الاستغلال صفة ذميمة وسلوك غير إنساني يلجأ إليه ضعاف النفوس الذين لا هم لهم إلا تحقيق مصالحهم ولو كانت علي حساب الآخرين ,فكن حذرا من الوقوع في شباك هؤلاء متسلحا في ذلك بالثقة بالنفس وطرح بدائل لم يطرحها عليك المستغل ليضيق عليك التفكير فتصبح أسيرا لما يمليه عليك ,ولقد ظهر جليا للجميع كيف استغل الخبثاء ثورة الشباب العظيمة وركبوا علي أكتافها مدعين البطولة ,ليجنوا ثمرة الشباب الطاهر النقي ,الذي قدم الروح والدم فداء للحرية والوطن فكيف الخلاص من هذا الداء وما هي خطة الطريق للتغلب علي الاستغلال والمستغلين ؟ يحدثنا الدكتور أشرف عبد القادر أستاذ الصحة النفسية ووكيل كلية التربية ببنها عن هذا الموضوع قائلا : نقطة البدء هي انه يجب عليك أن تعلم أنه لن يتغير شيء ما دمت تفكر بنفس الطريقة التي أوقعتك في أسر الاستغلال . ولابد من أن تتوقف عن ممارسة دور الضحية التي يستغلها الآخرون , وتبادر إلي التغيير. أنت تخيلت أنك عاجز, ثم تكرر ذلك في متاهات نفسك آلاف المرات حتي استقر قاعدة ثابتة لا تحتاج إلي مناقشة. إذا لم تضع يدك علي ' أفكار العجز ' التي تعشش في أعماقك فلا تحلم بالتغيير. ابحث عن الفكرة العاجزة. ثم ابحث عن أسباب تكوين هذه الفكرة العاجزة في نفسك. ثم ضع أفكارا قوية بديلة. الذي لا مرية فيه. عالم الأفكار هو قلب عالم الحركة والسلوك .. ولن تتمكن من الحركة القوية ما دام القلب عاجزا. البس نظارة مناسبة حين يضعف نظرك فأنت في حاجة إلي ' نظارة ' تساعد عينك الضعيفة في رؤية الأشياء علي حقيقتها. وحين ' تتشوه الأفكار ' في ذهنك , فأنت في حاجة إلي 'نظارة' تعيد 'نفاذ البصيرة' إليك. وهناك مهارات - بسيطة - تحتاج إلي تطبيقها لتعيد إلي بصيرتك نفاذيتها وتتمثل في الآتي: 1- القول الرخيص .. والفعل المناقض : ستسمع من المستغل كثيرا من الكلام العذب, ولكنك ستري أفعاله مناقضة لما يعدك به .. احترس .. وانتبه دائما إلي ما يفعله المستغل وليس ما يقوله . لأن كلامه - في الغالب - مليء بمكارم الأخلاق .. ما يهمك هو الفعل .. وليس الثرثرة التي لن تكلفه شيئا. 2- اخرج من أسر المستغل أولا , ثم فكر في التميز عليه : لا تستطيع التفوق علي المستغل وأنت واقع تحت تأثيره. لابد من الخروج أولا من أسره , ثم التفكير في التغلب عليه .. الخروج من المأزق لا يكون مرة واحدة .. وإنما خطوة خطوة .. وإذا تعجلت الخلاص فأخشي أن توقع نفسك في أزمة جديدة. 3- دعك من دور الواعظ : لن تغير من طبيعة المستغل بنصحه والإشارة إلي عيوبه, فلا تتعب نفسك. لن يسمع لك , وسينظر إلي الأمر باعتباره 'استجداء للرحمة' لأن 'منافذ الاستقبال في نفسه' مضبوطة علي قاعدة الاستغلال. دع المواعظ لمن يمكنه أن يقبلها , ولا تبتذلها ببذلها لمن لا يراها شيئا. 4- وهم المشاعر : لا تطمع في أن يشعر بمشاعرك, أو يضع نفسه مكانك , أو يحس بالذنب , فذلك أمر لا يشغله. ولو كان يفكر بهذه الطريقة , ويشعر بالآخرين برهافة حس لما استغلهم من البداية!! 