وديع عواودة-حيفا
يحتدم جدل ساخن ومتصاعد بإسرائيل بين العلمانيين والمتدينين الأصوليين (الحريديم) على خلفية تكرار حالات الاعتداء على النساء ومحاولة إقصائهن من الحيز العام وشيطنتهن (نسبة إلى الشيطان) بشكل بارز منذ مطلع الشهر، وسط تحذيرات من تدهور صورة الدولة اليهودية بالعالم.
وشهد البرلمان (الكنيست) ليلة الأربعاء جدلا ساخنا دفع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لدعوة الجميع للالتفاف حول القضايا الجوهرية الكثيرة التي توحد الإسرائيليين.
وأمام الانتقادات التي تتهمه بالتسامح مع "المتزمتين" اليهود الذين ينتهكون حرمة المرأة وحقوقها، لدوافع سياسية تخص ائتلافه الحاكم، أكد نتنياهو أن سلطات تطبيق القانون ستلاحق المعتدين والمتطرفين، مشيرا إلى أن إسرائيل ترفض أن يبصق الرجال على النساء في الشارع بسبب لباسهن.
ويشكل الحريديم نحو 18% من الإسرائيليين ويقيمون بأحياء خاصة بهم ويمارسون منهج حياة محافظا يحرص على الفصل التام بين النساء والرجال، وشبابهم لا يخدم بالجيش لانشغالهم في تعلم التوراة بمدارس دينية، كما تدعمهم أحزاب تشارك بالائتلاف الحكومي وتتسم بتوجهات سياسية يمينية.
زعيمة المعارضة تسيبي ليفني خلال مشاركتها بمظاهرة نددت بالعنف ضد النساء (الفرنسية)
صورة مخجلة بالمقابل حذر نتنياهو من السقوط فيما أسماه خطيئة التعميم ومن التعرض لكافة جمهور الحريديم، بسبب ما اعتبرها أقلية هامشية منهم تنتهج العنف ضد المرأة. وكان نتنياهو قد تطرق للموضوع خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الأحد الماضي، مؤكدا أن إسرائيل دولة غربية ديمقراطية ليبرالية والحيز العام فيها مفتوح للجميع ولا مجال لأي تنكيل أو تمييز.
واتهمت زعيمة المعارضة تسيبي ليفني نتنياهو، في مداخلتها، وقالت إن إسرائيل تغيرت وباتت صورتها بشعة العامين الأخيرين، مشيرة إلى أنها ليست الدولة التي حلمت بها الحركة الصهيونية ويتطلع لها اليهود بالعالم و"لابد أنهم يخجلون بصورتنا وهي ليست صدفة ولها علاقة بطبيعة الائتلاف اليميني الحاكم".
ويتفاقم السجال بين الجانبين في بعض المدن المختلطة حيث يواصل بعض الحريديم إكراه النساء على الجلوس في مؤخرة الحافلات عنوة وبعيدا عن الرجال في مقدمتها لدواع دينية.
وتتمحور المواجهات بين الطرفين في بيت شيمش (90 ألف نسمة) حيث تظاهر فيها آلاف العلمانيين اليهود ضد مظاهر ما سموه الاضطهاد الديني المتجلي في فصل الرجال عن النساء بالحافلات العامة وأرصفة الشوارع.
وأفادت مصادر في ديوان رئاسة الوزراء أمس أن نتنياهو يتدارس إمكانية تقسيم مدينة بيت شيمش لمدينتين واحدة للمتدينين "المتزمتين" الذين يشكلون ثلث سكانها وأخرى للعلمانيين والمحافظين العاديين لمنع تفاقم الاحتكاك بين الطرفين.
وكانت مجموعة من الحاخامات المعتدلين قد أكدوا، في بيان مشترك اليوم، أن التوراة تعارض إقصاء النساء، بينما قال وزير التربية والتعليم غدعون ساعر للإذاعة العامة إن الاعتداءات المتكررة على النساء باسم الدين تشكل تشهيرا باليهودية والدولة.
كما أصدرت النساء القياديات بالأحزاب الإسرائيلية بيانا مشتركا أكدن فيه أن مظاهر تحقير المرأة من قبل الأصوليين اليهود يصيب إسرائيل بوصمة عار سوداء، ويجعلها متساوية مع إيران من هذه الناحية.
النائبة عن حزب ميرتس زهافا جالئون دعت النساء لخوض المعركة (الجزيرة نت)
ثقافة الاحتلال يشار إلى أن رئيس الموساد الأسبق إفرايم هليفي كان قد عبّر مطلع الشهر عن ازدراء التيار المركزي لدى الإسرائيليين العلماني الطابع، لليهود المتزمتين بقوله إنهم بإصرارهم على عدم تعلم العلوم والإنجليزية في مدارسهم وعلى نسبة إنجاب عالية يهددون مستقبل إسرائيل أكثر من إيران.
وهذا ما تؤكده عضو الكنيست اليسارية زهافا جالئون (ميرتس) التي تتهم الحكومة بالتسامح مع الظاهرة "المفزعة" المتمثلة باعتبار المرأة عورة وبمنعها من الغناء وإجبارها على السير في شارع خاص بها. وترى أن الاحتجاجات الاجتماعية التي بلغت ذروتها الصيف الأخير في إسرائيل ينبغي ألا تقتصر على ارتفاع سعر الألبان والأجبان والإسكان.
ودعت جالئون النساء لخوض معركة من أجل تثبيت منظومة قيم ديمقراطية، وشددت على أن الفصل بين الرجال والنساء بالأمكنة العامة ليس قانونيا وغير أخلاقي، وتابعت "كما تتحمل قيادة الجيش مسؤولية اتساع الاعتداءات على النساء وإقصاء الجنديات بضغط من الحاخامات والجنود المتدينين".
وردا على سؤال الجزيرة نت، قالت جالئون إن المتدينين الأصوليين يعيدون اليهود ثلاثة آلاف سنة للوراء، مشيرة إلى أن أجواء التطرف القومي وتكريس ثقافة الاحتلال للأرض الفلسطينية وانتهاك حقوق أصحابها تشكّل دفيئة لأفكار فاشية عنصرية ضد المرأة أيضا. المصدر: الجزيرة
♥·٠•● Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ اضف تعليق Ƹ̵̡Ӝ̵̨̄Ʒ ●•♥·٠