أكدت الولايات المتحدة الثلاثاء أن سوريا لم تلتزم بالتعهدات التي قطعتها على نفسها عندما وافقت قبل تسعة أسابيع على الخطة التي اقترحتها الجامعة العربية لتسوية الأزمة فيها، وشددت على أنه "آن الأوان فعلا" لكي يتدخل مجلس الأمن الدولي لزيادة الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن 16 يوما مضت على توقيع النظام السوري بروتوكول الاتفاق على قدوم مراقبي الجامعة العربية إلى سوريا، مشيرا إلى أنه "من البديهي أنه لم يتم احترام الشروط"، في ظل "استمرار رصاص القناصة وأعمال التعذيب وعمليات القتل في سوريا". من جانبها، قالت المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند إن "العنف لم يتوقف، على سبيل المثال، فقد وردتنا أنباء من مراقبين مستقلين عن مقتل حوالي 49 شخصا منذ بداية ديسمبر/كانون الأول". وأضافت نولاند أن "العنف مستمر، ومازال السكان محتجزون، وفي بعض الأحيان يلجأ النظام إلى نشر أكاذيب بقدوم المراقبين ليخرج الناس إلى الشوارع فتطلق القوات النار عليهم". مهمة المراقبين مستمرة في سياق متصل، نفت جامعة الدول العربية ما رددته بعض وكالات الأنباء بشأن اعتزام اللجنة العربية المعنية بالوضع في سوريا بحث إمكانية سحب بعثة المراقبين. وقال أحمد بن حلي نائب الأمين العام للجامعة في لقاء مع "راديو سوا" إن اجتماع السبت المقبل سيخصص لمناقشة أول تقرير يقدمه رئيس فريق المراقبين العرب، نافيا صحة الأنباء التي تحدثت عن احتمال سحب المراقبين. وأضاف بن حلي "الخبر ليس صحيحا، اللجنة الوزارية العربية ستستأنف اجتماعاتها يوم السبت السابع من هذا الشهر، للتباحث والنظر في التقرير الأول الذي سيقدمه رئيس بعثة جامعة الدول العربية للمراقبين الموجود الآن في سوريا. الأخ محمد مصطفى دابي سيقدم تقريرا أوليا إلى أعضاء اللجنة". وقال بن حلي إن جدول أعمال اللجنة الوزارية العربية "هو النظر في مدى التقدم الحاصل بالنسبة لمهمة المبعوثين أو المراقبين التابعين للجامعة العربية في سوريا وفقا للبروتوكول الذي تم التوقيع عليه في الشهر الماضي". وأكد بن حلي ان الجامعة العربية تعمل على دعم وتقوية عمل بعثة المراقبين العرب وليس التفكير في سحب أعضائها: "بسبب دعم هذه البعثة بانتشار عدد آخر من المراقبين، واليوم (الثلاثاء) وصل عدد من المراقبين من مملكة البحرين ومن الكويت سيلتحقون في أقرب فرصة بأماكنهم في سوريا حسب البرنامج المسطر والمحدد لمهمة البعثة وأماكن انتشارها في المناطق السورية. ثم سنستقبل كذلك عددا آخر من المراقبين الجدد". وكان برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري قد أكد عقب لقائه مع وزير الخارجية البرتغالية أهمية استمرار عمل المراقبين العرب في سوريا. خلافات المعارضة مستمرة في هذه الأثناء، لم تتجاوز المعارضة السورية خلافاتها التي وصلت في بعض الأحيان حد تخوين شخصيات وطنية واتهام بعضها الآخر بالعمالة. فقد وصف عضو المجلس الوطني السوري محيي الدين اللاذقاني عدم قدرة طرفي المعارضة الرئيسيَيْن على التوافق على خطة عمل موحدة بالمخجل. وقال اللاذقاني في حديث لـ"راديو سوا" إن "من المخجل للذين كانوا يحاولون التحايل على كلمة التدخل الخارجي لحماية المدنيين، أن يضيعوا كل هذا الوقت على ألعاب لفظية. كما أنه من المخجل للذين حاولوا أن لا يضعوا عبارة إسقاط النظام بكافة رموزه ومرتكزاته أيضا في بيان اتفاق من هذا النوع". من جهته قال فاتح جاموس أحد قادة المعارضة اليسارية داخل سوريا إن الخلافات بين أقطاب المعارضة ليست وليدة اليوم وإنها سابقة للحراك الذي يدعو لإسقاط النظام. وأضاف جاموس لـ"راديو سوا" إن الخلاف "أقدم من عام 2005 بصراحة، بدأ يبرز صراحة بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وتمركز بشكل أساسي حول إستراتيجية الانتقال الديموقراطي في سوريا وبالتالي مجمل موقفنا النظام والحاجة لتدخل الخارجية وعدم الحاجة له، بل هناك كان رأي يقول أن هناك استحالة في إسقاط دكتاتوريات دون تدخل عسكري خارجي تحديدا. وتعمقت هذه الخلافات، بين فترة وأخرى تعود مشاريع، على الأغلبية نظرية، من أجل طرح فكرة هي صحيحة نظريا وهي تنسيق عمل المعارضة إن صح التعبير". غير أن محيي الدين اللاذقاني وصف كل من لا يدعو إلى إسقاط النظام بكل السبل بما فيها التدخل الأجنبي بعدم الانتماء إلى المعارضة السورية. وأضاف أن "القاسم المشترك الأعظم الآن هو حماية المدنيين، الحذر الجوي، المنطقة العازلة إلى أن يتم تحرير سوريا من المجرمين والسفاحين. كل من يتفق معنا على هذه القواسم المشتركة، أهلا به في العمل الوطني، وكل من لا يجد في هذه القواسم المشتركة للشعب السوري ما يؤمن به فهو ليس مع الثورة وإنما مع النظام، وهؤلاء لا يمكننا أن نسميهم معارضة في كل الأحوال". غير أن جاموس قال إن المجلس الوطني السوري الذي يحاول أن يكون ممثلا وحيدا للشعب السوري ليس إلا واجهة لحركة الإخوان المسلمين وحركات سلفية وهابية أخرى حسب قوله. وأضاف جاموس أن "بعض الأشخاص في المجلس الوطني هم واجهة لقوة الحراك الذي تمسك به الحركة الدينية بكامل اتجاهاتها، ليس لطرف خارجي. هذه الحركة الدينية سابقا الإخوان المسلمين والآن الحركة الوهابية الجهادية ومجموعات أخرى حول هذين الاتجاهين، بصراحة هم الذين يمسكون بكامل تفكير المجلس الوطني وبقية الأشخاص هم عبارة عن ديكور".