5- نفسك أولا : أهم ما ينبغي أن تفعله حتي ' تسحب فتائل قنابله .. وتعطل مفعولها ' : أن تغير نفسك أنت, وتغير طبيعة علاقتك به . الغريب أننا نحاول طيلة الوقت أن نؤثر علي ' الآخر' فنستجديه , ونبحث عمن يمكنه أن يؤثر عليه .. ولا نفكر في أن نغير أنفسنا لنخرج من دائرة الاستغلال . أنت تكافئ المستغل حين تحقق له ما يريد . وحين تتوقف عن مكافأته سيتوقف هو عن الاستغلال , لأنه سيدرك أنك مصر علي الخروج من إطار الدائرة . وعن كيفية التحرر من أسر المستغل يقول الدكتور محمود عوض الله أستاذ علم النفس بكلية التربية ببنها : بداية التحرر تكون بمقاومة المستغل وبوضع حد لاستغلاله لك وسيكون أمامك خياران لا ثالث لهما : إما إنهاء العلاقة , وإما المقاومة. وكثيرا ما نخشي إنهاء العلاقة حتي لا نخسر ما حققناه من مكاسب , ولكن هذه المكاسب لم تكن مكاسب تامة خالية من المكاره , وإنما كانت ' رشوة ' لنا علي قبولنا بالاستغلال , والأصح أن نعتبرها مكاسب له .. وليست مكاسب لنا . هناك علاقات لا يمكنك أن تنهيها ( أبناء , زوجة , عمل مهم بالنسبة لك .. ) فلابد من التفكير في المقاومة . عندما تقاوم المستغل فأنت تحاول أن تعيد العلاقة إلي ما ينبغي أن تكون عليه العلاقات الإنسانية من توازن وتبادلية , وندية , وبحث كل طرف عن حقوقه دون المساس بحق الآخر. ولكن .. لا تنتظر من الطرف الآخر أن يستجيب لمحاولاتك هذه بالتصفيق. كن مترقبا لردود أفعال فجة يسعي فيها إلي الاحتفاظ بالسيطرة. ويضيف الدكتور محمود عوض الله موضحا خطوات المقاومة فيما يلي: 1- أحسن إدارة الوقت : يراهن المستغل في خداعك علي عنصر المفاجأة , فهو يحكم الخيوط , ثم يفاجئك لترد بما يتوقعه هو , ويلزمك بعد ذلك بما قلته في لحظة المفاجأة .. لا تسمح له بذلك , وامنح نفسك الوقت للتفكير .. أخبره أنك غير قادر علي الإجابة الآن (عقد توظيف , عرض عمل , بداية علاقة ..... الخ) . ثم اخرج من دائرة سحره, وانفرد بنفسك, وتنفس بعمق .. وأعد التفكير بروية في الخيارات (الحقيقية) المطروحة أمامك .. وليست الخيارات التي يطرحها هو لك . 2- البدائل دائما أوسع مما يطرح عليك المستغل : من أخفي ما يستغلك به الطرف الآخر أنه يحصر الخيارات في بدائل محدودة من جانبه , ليوجه مسار تفكيرك نحو ما يريد .. حين تتأمل الأمر بعمق .. تجد أن هناك أضعافا مضاعفة لتلك البدائل , ولكنه أخفاها عنك ببراعة لكي لا تفكر فيها .. وفي الغالب , تكون البدائل الأفضل بالنسبة لك هي البدائل التي لم يطرحها 3 - احم أذنيك من أذي لسانه: يعلم المستغل تماما أن ' الزن علي الودان أقوي من السحر ' كما يقول المثل المصري - وهو يعني : أن كثرة تكرار الكلام علي الإنسان يبلغ من التأثير في سلوكه مبلغ السحر - وهو يتحدث معك بثقة مطلقة وإلحاح دائم علي الفكرة التي يريد إيصالها إليك , حتي يشعرك بأنها تبلغ من اليقين مبلغ ' طلوع الشمس من المشرق ' .. المستغل يعلم - دون أن يعلمه أحد - أن : ما تكرر تقرر. ولهذا يكرر عليك ما يريد أن يستقر في نفسك باعتباره حقيقة واقعة لا تستطيع الفكاك منها. كان جوبلز وزير الدعاية النازية .. الذي ملأ الدنيا ضجيجا , وخلق كثيرا من الأكاذيب .. يقول : الدعاية الناجحة يجب أن تحتوي علي نقاط قليلة , وتعتمد التكرار . التكرار يملأ أذنك ضجيجا .. وحين لا تبني سدا منيعا بين ' أذنك ' و ' عقلك ' سيتسرب إلي أعماقك كثير من هذا الضجيج .. لتجد نفسك في النهاية تابعا لعدوك . لا تسمح له بذلك .. وإنما تمهل , واسأله عن الأشياء التي يطرحها باعتبارها مسلمات , وناقشها بدقة من البداية .. لا تسمح لفكرته أن تغزوك .. فهذا أول حائط صد بالنسبة لك . 