عوانس من أجل المجتمع !

الناقل : SunSet | الكاتب الأصلى : هبة الله أحمد | المصدر : www.20at.com

إذا صادفت ودخلت احدي الأماكن الخيرية القائمة علي العمل التطوعي، فلا تتعجب إذا رأيت أغلب القائمين علي العمل هم من الإناث.

ولا تحاول أن تلقب إحداهن بلقب "مدام"، لأن في الأغلب ستجد الرد الآتي: "أنسه لو سمحت" فأغلبهن مشتركات في لقب "عانس" عفوا أقصد "عازبة".

فإذا كان الشباب الذكور جل همهم بعد التخرج هو إيجاد العمل المناسب لسد احتياجاتهم المادية حتى لا يظل عبئا علي أهله، فإن للفتيات اللائي لم يلحقن بقطار الزواج بعد شأنا أخر، فالعمل في الأغلب لهن هو لقضاء وقت فراغهن في شيء مفيد حتى إذا كان الراتب ضعيف، فجيب الوالد سداد ولا عيب في ذلك..

ولكن حتى إذا وجدت الفتاة التي لم تتزوج العمل المناسب لها، تظل محتفظة بطاقة داخلها تظل تبحث لها عن متنفس، وكثيرا ما يكون هذا المتنفس هو عمل خيري تطوعي..مما يجعلنا أن نقول أن العمل التطوعي لا يحمل رايته عادة إلا العوانس..

قلب بنوتة

سارة درويش،27 عاما، هي خريجة كلية الحقوق لم ترد أن تعمل محامية، فكل أحلامها أن تعمل سكرتيرة في شركة كبيرة وبظروف تناسبها من ناحية ساعات العمل، حتى تستطيع أن تراعي أخيها الأصغر، بالرغم من أن سارة هي وحيدة أبويها اللذان يصرفان عليها ببذخ.

وحتى لا يطول الاستغراب فسارة تبنت معنويا طفل منذ عام تحت لقب (الأخ الأكبر) وهو نشاط تطوعي تتيحه بعض الجمعيات الخيرية يعمل علي توفير كل الاحتياجات المعنوية والنفسية لطفل يتيم من خلال وجود شخص تكون مهمته ذلك.

تقول سارة عن شعورها تجاه أخيها الأصغر: "في البداية كان الدافع لهذا العمل بالنسبة لي هو عمل شيء جديد حتى أجد ما أنشغل به، أما الآن فهذا الطفل أصبح كل حياتي لدرجة أنني أقضي معه كل وقتي تقريبا حتى في أيام العيد".

المظروف المبارك

ورغم أن مها إسماعيل،29 عاما، تعمل في وظيفة تحبها كثيرا وطالما حلمت بها، وعلي الرغم من أنها تقضي أغلب وقتها يوميا في العمل، فان هذا لم يكن كافيا لها كفتاه.

فلا يمر شهر حتى تجد بين يدها ذلك المظروف المبارك، الذي تمر به علي زملائها في العمل ولا يتوقف عن التداول بين الزملاء حتى يمتلئ عن أخره بالنقود التي تقوم مها بدورها بصرفها علي أسرة فقدت الأب والأم ولا تجد من يعيلها.

مساجد العوانس.. للأعمال الخيرية

أما رشا خليل،30 عاما، فلا تجد من الوقت ما يجعلها تستطيع أن تقضي يوما من الراحة سوي أن يكون قهرا بسبب المرض.

وذلك لكثرة أنشطة المسجد المجاور لمنزلها التي تقوم هي بالإشراف علي كل هذه الأنشطة التي نتجت عن طريق اقتراحاتها المستمرة لأعمار هذا المسجد بالعمل الخيري.

ولا تخفي ناهد أحمد،31 عاما، في أن سبب ذهابها إلي المسجد لحفظ القران كان في البداية بديلا عن التفكير في الموعد الذي سيدق فيه زوج المستقبل بابها، ولكن عندما ذهبت ووجدت الكثير من الفتيات الغير متزوجات منهمكين في تحقيق هدفهن نحو إتمام حفظ القران ثم تحفيظه لغير الحافظات له، فأصبحت هي أيضا منشغلة بذلك الهدف الذي لم ينسها التفكير في متى يأتي إليها زوجها، فمازلت ناهد تحلم بان تتحول هذه الطاقة لتحفيظ أولادها القرآن..

من البيت للبيت

أما سالي محمد،24 عاما، فكثيرا ما انتقدت شقيقتها وصديقاتها اللائي سبقنها إلي الزواج بالتكاسل عن أداء أي عمل خيري تطوعي بعد الزواج، وانشغالهن بأسرهن الجديدة الصغيرة فقط رغم توفر الوقت لديهن.

وعلي الرغم من أن سالي امتلأت حياتها قبل الزواج بالأعمال الخيرية التطوعية بجانب تفوقها الدراسي، إلا أنها لا تستطيع الآن بعد عام من الزواج مواصلة تلك الأعمال بسبب رعايتها لأسرتها الصغيرة.

...

فربما أشتكي الكثير من ارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات في العالم العربي، لترتفع أصواتهم في المؤتمرات وتملئ كلماتهم الصحف عن مشاكل المجتمع جراء ارتفاع العنوسة، وكيف السبيل لإيجاد حل للتخلص من هذه الظاهرة.

ولكن لم يفكر هؤلاء في من سيكون للمجتمع إذا غابت عنه عوانسه..