الابتسامة هي جزء من شخصية الإنسان وهي مقدمته للآخرين و لن تكتمل الابتسامة الجميلة من دون أسنان سليمة و مرصوصة بطريقة جميلة. فأصبحت عيادة الأسنان مملوءة بالحالات التي تبحث عن تعديل الأسنان وعلاج مشاكل ترتيب الأسنان ومظهرها والتي لها دور كبير في تعزيز الثقة في النفس.
وللباحثين في طب الأسنان دور كبير في البحث عن الطرق الجديدة والمجدية في هذا المجال. وهنا سنلقي الضوء على تخصص في طب الأسنان والذي أصبح موضع اهتمام الكثير من الناس لما له أهمية في صنع أو تعديل الابتسامة، ألا وهو تقويم الأسنان.
تشوه الاسنان والفكين تقويم الأسنان هو عبارة عن علم يعنى بدارسة وعلاج حالات تشوه تطابق الأسنان مع بعضها البعض بالإضافة إلى علاقة الفك العلوي والسفلي غير الطبيعية، والتي تكون بسبب الوراثة أو تشوه في النمو أو مشاكل وظيفية أو مصاحبة لبعض حالات المتلازمات. إن تشوهات الأسنان والفكين تلعب دورا كبيرا في التأثير النفسي على المريض خاصة في مرحلة دخول المدرسة لملاحظة الطفل الاختلاف بينه وبين زملائه مما يؤدي به إلى الابتعاد عنهم في الحديث واللعب ودخوله في مرحلة عدم اتزان نفسي، أيضا تؤثر على الوظائف العضوية وخصوصاً عملية التنفس أو الكلام أو كليهما معاً، وفي كثير من الأحوال تؤدي إلى فقد نسبة كبيرة من السمع أو القدرة عليه، خاصة في حالات شقوق الفك العلوي المصاحب للشفة الأرنبية. قد تتفاوت الحالات المحتاجة لتقويم الأسنان من حالات بسيطة أو متوسطة ويكون العلاج باستخدام جهاز تقويم الأسنان الثابت (Braces) أو المتحرك ويعتمد ذلك على التشخيص وخطة العلاج الموضوعة من قبل أخصائي تقويم الأسنان المعالج. وفي الحالات المعقدة التي تكون المشكلة في تشوه الفك أو العلاقة غير الطبيعية بين الفكين العلوي والسفلي، قد يستدعي العلاج بما يسمى التقويم الجراحي. ولكثرة الأسئلة التي تردنا لمعرفة المزيد عن هذا الأسلوب من العلاج سيتم التطرق إلى شرحه في هذا الموضوع. التقويم الجراحى التقويم الجراحي هو علاج لسوء إطباق وتشوهات الفكين والأسنان التي من الصعب تصحيحها بالتقويم التقليدي. ويشترك في الجراحة إخصائي تقويم الأسنان وجراح الوجه والفكين حيث يتم وضع خطة علاجية منسقة بينهما لتصحيح سوء تطابق عظم الفكين. عند زيارة المريض لأخصائي التقويم تؤخذ له الأشعة و الصور اللازمة للتشخيص وتؤخذ مقاسات للفكين لتساعد أخصائي التقويم في التشخيص المناسب للحالة وتحديد خطة العلاج من خلال التشخيص الدقيق ودراسة الحالة من جميع النواحي كالصحة العامة للمريض و خلوه من الأمراض، حالة الأسنان وصحتها واهتمامه بها، كما ان تقبله للخطة العلاجية مهم جدا لإنجاح العلاج. وفي بعض الأحيان يتم الإستعانة ببرنامج كومبيوتري يوضح فكرة وطريقة تصحيح الفك ويعطي صورة المريض قبل وبعد العلاج، وذلك لوضع تخمين تصوري للمريض يساعده في تقبل العلاج. يبدأ العلاج بالتقويم الثابت لتنسيق الأسنان في وضع يحدده أخصائي التقويم وتتفاوت مدة هذه المرحلة من سنة إلى سنتين، ثم يقوم الجراح بتصحيح العلاقة بين عظام الفكين بالنسبة للوجه و تتبعها المرحلة الأخيرة بتقويم الأسنان، حتى يتم الحصول على تناسق وتلاؤم بين الأسنان. ومن الطبيعي أن يكون هناك تغيير واضح في الوجه بعد العلاج بالجراحة ولهذا يتم الإستعانة بطبيب نفسي في بعض الأحيان لدارسة وعلاج نفسية المريض بعد التغيير. وفي بعض المستشفيات يتم ادراج الأخصائي النفسي من ضمن فريق العلاج بالتقويم الجراحي. وقد وجدت دراسة أعدت لمعرفة مدى رضا المرضى الذين خضعوا للعلاج بالتقويم الجراحي، ان الثقة بالنفس والإعجاب بالنتيجة النهائية للعلاج تزداد مع الزمن، حيث أن حوالي 80-90% من المرضى كانوا راضين عن النتيجة وينصحون غيرهم باجرائها. حالات تتطلب الجراحة قد يتساءل البعض عن ماهية الحالات التي تستدعي العلاج بالتقويم الجراحي. والجواب هي الحالات التي تعاني ن تشوه وفارق نمو واضح في الفكين، كأن يكون الفك العلوي أو السفلي متقدما وبارزا بصورة واضحة مقارنة بالفك الآخر، وكذلك عندما يكون احدهما متراجعا بشكل واضح وغير طبيعي عن الفك الآخر. وأن يكون ذلك التشوه مؤثرا على شكل الوجه ولايمكن تصحيحه بالتقويم الغير جراحي. ومن الحالات أيضا العضة المعكوسة (cross bite) والتي قد تتكون بسبب ضيق في حجم الفك العلوي