البرادعى وأبو الفتوح فى رسالة مشتركة: الأمن يتعامل مع دماء المصريين باستهتار

الناقل : فراولة الزملكاوية | الكاتب الأصلى : ماجدة سالم | المصدر : classic.akhbarak.net

الدكتور محمد البرادعى

الدكتور محمد البرادعى

أكد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أن الشعب المصرى كان يواجه قبل الثورة نظاما غشوما ومستبدا، والآن تمارس ضده نفس الأساليب "المباركية"، مطالبا بمحاسبة المتورطين فى الاعتداء على الشباب، قائلا "لست مع العدوان على مرافق الدولة أو تعطيل المرور وغلق الطرق، ولكنى لست أيضا مع مواجهة ذلك بالعنف والقتل، فالمفروض الأمن يفض المظاهرات دون ضحايا أو إصابات ولا يتعامل مع دماء المصريين باستهتار.

وأضاف الدكتور محمد البرادعى، خلال حلقة أمس الأحد، من برنامج "العاشرة مساء"، الذى تقدمه الإعلامية منى الشاذلى، جمعه بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح، أن الشعب بما فيه المجلس العسكرى جزء من مصر التى تفككت وتنهار بسبب تآكل المؤسسات الكاملة الأمنية والاقتصادية والسياسية، قائلا: "كنا بنقول مش هننضرب بعد سقوط النظام السابق الآن نحن نموت بعد الثورة والعشوائيات ساءت حالتها أكثر، وفى ظل استخدام همجى للسلطة والأسوأ البيان الذى خرج عن الحكومة تشكر فيه الداخلية على ضبط النفس وهذا بيان مخزى وكنت أربأ بالحكومة أن تنسحب وتعتذر وتسلم السلطة لمصريين آخرين".

وأكد أبو الفتوح أنه لا تناقض بين الخلفيات الدينية والليبرالية إذا كان ما يجمعهما هو مصلحة مصر، مشيرا إلى أن تحالفه مع البرادعى هدفه مصلحة مصر وليس المصلحة الذاتية قائلا "لو البرادعى كان قد حضر إلى مصر قبل 24 عاما قضاها لتأدية دوره بالخارج كنت حتما سأجتمع معه لنتعاون سويا من أجل مصر".


وأضاف البرادعى أن الكثير من القيم تجمعه بأبو الفتوح وتحالفهم كمصريين لأن الجميع يخسر بسبب انعدام الثقة بين السلفى والإخوانى واليسارى والليبرالى، مطالبا بحكومة إنقاذ وطنى لاستعادة الأمن والاقتصاد ومنع انهيار الدولة قائلا "لا نود الدخول فى صدام مع المجلس العسكرى حتى لا نخسر أكثر ولكنه لا يصلح لإدارة المرحلة، والقوى الوطنية أخطأت لانقسامها فى كل اتجاه وأطالب بدستور جديد يأتى بعده مجلس آخر يعبر عن وزارة وحدة وطنية تتمثل فيها كافة الاتجاهات لإدارة البلاد مع تفويض كامل لها من المجلس العسكرى".

ورد أبو الفتوح على الاتهام الذى يشير إلى مغازلته لليبراليين بتحالفه مع البرادعى قائلا "إن كان صح ما يقولونه فهو غزل عفيف بهدف التواصل مع كافة المصريين بمختلف اتجاهاتهم لأننا مقبلون على بناء وطن ومازال حتى اليوم دماء أبنائه تسال بسبب رغبتهم فى إنقاذ وطنهم ولابد أن نتحرك جميعا من أجل ثورتنا".

وأضاف أبو الفتوح أنه ليس ضد المجلس العسكرى ولكنه حذر كثيرا من أدائه البطىء والمرتبك الذى تسبب فى فقدان مصر أحد ثرواتها العظيمة وهى الثقة بين الجيش والشعب والذى يمثل خطرا على البلاد، مضيفا أن الشباب المصرى أكثر الحريصين على إتمام الانتخابات لأنها السبيل الوحيد لإقامة الديمقراطية ويدافع فيها المصرى عن شرفه السياسى واتهامهم بافتعال الفوضى من أجل تأجيل الانتخابات غير صحيح، مطالبا الجيش والشرطة بحمايتها من البلطجية، مؤكدا أن السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة هو عودة الجيش إلى ثكناته وإقامة الانتخابات البرلمانية فى ميعادها ويليها الانتخابات الرئاسية للخروج من الكساح والتخلف الذى نغرق فيه الآن.

وقال البرادعى معلقا على البيان الأخير للمجلس العسكرى "أول مرة نسمعه يعبر عن أسفه وهذه رسالة جيدة ولكن لابد أن يعلم أنه غير قادر على إدارة المرحلة من الناحية السياسية، ولابد أن نجد صيغة أخرى لإدارة مصر بدلا من حالات الاستقطاب الحادثة الآن والخلافات بين الفصائل المختلفة بسبب انعدام الثقة وطرح قضايا فى غير وقتها"، مشيرا إلى أن الفريق سامى عنان، أكد فى لقائه أمس أن الوثيقة ليست مسئولية المجلس العسكرى نفسه وإنما تتحملها معه القوى الوطنية التى اجتمعت مع الدكتور على السلمى.

