تفيد ( العفة ) معنى الترفع عن شيء تتمناه أو تحتاجه أو تشتهيه، لكن قيمك الأخلاقية ومثلك وطبيعتك الشخصية قد تدفعك لمثل هذا الترفع والامتناع.. وتشمل العفة مجالات متعددة في حياتنا الاجتماعية فهناك تعفف المحتاج للمال، وهناك التعفف عن الجاه والسلطان، وهناك التعفف بالمعنى الجنسي.. وهو أكثر المعاني ارتباطا بالعفة في أذهان الناس.إلا أنه في زمن بات يتبجح فيه الكثيرون بمغامراتهم الجنسية ويبالغون في تصوير بطولاتهم العاطفية، وفتوحاتهم المظفرة في الفراش.. يبدو انه لم يعد لمفهوم العفة لدى الرجل قيمة أو احتراما.. بالنسبة لكثير من الفئات في مجتمعنا. صار الرجل العفيف، الذي يتسامى على شهوته، ويترفع عن شهوانيته، رجلا مثيرا للدهشة ومشكوكا في أمره، وقد يصل الأمر لدرجة اتهامه إما بالشذوذ أو البرود الجنسي في أحسن الأحوال. صار الرجل الذي لم يمارس الجنس بطرق غير مشروعة قبل الزواج رجلا أبله في نظر بعضهم، وصار الرجل الذي لا يخون زوجته مهما أتيحت له من مغريات رجل جبان يخاف من أن تكتشفه زوجته، أو أن قدراته الجنسية محدودة، وبالكاد يفي بواجباته الزوجية! من المؤسف حقا، أنه حتى كثير من الرجال الذين يؤمنون بقيم العفة الجنسية والوفاء الزوجي، باتوا يترددون أحيانا في الدفاع عن هذه القيم أمام الملأ، حتى لا يصبحوا موضع سخرية، وبات بعضهم الآخر يخجلون من أن يعلنوا إيمانهم بشجاعة حين يجلسون في مجالس رجالية مغلقة، أو يحاولون أن يوحوا – كي يظهروا بالمظهر الذي يحب الآخرون أن يظهروا به- أن لهم مغامرات ولا أبو زيد الهلالي لكنهم لا يودون الحديث عنها بمناسبة ومن دون مناسبة. عفة الرجل لا تقل أهمية عن عفة المرأة. عفة الرجل لا تقلل من رجولته إن كان يعيها حقا. عفة الرجل هي دلالة واضحة على قوة شخصيته وقدرته على التحكم بغرائزه.. لا تحكم غرائزه بقراراته وسلوكياته ولهذا كله.. فمن الضروري أن نعيد الاعتبار لمفهوم العفة لدى الرجل، ليس استنادا لقيم دينية وإسلامية تحتم علينا هذا فقط، بل أيضا استنادا لضرورات اجتماعية، تقوي صدق الرجل مع ذاته ومع أسرته، وتجعله لا يخجل من قول ما يمارسه أولا، ولا يمارس ما يخجل به ثانيا، وتلك هي أعلى درجات القوة والتماسك والرجولة بالتأكيد .