والذي من الصعب تصحيحه بجهاز تقويم الأسنان، حيث يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي لتوسيع الفك. كما وأن التقويم الجراحي قد يكون من ضمن خطة العلاج لبعض المتلازمات مثل حالات الشفة الأرنبية و الشق في سقف الحلق. أما بالنسبة للعمر المناسب لإجراء الجراحة فهو ما بعد البلوغ، أي عندما يكون المريض مكتمل النمو وبالتالي عظام الفك أيضا. ويختلف التوقيت في الفتيات (18-19) سنة بالنسبة للأولاد (20-21) سنة. ويتم التأكد من التوقيت المناسب لبدء الجراحة بأخذ مجموعة من الأشعة المتتابعة لمعرفة وقت توقف النمو. وفي بعض الحالات ينصح بالتدخل الحراحي في وقت مبكر وحتى قبل فترة البلوغ وخاصة في بعض حالات المتلازمات. وهنا تجب الإشارة إلى أن بعض حالات التشوه الصعبة قد يتم تداركها أو التقليل من حدتها عندما يتم تشخيص حالة المريض منذ صغره باستعمال بعض الأجهزة التقويمية التي تعمل على تعديل النمو العظمي سواء كان ذلك لحفز هذا النمو أو السيطرة عليه وصولا إلى نمو متوازن بين الفكين. فمثلا في حالة الفك العلوي يتم استخدام جهاز يعمل على كبح النمو الزائد للفك (headgear) أو ينشط نموه في حالات نقص النمو (facemask). وبالتأكيد يتم تحديد نوعية العلاج بعد دراسة دقيقة للحالة وفي الحالات الأكثر تعقيدا قد ينصح الطبيب المعالج بالإنتظار لحين اكتمال نمو الطفل حتى يعالج بالتقويم الجراحي. من الضروري متابعة حالة نمو الأطفال من قبل الوالدين ومراجعة طبيب الأسنان في حالة ملاحظة أي تغيير غير طبيعي في نمو الفكين كحالات البروز مثلا. ويقوم طبيب الأسنان بالفحص وتحويل الطفل إلى أخصائي تقويم الأسنان إذا استدعى الأمر. إجراءات تقويم الفك جراحيا كما سبق وذكرنا بأن الجراحة هي الخطوة التي تلي تنسيق الأسنان بالنسبة للفك وذلك باستخدام جهاز تقويم الأسنان الثابت. وتتفاوت مدة وحالة العلاج حسب شدة وحالة التشوه. - الصور الشعاعية والفوتغرافية مهمة جدا في التشخيص المبدئي لحالة المريض. - الجراحة قد تشمل الفك العلوي أو السفلي أو كلاهما معا ويتم يتم فيها إعادة توجيه الفك للوضع المحدد مسبقا من قبل أخصائي تقويم الأسنان، حيث من الممكن تحريك الفك في عدد من الاتجاهات أمامية كانت أو خلفية أو علوية أو سفلية بواسطة الجراحة. - بعد ذلك يتم تثبيت عظام الفك بعد تحريكها بواسطة مسامير وشرائح معدنية داخلية مثبتة. أي انها مخفية لايمكن رؤيتها. ويتم أيضا تثبيت الفكين في وضع مقفل لمدة تتراوح من عشره الى خمسة عشر يوما وذلك باستخدام مطاطات يقوم المريض بتغيرها يوميا حسب ارشادات المريض. - يستطيع المريض مغادرة المستشفى في اليوم الذي يلي الجراحة وفي بعض الأحيان في نفس اليوم كما ويقدر أن يمارس حياته بصورة طبيعية. - المضاعفات المصاحبة للعملية هي طبيعة ومشابهة لاي عملية أخرى. قد يعاني المريض من نزيف أو انتفاخات في الوجه. والتحكم في هذه المضاعفات يعتمد على الإلتزام بالتعليمات و أخذ الأدوية بانتظام حسب تعليمات الطبيب. كما يمكن أن يعاني بعد المرضى من تنميل لبعض المناطق في الفك والذي يختفي مع الوقت. - من المهم جدا المحافظة على التغذية السليمة من بعد العملية حيث أنها تساعد على التئام الجروح بصورة سريعة وصحية. ومن المعلوم أن المريض ينصح في البداية بتناول الأطعمة اللينة والسائلة حتى يتم التعود و العودة إلى الأكل الطبيعي بصورة تدريجية. - يحتاج المريض إلى زيارات دورية لجراح الوجه والفكين للمتابعة والتأكد من ثبات العظم والتئام الجروح من بعد العملية الجراحية. - وفي بعض حالات التقويم الجراحي قد يحتاج المريض إلى تعديل وضع للأنف أو الذقن، حيث أن تحريك الفك قد يؤثر على وضعية انسجة الوجه. وبالطبع فإن تحديد هذا النوع من الجراحة يتم مسبقا ويناقش مع المريض. وبعد العملية الجراحيه بأسابيع يتابع المريض المرحله الأخيره من علاج التقويم والتي تتضمن مطابقة الأسنان مطابقة دقيقه ووضع الأسنان في الوضع المثالي من الناحيه الجماليه والوظيفيه ومن ثم يتم انهاء العلاج بإعطاء المريض مثبتات الأسنان اللازمه لفترة مابعد التقويم. وأخيرا يجب ان تعرف ان مثل هذا العلاج يحتاج الى أطباء تقويم أسنان وجراحة وجه وفكين أكفاء ذو خبرة ودراية بمثل هذه العمليات لضمان نجاحها خاصة انها تتعلق بالوجه والابتسامة في المقام الأول.