وأوضح البرادعى أنه قال لعنان أن الوزارة بدون صلاحيات غير قادرة على الإدارة وأن الشعب بدأ يكره الثورة ويفقد الأمل بسبب عدم قدرتهم على توفير الأمن وأبسط متطلبات الحياة.

واستنكر أبو الفتوح فشل الحكومة فى توفير الاحتياجات الأساسية للشعب، مؤكدا أن مهمتها ليست وضع الخطط التنموية وإنما حفظ الأمن واستعادة الاقتصاد قائلا "المجلس العسكرى هو المسئول عما نعيشه الآن وهو صاحب طرح وثيقة السلمى التى فجرت الأزمة فى توقيت غير مناسب ونحن على أبواب الانتخابات بالإضافة لتراكمات سابقة من سوء إدارة الحكومة وعجزها عن أداء واجبها ومن فوقها المجلس العسكرى فنحن فى حالة ثورية، لابد أن يكون الأداء ثورى بنفس القدر وسرعة إصدار قانون العزل للقضاء على من أفسدوا الحياة السياسية فى مصر".

وأضاف أبو الفتوح أن القوى السياسية والشعب استقبلوا الجيش بالورود ولكن المجلس العسكرى لابد أن يدرك أنه يقوم بإدارة شئون مصر، وأن الانتقاد والمحاسبة والرفض والقبول جائز من طرف الشعب لأدائه، مشيرا إلى أن عودة الجيش وثكناته لن يتم إلا بإتمام العملية الانتخابية التى تأخرت كثيرا بدعوى إعطاء الفرصة لتكوين كيانات سياسية لأنه حجة غير منطقية، حيث لا تبنى الأحزاب فى أشهر وإنما سنوات عديدة قائلا "طرحت من قبل عمل مجلس رئاسى مدنى مكون من قضاة مصر ولم يؤخذ برأيى والآن نرفض العودة للمربع صفر ولن نقبل بأى محاولة لذلك".

وأكد البرادعى أن الثورة ليست مسئولة عن التدهور الحالى وإنما الأمن واختلاله وصلاحيات المجلس العسكرى التى لا يمارسها والحكومة التى تعمل سكرتارية لديه، مشيرا إلى وجود 6 أشهر قادمة للإصلاح والخروج من المأزق بإنهاء حالة الطوارئ والمحاكمات العسكرية للمدنيين مع حكومة توفر الأمن والاقتصاد وفرص العمل أما الدستور فيستغرق ما يشاء من وقت لوضعه لأن الشخص العادى يهمه طعامه وشرابه وليس الوثائق.

وطالب أبو الفتوح الشعب بالمشاركة فى الانتخابات ليس فقط من أجل التصويت وإنما لتأمين العملية بجوار الشرطة والجيش وضمان إتمامها بسلام لأن المجلس العسكرى يمثل السلطتين التشريعية والتنفيذية معا، ولابد من وجود برلمان يحاسبه إذا أخطأ ويليه انتخاب رئيس مدنى ثم وضع الدستور، مطالبا باعتذار الداخلية عن أحداث التحرير وإحالة المسئولين عن الدماء التى أريقت للمحاكمة مع صدور بيان من المجلسى العسكرى كاف، قائلا "لا معنى لتأجيل الانتخابات حتى لا يرتفع معدل الغضب الشعبى ضد المجلس العسكرى والحكومة".

وقال أبو الفتوح "لا أعرف لماذا اختلف أداء المجلس العسكرى فى الـ4 أشهر الأولى بعد الثورة عن الـ4 أشهر الأخيرة، ففى البداية كان مكملا للثقة بين الجيش والشعب أما الآن فمستشارو السوء التفوا حوله ودعموه باستشارات مسممة، فما وجه الاحتياج لوثيقة السلمى ونحن على أبواب الانتخابات ولماذا يصدر قانون انتخاب رؤساء الجامعات فى بداية الدراسة وليس فى شهور الإجازة"، مؤكدا أن معدل الجريمة لم يرتفع فى مصر بعد الثورة وإنما الخوف الذى يسكن النفوس هو المسيطر مع جهاز إعلام يضخم من خطورة الانفلات الأمنى.

وأشار أبو الفتوح إلى ثقته فى قدرة الشعب على تجاوز محاولة إعادته لما قبل 25 يناير، وأن المجلس العسكرى مرتبك وعليه أن يعلن عن الانتخابات الرئاسية عقب البرلمانية مباشرة لتحقيق الاستقرار للبلاد.

