منتجو أدوات التجميل إلى استخدام لفظ (الزيوت الطبيعية)؛ لكي يُطَمْئِنوا المستهلكين إلى عدم وجود أعراض جانبية لمنتجاتهم؛ ولكن أليس جانب كبير من السموم القاتلة مصنوعًا من مواد طبيعية؟! بل إنني أتساءل هل يمكن للإنسان أن يستعمل في شعره زيوتًا تخليقية كالتي تستخدم في المحركات، فهذا ما ينبغي أن يكون ماثلاً في الوعي؛ حتى لا تصل بنا تلك المقدمات البراقة إلى نتائج مغلوطة.
إن الزيوت التي تباع "لتقوية الشعر" مثل زيت (اللوز)، وزيت (الهوهوبا)؛ بل وزيت (الجرجير) لا يتعدى تأثيرها إلا أنها تجعل الشعر أكثر ليونة ولمعانا، أما ما يدعيه المنتجون من أنها تمنع تساقط الشعر؛ بل إن بعضهم غالى في الأمر فادعى أنها تمنع الشيب، فهذه ادعاءات لا يساندها أي بحث علمي جاد، بمعنى أن حدوث تحسن في تساقط الشعر عند بعض من يستخدمونها غالبًا ما يكون حالات فردية، أو نتيجة إيحاء، أو لأن من استخدمها يخجل من أن يقول: إنه دفع ماله في شراء الوهم.
وختامًا.. عزيزي القارئ لا يصيبك جزع من الصلع فإنه لا تأثير منه على صحة الإنسان أو عقليته؛ بل إن الصلع كان ولا يزال صفة بارزة لكثير من العلماء والمفكرين والقادة.