الإسلام أولا وآخرا دين معاملات، وليس دين عبادات فقط. ليس المسلم هو من نطق بالشهادتين وصام وصلى وأدى الزكاة وحج البيت بينما لم تمنعه كل هذه الشعائر الإيمانية من إيذاء غيره أو الاعتداء على حقوقه أو ارتكاب الفواحش المختلفة ما ظهر منها وما بطن، إنما المسلم من يلتزم بكل العبادات السابق ذكرها دون أن ينسى الالتزام كذلك بآداب وأخلاق الإسلام دين السماحة والسلام والحب. لذلك فعندما نربي أبناءنا ونعلمهم فروض دينهم الحنيف، يجب علينا كذلك أن نعلمهم آداب وأخلاق الإسلام عند التعامل مع الغير، فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده). وهذا يعني أن المسلم لا يتعدى على الآخرين بقول جارح أو فعل مشين أو ظالم. المسلم الحق لا يكذب على أخيه ولا يسرقه ولا يحقد عليه ولا يغتابه، بل يعامله كنفسه ويتمنى له الخير دائما. وإذا كان سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) قد اختص المسلمين بالحديث السابق ذكره، فقد جاء حديث شريف آخر ليشمل تعاملات المسلم مع كل الناس باختلاف دياناتهم وأجناسهم، فقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام: ( والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن، قيل : ومن يا رسول الله ؟ ، قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه). ومعنى (الذي لا يأمن جاره بوائقه) أي لا يسلم من شره ولا يأمن من أذاه، وكلمة الجار هنا لا تشمل فقط الجار المسلم، بل الجار عموما حتى وإن كان على دين غير دينك أو من بلد غير بلدك. كما أن كلمة الجيرة تتسع لتشمل فئات كثيرة من الناس، فالجار قد يكون من يسكن إلى جوارنا، لكنه قد يكون كذلك زميلي الذي يجاورني في المقعد في فصلي بالمدرسة أو الجامعة أو في وسيلة مواصلات أو في مجلس من المجالس أو في العمل. أي أن كلمة الجار هنا تتسع لتشمل المجتمع بأكمله.