وأكد البرادعى أن وثيقة السلمى فجرت الأوضاع أكثر، مضيفا أن حالة الخوف والتربص المتبادل بين الجميع تسبب فى ظهور وثيقة السلمى مقترحا طرح كافة التيارات والأحزاب والأطراف بما فيها المجلس العسكرى لكتاب أبيض يوضح توجهاتهم، مطالبا القوى السياسية المؤثرة بالتواصل مع الشباب الثائر فى ميادين مصر، لأن الشرطة تمارس أسلوبا قمعيا لا يليق بالثورة، وهناك مندسون يريدون تخريب العملية الديمقراطية ولكن نسبتهم قليلة.

وطالب البرادعى بتكوين وزارة بعد شهر من الآن تعمل بجدية مع إعادة هيكلة جهاز الشرطة، مشيرا إلى أن إعلان النوايا بوضوح لكافة الأطراف لا يكفى فى هذه المرحلة والأهم هو وضع دستور يوضح معالم تركيبتنا السياسية قائلا: "عاوزين ناس عندها صلاحيات أيا كان شكلها أو توصيفها ولا أطمح أن أكون رئيس وزراء كما يشاع لأنه منصب بمثابة كبش فداء خاصة فى ظل دولة مفلسة ومنهارة ومؤسساتها غائبة".

وأكد أبو الفتوح أن بعض الأطراف طرحت تكوين مجلس استشارى من مرشحى الرئاسة البارزين وشخصيات عامة معروفة يساند المجلس العسكرى فى هذه المرحلة وللتشاور فى بعض القضايا المطروحة، قائلا "مش عاوزين نوصل الشعب لليأس وتقبلهم لعودة مبارك حتى يرتاحوا من هذه المعاناة ولابد أن يدركوا أن الثورة لها ثمن علينا دفعه.

واستنكر البرادعى عدم اعتذار المسئولين عن الدماء التى أريقت فى أحداث ماسبيرو قائلا: "الناس ملت ونفوسها معبأة وقاموا بثورة بأيديهم بدون سلاح ويريدون جنى الثمار لا قتلهم وضربهم فى ظل إعلام حكومى ناطق باسم المجلس العسكرى، بعد أن كان ينطق باسم مبارك ونظامه ووزارة الداخلية لو كانت عاوزة تبنى جسور ثقة مع الشعب لما قامت بأحداث التحرير الأخيرة".

وأوضح أبو الفتوح أن التظاهر والاحتجاج والاعتصام والإضراب حقوق إنسانية مشروعة على الدولة أن تحترمها وتحميها وأيضا على الشباب أن يحافظوا على مرافق الدولة دون قطع الطرق أو تعطيل الحياة مطالبا بمحاسبة أفراد الشرطة الذين اعتدوا على المعتصمين قائلا "لن تنهار الدولة وستظل قوية وأدعو الشعب بالثقة فى ربه وإمكانياته ونفسه ولن نسمح لأحد بإعادتنا للوراء وهذه حالة مخاض للديمقراطية وحينما يكون الشعب متعجل لجنى الثمار فهذا حقه لأنه عانى كثيرا".

ووجه أبو الفتوح نداء للشباب المتجمهر فى ميادين مصر قائلا "هذا وطنكم قدموا تضحيات كثيرة من أجله واستخدموا كافة أساليب الاحتجاج ولكن دون تخريب أو تعويق فدمائكم غالية"، مؤكدا أن العالم عندما يرى الأمن يريق الدماء بهذه الطريقة فى مظاهرة سلمية يستخف بالمصرى مطالبا بمحاسبة المخطئ وليس قتله.

وأوضح البرادعى أن مصر لم تشهد حتى الآن محاكمة فرد أمن واحد، فى حين ذهب 12 ألف مدنى للمحاكم العسكرية، قائلا "نحن نحصد الآن ثمار سوء إدارة 9 أشهر مضت بنظام انتخابى مختلط لا يعمل به فى العالم ودوائر مقسم بشكل غريب وتم تجريفنا ولكن المعدن المصرى مازال طيبا وحتى الآن لم نضع أقدامنا على الطريق السليم".

وأكد أبو الفتوح أن الأوطان لا تدار بالخطب والهتافات ولا داعى للبكاء على اللبن المسكوب، فليشرع الجميع فى بناء الديمقراطية التى ينص الدستور على ضماناتها ويحميها الشعب، مشيرا إلى أن الأفكار المتطرفة نتاج الحرية ويمكن دفعها بعيدا بالحوار، قائلا "جهاز الأمن المصرى دفع من قبل بتيارات متطرفة للمجتمع وحارب المعتدلة وقاد الأزهر وأضعفه وصدر له رموز لا تشرفه ولكن الأوطان لا تبنى على قلة المتطرفين الذين سيظلون موجودين والسلطة السابقة استطاعت تجريف القشرة الخارجية فقط ولم تستطع الوصول للنفس الداخلية".

ورد أبو الفتوح على سؤال خاص بوجود خطة للتحالف مع البرادعى فى الانتخابات كرئيس ونائبه "كل شىء قابل للبحث رغم عدم طرحنا لهذه الفكرة من قبل ولكننا الآن مهمومين بمصلحة مصر".