4- أنت لست مذنبا حتي تقلق : يلعب المستغل دائما علي وتر إخافتك أو إقلاقك أو إشعارك بالذنب : إن لم تستجب لما آمرك به ستخسر العمل , وسترمي في الشارع , ولن يكون لك دخل ثابت , وسيتأذي أولادك , وتكون أنت السبب '!!. حين تشعر بهذا ستستثير جهازك العصبي ليعمل في حالة الطوارئ .. لن تتحرك في الوضع الطبيعي , وإنما ستكون قراراتك هي قرارات حالة الطوارئ. أنت لست مذنبا حين تسعي إلي أن تعيد الحق إلي نصابه , وكل إعادة حق تحتاج إلي بعض التضحية. لا تركز علي ما ستفقد الآن , وإنما علي ما ستجنية من أرباح إن صبرت إلي الغد. اصرف مشاعر القلق والذنب عنك , وحاول أن تنفس كربك بالاسترخاء , أو ' الفضفضة ' مع صديق , ثم أعد التفكير في الأمر من جديد بعد أن تكون قد هدأت .. وأزلت من نفسك أسباب التوتر. 5- سم الأشياء بأسمائها : يلعب المستغل دائما علي الإبهام , والعقود الصامتة غير المكتوبة .. عر العلاقة عما فيها من رتوش زائفة , وسمها باسمها الصحيح .. سم العلاقة لنفسك, .. فأول ما تميز به آدم عليه السلام علي الملائكة هو ' وعلم آدم الأسماء.. ' . 6- انزع الفتيل : بعد أن تكون قد مررت بالخطوات السابقة , وحددت موقفك جيدا , فستعلم حتما أن استجابتك للاستغلال لن تفيدك , حتي لو كنت قد جنيت بعض المكاسب الجزئية. هذه المعرفة الجديدة هي أعظم سلاح في يدك. كان المستغل يلاعبك في ساحة مظلمة .. فإن خرجت منها وجدت جوا ضبابيا .. ولكنك لم تخرج قط إلي سماء صافية تري فيها الأشياء علي حقيقتها. إذا كانت معركتك مع المستغل معركة استرداد الحقوق .. فإن أهم سلاح فيها : أن تعرف الحق الذي تريد استرداده, وأن تتمسك به. 7- ضع شروطك: إذا وصلت إلي حد عدم تحقيق ما يريده المستغل منك , فقد أبطلت مفعول سحره , وأنت الآن قادر علي أن تعيد تحديد العلاقة بينك وبينه من جديد . - ليكن واضحا له أنك أنت من سيقرر لنفسه ما يفعل وليس هو . وأن لك قيما خاصة بك . - وضح له الطريقة التي تحب أن يعاملك بها . ضع حدودا واضحة لعلاقتكما . ولا تتوقع منه أن يوافقك الرأي , أو ألا يثور في وجهك لتغييرك من نمط العلاقة المربحة له إلي علاقة إنسانية .. ولكن .. صلابتك في عرض وجهة نظرك هي التي ستحدد النتائج . حتي لو هددك بإنهاء العلاقة ( وهي علاقة وثيقة ) فلا تستجب للضغط , لأنه إن كان هناك فائدة حقيقية في العلاقة فستبقي .. ولا يمكن لها أن تدوم في ظلال الاستغلال . 8- تعلم بعض مهارات المفاوضات : حين توصل المستغل إلي هذا الحد , فسيعلم أنه لن يحصل منك علي مكاسب الاستغلال التام , وسيعيد التفكير في العلاقة بصورة أكثر فائدة بالنسبة لك , وسيعرض عليك عروضا مختلفة للعلاقة , حاول أن تطرح أنت ما تريد , وتصل معه إلي حل وسط يخدم الطرفين. اعلم أن مهارات التفاوض ليست مما حرصت مدارسنا وجامعاتنا علي أن نتعلمه .. ولكننا بعد أن خرجنا إلي الحياة وجدناها كلها سلسلة متصلة من المفاوضات : مع الباعة , والمديرين , والموظفين , والزوجة , والأبناء .. وإذا كان ' التفاوض ' علي هذا القدر من الأهمية فلماذا لا تقرأ عن مهاراته وألاعيبه .. حتي لا تأتيك الخسارة من حيث تأمن ؟! ولكي تحافظ علي ما اكتسبته من قوة عليك أن تعلم أن: أهم من النجاح أن تحافظ عليه . وما أسهل أن يضيع الإنسان ما وصل إليه, لأنه اطمأن , - راقب أفكارك التلقائية عن نفسك في المواقف الاجتماعية , فهي أول بوابة يدخل منها من يريد استغلالك. - سجل أفكارك وتصوراتك عن نفسك علي ورقة. - حدد الأفكار الخاطئة لديك ( الرغبة في استحسان الناس لما تفعل مهما كلفك ذلك , الخوف من الصراع , قلة الحسم ... الخ ). - ضع أفكارا بديلة صحيحة. - عود نفسك علي التفكير من خلال الأفكار الصحيحة. - داوم علي ذلك.